الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية

عندما يصبح الوشم ضرورة طبية

عندما يصاب الإنسان بمرضٍ مزمنٍ فإنّه سيقضي معظم وقته في المخابر الطبيّة ليُجري التحاليل اللّازمة لمراقبة صحته ،والكثير منّا يسأم من القيام بهذه التحاليل بشكل دوري وأحياناً يتناساها وذلك لأنّ العديد منها مؤلم.

ما تؤمنّه الحساسات الحيويّة اليوم لطالما انتظرناه ،فبفضلها ستصبح جميعُ التحاليل الطبيّة موجودة في رسمٍ صغير على ذراعنا أو قدمنا. حيث سيتمكن مرضى السكّري من مراقبة معدّل سكر الدمّ في جسمهم بواسطة حبر خاص محمّل بحسّاسات،وكذلك سيسمح بمتابعة بعض العناصر الكيميائيّة الأخرى في الجسم. 

يمكن تشبيه هذا الحساس بالوشم المؤقت الّذي يتم رسمه مرّة واحدة ويمكن قراءته عدّة مرّات ،ويساعد هذا الحبر أيضاً مالكي المنازل على اختبار وجود أي ملوّثات سامّة ،ويُمكّن الجنود من الكشف عن المتفجّرات و غازات الأعصاب في ساحات المعارك.

ممّا يتكون هذا الحبر؟...

وضّح باحثون في جامعة كاليفورنيا سان دييغو - والمسؤولون عن تطوير هذا الحبر- مكونات هذا الحبر في إحدى الجرائد العالميّة. حيث يعتبر أنزيم أوكسيديز الغلوكوز المكوّن الرئيسي لهذا الحبر وهو الّذي يستجيب لغليكوز الدم ويتفاعل معه ، و التايروسينيز(tyrosinase) الّذي يستجيب لبعض الملوّثات التي تعرف بالفينولات (حمض الكربوليك). ولجعل هذا الحبر ناقلاً للتيار الكهربائي تمّ إضافة مسحوق الغرافيت الناقل للتيار الكهربائي. كما قاموا بإضافة الشيتوزان(chitosan) وهي مادة تساعد على التخثر وتوجد في الضمادات وتعمل على مساعدة الحبر لكي يلتصق على الأسطح ،إكسيليتول (chitosan) وهو بديل للسكر يساعد على استقرار الأنزيمات أثناء التفاعلات الكيميائية ،ويبقى أخيراً المكوّن الّذي يقوم بجمع تلك المكونات معاً وهو غلايكول بولي إتيلين (polyethylene glycol) الحيوي الّذي يستخدم في العديد من الأدوية. [1]

كيف يتمّ استخدام الحبر؟...

إنّ استخدام هذا الحبر يماثل الوشم المؤقت، فقط أمسك القلم الّذي يحوي الحبر المحمّل بالأنزيمات وارسم شكلاً ما على ذراعك أو قدمك ومن ثمّ سيتفاعل الحبر مع كيمياء جسمك بطريقةٍ أو بأخرى. وباستخدام جهاز بلوتوث يمكن أن ترسل النتائج إلى أجهزة مراقبة أو تخزين. حيث تتشكّل شبكة من الحساسات المؤلفة من الرسومات المشكلة بالأحبار الإلكتروكيميائية على شريط خاص . [2]كمرحلة اولى يتم وضع نقطة دم على الحساس المرسوم ليتفاعل الحبر مع غلوكوز الدم ويقوم الحساس بقياس شدّة هذا التفاعل ويحدّد على أساسها نسبة سكر الدمّ. ويأملون مستقبلا أن تعمل مباشرة على الجلد دون الحاجة للوخز للحصول على عينة الدم وأشار الباحثون إلى أنّ هذه الحساسات الحيويّة قابلة لإعادة الاستخدام ،حيث كان عليهم فقط أن يقوموا بمسح الشريط جيّداً ثمّ إعادة الرسم بقلم الحبر عليه.

إذاً هل مازلنا بحاجة إلى وخز الأصبع وتحمّل ذلك الألم عند كل مرّة نريد القيام بالتحليل؟!..

كما سبق وأشرنا فإنّ هذا الحبر يمكن رسمه مباشرةً على الجلد وبالتالي يتم ذلك دون الحاجة للقيام بوخز الإصبع ،حيث يقوم الحبر بقراءة معدلات الغلوكوز عبر الجلد ومن ثمّ إرسال النتائج بوساطة جهاز بلوتوث.ويقدّر المستثمرون أنّ كل قلم يحوي ما يكفي من الحبر ليرسم ما يساوي تقريباً 500 شريط حسّاس لغلوكوز الدم .يمكن لهذه الأقلام أن ترسم الحساسات على الأوراق لتكشف عن الملوّثات مستخدمةً حبر حساس للفينول، وقد لاحظ العلماء أنّه يمكن تعديل الحبر ليتفاعل مع العديد من الملوّثات الأخرى كالمعادن الثّقيلة والمبيدات.[1] كما تستخدم للكشف عن الأسلحة الكيميائية المستخدمة في الحروب والمتفجرات وفي كل الحالات أخرى التي يكون فيها من المفيد معرفة الخلفية الكيميائية لسطح أو بيئة ما . أيُّ شيءٍ قابلٍ للتفاعل بطريقة الكتروكيميائية –نظريّاً- يمكنُ تحسّسه. [2]

لا يقتصر استخدام قلم الحبر على الجلد أو أوراق الأشجار، حيث يرى الباحثون أنّه يمكن رسم الحساسات مباشرةً على التلفونات الذكيّة لتأمين مراقبة شخصيّة وغير مكلفة للصحة أو يمكن رسمها على الجداران الخارجية للأبنية وذلك للكشف عن الملوّثات من الغازات السّامة. [3] 

لمشاهدة القلم وإمكانية الكتابة بواسطته على مختلف السطوح يمكن مشاهدة الفيديو الآتي

ما الّذي يميّز هذا النوع من الحساسات؟...

أشار الباحثون إلى أنّ هذه الأقلام يمكنها مساعدتنا في الحصول على حساسات مفيدة بسهولة وبأسعار رخيصة في أي مكان وأي وقت نحتاجها فيه.

تكمن الخطوة القادمة للباحثين بوصل الحساسات لاسلكيّاً بأجهزة المراقبة وتحليل كيفية عملها في الظروف الصعبة كدرجات الحرارة الشديدة، ومستويات الرطوبة المختلفة والتعرّض المستمر لأشعة الشمس. [1]

يشكل الحبر الّذي طوّره هؤلاء الباحثون قفزة كبيرة في عالم الحساسات...فأجهزة التحليل المؤلمة وأدوات تعقّب المتفجرات والملوّثات الكبيرة أصبحت كلّها متوفرة في رسم صغير على جلدنا.على أمل أن يستمر التطوّر في هذا المجال لعّلنا نصل يوماً إلى حبرٍ يمكّننا من توقع الجلطات الدماغية أو القلبية قبل حدوثها...

المصادر:

[1]هنا

[2]هنا

[3] هنا