الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية

هل يمكن لليلة نوم سيئة أن تجعلك تأكل وجبات دهنية أكثر؟

أشارت دراسة جديدة إلى أنّ تجاوز ليلة نوم واحدة يسبّب تغيّراً في نشاط الدماغ مما يثير الرغبة في تناول المزيد من الدهون في اليوم التالي، حيث عملت هذه الدراسة على إيجاد علاقة بين قلّة النوم وخطر الإصابة بالسمنة.

إنّ النتيجة الرئيسية لهذه الدراسة تمحورت حول أنّ تجاوز ليلة نوم واحدة تغيّر وظيفة داخل دارات خاصة في الدماغ تسمى salience network، وهي مسارات في الدماغ يُعتقد أنّها مسؤولة عن عمليّة صنع القرار وفقاً لكاتب الدراسة Hengyi Rao.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد كشف اختبار مسح الدماغ الذي أُجري أثناء هذه الدراسة كيف تتغيّر هذه الشبكة بالضبط استجابةً لقلّة النوم، الأمر الذي مكّن الباحثين في نهاية المطاف من التنبؤ بدقّة بكميّة الدهون التي قد يستهلكها الفرد بعد تجاوزه لليلة نوم.

وتُعد هذه الدراسة هي الأولى من نوعها والتي تربط التغيرات في وظائف مناطق الدماغ مع الإستهلاك الغذائي الفعلي بعد الحرمان من النوم.

وأوضح مُعدّوا الدراسة أنّ دارات salience network تتكوّن من ثلاثة أقسام تتوضع جميعها في الجزء الأمامي من الدماغ. وتُشارك هذه المناطق مجتمعةً في ابتداء وتفسير العواطف والإدراك الحسي بالإضافة إلى وضع الاستراتيجيات العقلية.

لاستكشاف استجابة هذه الدارات لقلّة النوم، تمّ إجراء هذه الدراسة على 46 من الأشخاص البالغين الأصحاء غير المدخنين وغير المصابين بالبدانة والذين تتراوح أعمارهم بين 21-50 سنة. حيث صرّح هؤلاء بأنهم ينامون بشكل طبيعي من 6.5 - 8.5 ساعات في الليلة ولا يعانون من أي اضطرابات في النوم أو أي مضاعفات طبية أو نفسية مستمرة.

هذا وقد طُلب من جميع المشاركين قضاء خمسة أيام متتالية (بما في ذلك أربع ليال) في مختبر النوم. في الليلة الأولى حصلوا جميعاً على ليلة كاملة من الراحة حيث أمضوا حوالي التسع ساعات من الوقت في السرير، وبعد ذلك تمّ إجراء مسح دماغ لهم لتسجيل أداء الشبكة بشكل طبيعي بعد النوم الجيد.

بعدها تمّ اختيار 34 مشاركاً بشكل عشوائي ليتمّ حرمانهم من النوم في الليلة الثانية. حيث ظلّوا مستيقظين طوال الليل، في حين حصل بقية المشاركين على 8 ساعات من النوم.

ثم أُجري المسح الدماغي مرّة أخرى، وبعد ذلك سُمح لجميع المشاركين في التحرّك، ومشاهدة التلفزيون والقراءة وتشغيل الفيديو والألعاب والأكل كثيرا أو قليلاً كما يشاؤون. حيث تمّ طلب جميع الوجبات الغذائية من قائمة خاصة متاحة لهم وتمّ تسجيل المدخول الغذائي لكل شخص.

فكانت النتيجة أنّ تلك المجموعةالتي تمّ حرمانها من النوم استهلكت ما يقارب الـ 950 سعرة حرارية إضافية خلال الليلة التي أُجبروا فيها على البقاء مستيقظين. وكان إجمالي السعرات الحرارية المستهلكة هو نفسه بين أفراد المجموعة المحرومة من النوم خلال اليوم الذي تلى ليلة السهركما كان متساوياً بين أفراد المجموعة الأخرى. ولكن عند حساب السعرات الحرارية وتوزّعها على الوجبات المأكولة، وُجد أن هنالك فروقات كبيرة بين المجموعتين؛ حيث أنّ الأفراد الذين حُرموا النوم استهلكوا دهوناً أكثر وسكريات أقل بكثير من الأفراد الذين ناموا. وفي الوقت نفسه فإنّ المسح الدماغي أظهر نشاطاً أعلى في عمل دارات salience network لدى الأفراد المحرومين من النوم.

وخلص الباحثون إلى أنّ الأشخاص الذين يعانون من هجمات يقظة قسرية - مثل أفراد الجيش، سائقي الشاحنات أو العاملين في المجال الطبي - قد يكونون أكثر عرضة لاتخاذ الخيارات الغذائية غير الصحية بسبب التغير في نشاط الدماغ.

ويجب التأكيد هنا إلى أنّ هذه الدراسة ركّزت فقط على تأثير ليلة واحدة من قلّة النوم، لكن من المرجّح أنّ الحرمان المزمن الجزئي للنوم يؤثر على الدماغ بطريقة مشابهة لذا فإنالحصول على النوم الكافي قد يكون استراتيجية رئيسية للحفاظ على وزن صحي.

وأشار الباحث Derk-Jan Dijk إلى أنّه من المهم المضي قدماً لدراسة كيفية تأثّر كل من الدماغ والعادات الغذائية بقلّة النوم المتواصلة والتي يعاني منها الأشخاص الذين ينامون فقط من خمس إلى ست ساعات يومياً.

في الواقع فإن قلة النوم ليست السبب الأهم في تغير الأنماط الغذائية للشخص أو الإصابة بالبدانة، ولكن إيجاد علاقة بين قلة النوم والنشاط الدماغي وتأثيرها على اختيار أنواع الطعام يعد أمراً مهماً وملفتاً.

المصدر:

هنا