الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية

الروبوتات والعمليات الجراحية: روبوت داخل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي!!

هل تعرف جهاز الرنين المغناطيسي ؟؟ هل سبق وأجريت صور عليه وطلب منك الطبيب إبعاد كل الأشياء المعدنية؟؟ هل تعرف مدى قوة حقله المغناطيسي؟ هل شاهدت مدى ضيق حجرة التصوير؟ على الرغم من كل هذه المعوقات استطاع الباحثون ان يصمموا روبوتاً قادراً على أن يعمل ضمن كل هذه الظروف ليضمنوا المراقبة المستمرة بالصور أثناء العملية

تكمن إحدى النظرات المستقبلية في الجراحة الروبوتية بالمقدرة على إجراء العمليات بأبسط شكل ممكن تحت المراقبة والمسح المستمر للتصوير بالرنين المغناطيسي، لما لذلك من أهمية للطبيب لزيادة دقة العمل،وتسهيله.

عمل الباحثون في معهد البوليتكنيك في وورسستر (WPI) على تطويرأداة جراحة روبوتية ملائمة لجهاز MRI حيث تكمن مشكلة العمليات داخل جهاز MRI بالمساحة الضيقة، ناهيك عن أن هذه الآلات تستخدم حقولاً مغناطيسيةً قويةً جدًاللاطلاع على قوتها هنا هنا ، مما يمنع وضع أيٍ من المواد المعدنية داخل الجهاز، ويشكل عائقاً بالنسبة للجراحة الروبوتية. ولتغلب على قيود المساحة والمواد المستخدمة؛ تم استبدال المعدن بقطع من البلاستيك وأستخدام محركات السيراميك الكهروضغطية التي تتيح لهذه الأداة الجراحية العمل بأمان داخل جهاز MRI.

يجري حالياً اختبار الأداة على مرضى يخضعون لعملية استئصال لجزء من نسيج غدة البروستات- وهي غدة تناسلية ذكرية توجد أسفل البطن وتحيط بالإحليل في مكان خروجه من المثانة.- في مستشفى بريجهام في بوسطن. حيث يعتقد أطباء الأشعة أن استخدام صور الرنين المغناطيسي بشكل مستمر أثناء إجراء العملية سوف يساعد بتوجيه حركة الروبوت الجراحي مما يوفر دقةً غير مسبوقة.

يضم الروبوت نظام للتحكم ، دون أن يسبب أي تداخل كهربائي أو تأثير على جودة الصورة في جهاز .MRI ، شارك حتى الآن عشرات من الرجال في التجارب السريرية من أجل تقييم جدوى وسلامة خزعات – وهو إجراء طبي تؤخذ فيه خلايا أو نسيج عينةً للتحليل أو الفحص في مختبر.- غدة البروستات المستأصلة بمساعدة الروبوت الجراحي.

صورة للروبوت:

تعتبرالخزعة النموذجية -التي يقوم بها الأطباء للتأكد من سرطان البروستات- أبعد ما تكون عن الدقة، يقول طبيب الأشعة ومدير المركز الوطني للأشعة في مستشفى بريجهام Clare Tempany "عادة ما يستهدف الطبيب البروستات من خلال وضع الشبكة بين ساقي المريض، ثم يقوم الطبيب بادخال إبر عبر هذه الشبكة خلال الجلد وداخل كل ربع من الغدة للحصول على عينات الأنسجة." وهو ما وصفه الدكتور باستخفاف "الخزعة العمياء !! تؤخذ هذه الخزعات أحياناً بمساعدة التصوير بالموجات فوق الصوتية، الأمر الذي يتطلب إدخال عصا الموجات فوق الصوتية في مستقيم المريض. ولأن الموجات فوق الصوتية لا توفر صوراً واضحةً بما فيه الكفاية؛ يبقى الأطباء غير قادرين على جعل ضربات الإبر أكثر دقة فغالبًا ما ينتهي الأمر بأخذ 10-50 من العينات. أما عند إجراء العملية تحت المراقبة والتصوير المستمر لجهاز MRI، يمكن للطبيب تحديد الأجزاء الدقيقة من البروستات التي تبدو مشبوهة، وتوجيه أداة الجراحة الروبوتية لتلك البقع.

يكمن أحد التحديات في بناء هذا الروبوت الجراحي هو ضمان أن انبعاثات RF الترددات الراديوية للروبوت (تردد الموجات) لن تتداخل مع الحقول المغناطيسية والكهربائية المستخدمة في أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي مما قد يؤثر على الصورة وآلية عمل الجهاز.

ولحل هذه المشكلة تم اقتراح عدة حلول:

تم تجربة تحريك الروبوت بالمحركات الهوائية حيث أن لاستخدام الهواء ميزةً إيجابيةً وهي عدم وجود إشارات كهربائية إلا أن صعوبة السيطرة على الأمور عند استخدام ضغط الهواء تعتبر من السلبيات.

لذلك تم الاختيار بين عدد من المحركات الكهروضغطية (piezoelectric) المتاحة تجارياً، والتي تعتمد على تحويل الإشارة الكهربائية إلى تذبذبات تدفع الروبوت. تصمم هذه المحركات عادة لتكون ذات طاقة وتكلفة منخفضة.

تتوضع جميع إلكترونيات التحكم في صندوق موضوع بجانب جهاز التصوير، حيث ترتبط مع الروبوت داخل جهاز MRI عن طريق كبل من الألياف البصرية. مما يسمح بحرية وضعه في أي مكان داخل غرفة التصوير.

في عملية الحصول على الخزعة، يحدد الطبيب مكان الجهاز داخل ال MRI ويحدد أيضاً مكان إدخال الإبر بشكل دقيق. ومع كل هذه السيطرة والتحكم الواضح من الطبيب ، قد يتبادر سؤال للذهن: هل هذه الأداة الجراحية مؤهلة حقاً لتكون روبوت؟ يقول: فيشر وهو أحد المشرفين عالمشروع أن الجهاز لديه بعض الاستقلال "الحكم الذاتي"، حيث أنه يستشعر موقعه داخل ال MRI ويستطيع تحديد توجه مفاصل الحركة للإنتقال لموقع محدد.

ويضيف لقد أثبت النظام في الفحوصات المخبرية أنه قادر على التوجه المستقل وإدخال الإبر بناءً على قراءات صور الرنين المغناطيسي. على أن يبقى النظام تحت الاختبار حتى يصبح على استعداد للاختبار السريري.

عمِل فيشر وزملاؤه في البحث مع شركة Medsystems المتخصصة بتصميم أنظمة علاجية تعتمد على الموجات فوق الصوتية والإشعاعية المستخدمة في علاج سرطان البروستات، حيث يتم إدخال مصادر مشعة صغيرة داخل الورم. ويقول فيشرأن مختبره يسعى لايجاد العديد من التطبيقات الطبية الأخرى للروبوت، بما في ذلك العمليات التي تتم على الكبد والكلى، وحتى الدماغ.

في العام الماضي، تلقى المختبر منحة تقدر بنحو 38 مليون دولار من معاهد الصحية الوطنية الأمريكية للعمل على الروبوت المتوافق مع ال MRI للوصول لأداة جراحية للمخ والأعصاب، تمكن الجراحين من الوصول للهدف الصحيح واستئصال أورام الدماغ الدقيقة أو وضع أقطاب تحفيز الدماغ العميقة.

يبقى للوجود البشري في هذه الدائرة التطورية والثورة العلمية دور هام وأثر واضح، على أمل أن تغلق هذه الدائرة يوماً ما دون تدخل من الإنسان..!!

المصدر:

هنا