الفيزياء والفلك > علم الفلك

الفلكيون يحققون في الأحداث العنيفة حول الثقب الأسود في مركز مجرتنا

من ترك تلك الندوب العميقة في قلب مجرتنا ؟ للإجابة عن هذا السؤال قام فريق من علماء الفلك في معهد ماكس بلانك لفيزياء الفضاء الخارجي بالاستعانة بالصور الكونية الملتقطة باستخدام تلسكوب XMM-Newton (*) والمختص بالتقاط الأشعة السينية . حيث كان المشتبه به الرئيسي هو الثقب الأسود الفائق الكتلة القابع في مركز المجرة. لكن يبدو أن عدداً كبيراً من النجوم الضخمة والانفجارات النجمية ليست بريئة بشكل كامل أيضاً.

تعد دراسة الأشعة السينية القادمة من مركز المجرة موضوعاً هاماً جداً في علم الفلك. وقد كان أجراء مسح كامل لمركز المجرة واحداً من أوائل المشاريع الضخمة التي تمت الموافقة عليها وتنفيذها بواسطة تلسكوب الأشعة السينية XMN-Newton مباشرة بعد اطلاقه. أجرى فريق بقيادة علماء من معهد ماكس بلانك لفيزياء الفضاء الخارجي مؤخراً مسحاً جديداً بواسطة هذا التلسكوب، وقاموا بربط هذه المشاهدات بكل البيانات المؤرشَفة للحصول على أفضل الخرائط حتى الآن لانبعاثات الأشعة السينية بطيفيها (الخطي والمستمر).

تمكن الفريق بواسطة هذه الخريطة من وضع توصيف مفصل لتبِعات الأحداث الكارثية حول الثقب الأسود والتي أدت الى إطلاق كميات هائلة من الطاقة. أفضت الدراسة إلى اكتشاف كيف تقوم فقاعات بلازما ضخمة مصدرة للأشعة السينية (تمتد على مدى عشرات السنين الضوئية) بالتأثير على البيئة المحيطة بها. مسببة فجوات ضخمة في الغاز والغبار والبلازما الأبرد في مركز مجرة درب التبانة.

القاء القبض على الوحش الضخم متلبساً :

كان أحد أبرز الأدلة التي تم الحصول عليها من صور الأشعة السينية زوج من " الفصوص " ثنائية القطب يمتد على مسافة عشرات السنين الضوئية فوق وتحت مستوي المجرة ، والمتمركز في موضع الثقب الأسود الفائق الضخامة . أشارت الأدلة الظرفية السابقة الى تورط الثقب الأسود لكن هذه الأدلة الجديدة أكدت تورطه مع عصابته من النجوم في هذه الأحداث .

في الواقع مصادر المادة والطاقة (اللازمة لملء هذه الفصوص ثنائية القطب بالغازات الساخنة المطلقة للأشعة السينية) يمكن إما ان تكون تدفقات أطلقت من مكان قريب جدا من أفق حدث الثقب الأسود الفائق، أو من الرياح القادمة من النجوم الكبيرة التي تدور حول الثقب ، أو من الأحداث العنيفة المرتبطة بموت أحد النجوم الضخمة القريبة من الثقب.

البلازما الدافئة على أطراف المنطقة المصورة:

اكتشف الفريق أيضا دلائل على وجود بلازما دافئة في أطراف الصورة الملتقطة. تمتد هذه البلازما على مدى مئات السنين الضوئية. مما يدل على أن هذه الأحداث العنيفة في مركز المجرة لها تأثيرات يمكن أن تمتدّ بعيداً إلى ما وراء تلك المنطقة. هذه البلازما المكتشفة حديثاً يمكن أن تكون مرتبطة بوجود وسط حار و غير متجانس من الغازات الحارة التي تخترق مركز المجرة. وربما تستمد طاقتها ومادتها من التدفقات المتتالية او المستمرة للطاقة والكتلة والتي تنبعث من نواة درب التبانة. تم رصد بعض البنى المشابهة في مراكز مجرات أخرى بين حين وآخر . لكن وبسبب قرب مركز درب التبانة فإن خرائط تلسكوب XMM-Newton يمكن أن تصوّر مباشرة هذه الظاهرة بشكل مفصّل.

فقاعات ضخمة في قلب المجرة:

اضطراب آخر تم رصده في تلك المنطقة المضطربة فبعض الفقاعات الضّخمة جداً (تجاويف عملاقة تمتد على مدى عشرات السنين الضوئية) تحوي على بلازما ساخنة تصدر اشعة سينية منخفضة الطاقة (تدعى أيضا بالأشعة السينية الناعمة). تحوي منطقة كهذه على طاقة تقدر بـ 10^51 erg على الأقل ( حيث كل 1 ERG يساوي 10^-7 جول) وهي تقريبا الطاقة الكلية المنبعثة من الشمس خلال فترة حياتها الممتدة حوالي عشر مليارات سنة.

تشير الدلائل الجديدة أن هذه البنية الهائلة قد تضخمت خلال عشرات آلاف السنين نتيجة الرياح القوية القادمة من أضخم النجوم في التجمعات النجمية ( تجمع التوائم أو Quintuplet cluster الموجود بالقرب من مركز المجرة ) والأحداث الكارثية مثل انفجار النجوم الضخمة. مثل هذه الانبعاثات الكبيرة من الطاقة لها تأثير عميق على تطور المادة بين النجمية في مركز المجرة.

إعادة تصور ماحدث باستخدام صور الأشعة السينية الجديدة هذه سيعطي العلماء فكرة أوضح عما حصل في المجرة خلال مايقارب ملياري سنة ماضية . كما أنها ستمكنهم من التنبؤ بكيفية تطور مجرة درب التبانة مستقبلا . أمرُ واحد لا شك فيه وهو أن الأحداث العنيفة التي تتم في جوار مركز المجرة سوف تستمر في المستقبل بكل تأكيد.

XMM-Newton * : أو ما يسمى the X-ray Multi-Mirror Mission تلسكوب الأشعة السينية متعدد المرايا هو تلسكوب قامت بإطلاقه وكالة الفضاء الأوروبية عام 1999 وقد تم تصميمه لدراسة الاجسام الفلكية العديدة التي تصدر أشعة سينية ، حيث تنبعث الأشعة السينية من الأماكن التي تم فيها تسخين الغاز حتى ملايين الدرجات المئوية في اي وقت سابق أو من أماكن تواجد الحقول المغناطيسية القوية ، وهو التلسكوب الاكثر حساسية للأشعة السينية وذلك بفضل المرايا ال 58 التي تقوم بتجميع أشعة سينية أكثر من اي تلسكوب أشعة سينية آخر

المصدر: هنا