الكيمياء والصيدلة > كيمياء حيوية

الجبنة منتج كيميائي

في الوقت الذي قد تجدها أنت لذيذة الطعم, تكون ذات طعم كارثي لشخص اخر ... أنا أحب جبنة التشيدر وأنت ماذا تفضل؟

الجبنة ... دراسة الغذاء اعتماداً على الكيمياء


سواء كانت الجبنة جيدة أم سيئة، فإن نكهتها تتحدد بمكوناتها، على سبيل المثال هناك أكثر من 400 مركب يعطي النكهة لجبنة التشيدر ، وأصل هذه المكونات تأتي من عملية الاستقلاب التي تقوم بها الجراثيم والفطور والخمائر المضافة وكذلك من التفاعلات الكيميائية التي تحدث على بقية مكونات الجبنة.

قام الناس بصنع الجبنة منذ آلاف السنين وأدخلوا تحسينات على طرق تصنيعها للحصول على النكهة المطلوبة وذلك اعتماداً على التجربة، وحتى الآن لم تُكتشف جميع أسرار هذه الصنعة، فهناك الكثير من الفن والإبداع في صناعة الطعام المخمر والجيد.

التصنيع :

1- تبدأ عملية تصنيع الجبنة من الحليب، ونحتاج ما يقارب 10 باوند

(10 رطل) من الحليب لصناعة باوند ( رطل) واحد من الجبنة ويشترط في الكثير من البلدان كالولايات المتحدة مثلا أن يتم تسخين الحليب أولاً للتخلص من الجراثيم غير المرغوبه .

2- وبعد ذلك تضاف مستعمرات من الجراثيم المرغوبة كالعقديات Streptococci والعصيات اللبنية Lactobacilli.نوع السلالة الجرثومية وكمية الجراثيم المضافة هي المفتاح الذي يحدد النكهة النهائية للجبنة.تستهلك هذه الكائنات الدقيقة سكر اللاكتوز الموجود في الحليب وتحوله إلى حمض اللبن وحمض الليمون وغيرها من المنتجات الاستقلابية. في هذه الخطوة يبدأ تشكيل المركبات التي تعطي النكهة وتشمل الأسيت ألدهيد ,وحمض الخل و ثنائي الأستيل. كما أنه يقلل من درجة الحموضة في الحليب، والذي هو عادة 6،6-6،8، إلى نحو 5.3 في الجبن النهائي ، ويمكن أن تضاف في نهاية عملية التخمير الملونات حسب رغبة المصنعين.

3- في المرحلة التالية تتم إضافة أنزيمات الإنفحة المستخلصة من معدة العجول أو من الجراثيم، وتقوم هذه الأنزيمات بتفكيك الكازئين(الجبنين) Casein وهو بروتين منحل في الحليب. وتخثرالإنفحة المواد الصلبه في الحليب الى خثارة تعوم في محلول من سكر الحليب والمعادن والبروتينات المنحلة في الماء والمعروف باسم مصل اللبن. يتم تسخين الخليط وتحريكه للتخلص من مصل اللبن.

4- في النهاية تتم إضافة الملح والتوابل المختلفة وتضغط ضمن قوالب حتى تصبح جاهزة.

من الممكن تناول الجبنة كما هي أو تترك لفترة قد تصل إلى عدة أشهر للحصول على نكهة أقوى كبعض أنواع التشيدر.

وهذا يدل على أن التفاعلات الكيميائية والجرثومية تستمر خلال فترة التخزين، بعض هذه التفاعلات ينتج عنها ببتيدات تتفكك فيما بعد إلى حموض أمينية كالسيستئين والميثيونين. والعديد من المركبات الكيميائية والتي تعطي باجتماعها معاً نكهة الجبنة.

-كما أن نسبة المواد الدسمة تعطي نكهات الجبنة الغنية والمتنوعة والتي تختلف باختلاف الأذواق.وهي المسؤوله عن نكهة الجبن الأزرق 

- وحتى النظام الغذائي للأبقار يدخل في تحديد نكهة الجبنة، على سبيل المثال فالأبقار التي تتناول الأزهار والأعشاب تعطي جبنة ذات طعم أفضل وبنكهات مختلفة عن تلك التي تتناول العلف العادي في المزارع الإنتاجية.

يسعى الباحثون جاهدين في جعل صناعة الأجبان علما أكثر منه فناً، وأحد أهم الأبحاث في هذا المجال هو دراسة السلوك الحيوي الكيميائي والتركيب الجيني للجراثيم المستخدمة للتأثير على نكهة الجبن.

حيث قام الباحثون بدراسة التسلسل الوراثي للعديد من الجراثيم لتحديد الأنزيمات المؤثرة على النكهة وسبل الاصطناع الحيوي للمركبات الكيميائية المختلفة، في محاولة للحصول على سلالات مرغوبة من الجراثيم. ولكن بسبب النفور من الأغذية المعدلة الوراثية لم تستخدم هذه السلالات المعدلة في صناعة الجبنة.ولا يزال الاعتماد على الطرق التقليدية لعزل وتكثير الجراثيم هو السائد للحصول على مستعمرات تنتج كميات كبيرة من الأنزيمات المرغوبة.

في التسعينيات طلبت وزارة الزراعة في الولايات المتحدة مساعدة فريق من العلماء في تحسين وجبات الغذاء في المدارس وجعلها مغذية أكثر، وكان أحد الخيارات هو استعمال جبنة الموتزاريلا قليلة الدسم على البيتزا، ولكن المنتجات قليلة الدسم المتاحة تجارياً كانت ذات قوام ونكهة غير محببة، فقام فريق من الباحثين بتطوير جبنة موتزاريلا لذيذة و منخفضة الدسم لهذا السوق من خلال التصميم الجزيئي للكازئين والقطع الببتيدية ومن خلال التحليل الصناعي لبنية الجبنة وتقدير نواتج تحلل الكازئين عن طريق الرحلان الكهربائي وكذلك عن طريق تحليل صورة بنية الجبنة باستخدام المجهر الإلكتروني وباستخدام نظام تحليل غذائي .وهذا ساعد على تحسين نكهة ونوعية الجبنة قليلة الدسم والتي أصبحت تستخدم فيما بعد على نطاق واسع في الوجبات المدرسية.

إن مشكلة العديد من الأطعمة منخفضة الدسم أنها تفقد النكهة الغنية واللذيذة التي تمتلكها، وهنا يأتي دور علم كيمياء الأغذية في تحسين جودة ونوعية الأطعمة المختلفة والحفاظ على طعمها الجيد في آن واحد.

المصدر هنا