الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

تشمّع الكبد Cirrhosis

يحتلّ تشمّع الكبد المرتبة الثانية عشرة على لائحة الأسباب المؤدّية للموت، فهو مرضٌ بطيءُ التطور، حيث يعتبر تشمّع الكبد مرحلة متأخرة من تندّب (تليُّف) الكبد الذي تُسبّبه عدّة أمراض كبديّة كالتهاب الكبد أو الاستخدام المفرط للكحول.

يزن الكبدُ حوالي ثلاثة كيلوغرامات فهو أكبر عضوٍ صلبٍ في الجسم، ويقوم بعدّة وظائف هامّة كـ :

• تصنيع بروتينات الدم التي تقوم بوظائف عديدة كالتخثّر (عوامل التخثر) ونقل الأوكسجين وتصنيع البروتينات المناعيّة.

• تخزين الفائض من المواد الغذائيّة لإعادتها إلى الدم عند الحاجة.

• اصطناع العصارة الصفراوية الضرورية لهضم الطعام.

• تخزين الغلوكوز على شكل غليكوجين لاستخدامه عند الحاجة.

• تخليص الجسم من المواد المؤذية والسموم التي تجري في الدم كالأدوية والكحول.

• تحطيم الدهون المشبعة وإنتاج الكولسترول.

إن تشمّعَ الكبد مرضٌ بطيءُ التطور حيث تتحوّل الأنسجة الكبديّة السليمة إلى أنسجة متندّبة، مما يمنع الكبد من القيام بوظيفته بشكلها الأمثل، حيث تعيقُ الأنسجةُ المتندّبة تدفّقَ الدم عبر الكبد مما يُبطئ معالجة المُغَذّيات والهرمونات والأدوية، كما يبطئ إنتاج البروتينات والمواد الأخرى التي ينتجها الكبد.

ويعتبر تشمّعُ الكبد مرحلةً متأخرةً من تليف الكبد الذي تسبّبه عدّة أمراض كبدية كالتهاب الكبد والاستخدام المفرط للكحول، حيث يحدث التشمع كردّة فعل على الأذية التي تصيب الكبد (فعندما يتعرّض الكبد إلى أذيةٍ ما فإنّه يحاول إصلاحَ نفسه عن طريق تشكيل الندبات) وتزداد وظيفة الكبد سوءاً كلما كثُرت هذه الندبات، وللأسف فإنّ الأذية الكبدية الناجمة عن التشمّع لا يمكنُ عكسها وشفاؤها، ولكن إذا ما تمّ كشف التشمّع باكراً وعُولج سببه فمن الممكن الحدّ من الأضرار الناجمة.

ما هي أعراض تشمّع الكبد؟

تتنوّع الأعراضُ الناتجة عن تشمّع الكبد بحسب المرحلةِ التي وصل إليها المرض، فقد لا تظهر أيّ أعراض في المراحل الأولى من الإصابة، ومع تقدّم المرض ستظهر الأعراض التالية :

• التعب والإرهاق.

• سهولة النزف: بسبب نقص إنتاج عوامل التخثر.

• سهولة التكدّم : حيث أن الرضوضَ البسيطة ستسبب نزوفاً تحت الجلد تتظاهر على شكل كدماتٍ، وسببها نقصُ الصفيحاتِ الحادثُ في سياق التشمع، إضافة إلى نقص عوامل التخثر.

• الحكّة.

• اصفرار الجلد والعين (اليرقان).

• تراكم السوائل في البطن (الحَبَن).

• فقدان الشهيّة.

• الغثيان.

• وذمة في الطرفين السفليين (توذّم الأرجل): وسببها نقص بروتين الألبومين في الجسم، فالكبد هو المصنّع الرئيسي لبروتينات الدم.

• خسارة الوزن.

• تشكّل العنكبوتاتِ الوعائيةِ على الجلد، وهي عبارة عن توسعات وعائية تحدث في الأوعية الدموية تحت الجلد وتظهر على شبكة العنكبوت، سببُها زيادةُ مستوى الإستروجين نتيجة نقص استقلابه في الجسم.

• تخليط ذهني ووَسَن وميل للنوم وتلعثم في الكلام (وهذا ما يسمى بـ الاعتلال الدماغي كبديّ المنشأ).

ما هي المضاعفات التي قد تنجم عن تشمّع الكبد ؟

• ارتفاع الضغط الدموي في الأوردة المغذية للكبد (الأوردة البابية) وانتفاخ أو توذم الأرجل والبطن وتضخّم الطحال والنزف.

• كثرة الإصابة بالإنتانات.

• سوء التغذية.

• تراكم السموم في الدماغ مسبباً اعتلال الدماغ كبديّ المنشأ، فالكبد المتشمّع يفقد قدرته على تنقية الدم من السموم التي تتراكم في الدماغ مسببة تخليطاً ذهنيّاً ومشاكلَ في التركيز وقد تتطوّر هذه الأعراض لتُدخِل المريضَ في غيبوبة أو سبات.

• اليرقان.

• تشكّل الحصيّات الصفراويّة.

• أمراض العظام حيث تزداد نسبة الكسور العظميّة عند مرضى التشمّع.

• ازدياد فرص الإصابة بسرطان الكبد.

ما هي أسباب تشمّع الكبد؟

• الشرب المفرط للكحول.

• تشحّم الكبد المترافق مع داء السكري ومع البدانة.

• التهابات الكبد الفيروسية المزمنة (كالتهاب الكبد B وC والتهاب الكبد من النوع D النادر نسبياً).

حيث يعتبر الشرب المفرط للكحول والتهاب الكبد B وتشحّم الكبد من أشيع الأسباب المؤدية إلى التشمّع، ولكن هناك أسبابٌ أخرى كـ :

• انسداد القناة الصفراوية التي تحمل الصفراء المتشكّلة في الكبد إلى الأمعاء لتساعد على هضم الدسم.

وهناك بعض الأسباب الوراثيّة التي قد تؤدي إلى الإصابة بالتشمّع وأهمها:

• تراكمُ الحديد في الجسم (داء ترسّب الأصبغة الدموية Hemochromatosis).

• تراكمُ النحاس في الجسم (داء ويلسون).

• التليّف الكيسيّ Cystic fibrosis.

• أدواء خزن الغليكوجين*، حيث يعجز الجسم عن التعامل مع الغليكوجين.

• عوَز مضادّ التربسين ألفا (Alpha 1 antitrypsin deficiency).

وهناك أسباب أخرى أقلّ شيوعاً للتشمّع كالتعرّض المزمن والمطوّل للسموم البيئية، أو العدوى ببعض الطفيليات مثل البلهارسيا المنتشرة في بعض البلدان النامية كمصر، والتشمّع النّاجم عن تناول بعض الأدوية.

وقد يصاب بعض النّاس بالتشمّع عند اجتماع أكثر من سبب كالإفراط في شرب الكحول إضافة لالتهاب الكبد من النوع B.

هل يصاب جميع الأشخاص الذين يُفرطون في المشروبات الكحولية بتشمع الكبد؟

يتسبّب معظم الناس الذين يشربون كميات كبيرة من الكحول بإيذاء أكبادهم، ولكن لا يُصاب جميعهم بتشمّع الكبد.

وتعدّ النساء اللواتي يفرِطْن في تناول الكحول أكثر عرضةً للإصابة بالتشمّع من الرجال.

كيف يتمّ تشخيص تشمّع الكبد ؟

للأسف لا يتمّ تشخيص المراحل المبكّرة من التشمّع لأنه لا يُبدي أيّ أعراض، ولكن قد يتمّ الكشف عنه صدفةً عند إجراء فحص روتينيٍّ للدم، وقد يقوم الطبيب بإجراء فحوصٍ أخرى لتشخيص التشمّع كـ :

• فحص وظيفة الكبد Liver function أو ما يعرف اختصاراً ب LFT: حيث يتمّ فحص الدم بحثاً عن البيليروبين الفائض وعن بعض الأنزيمات التي تدلّ على أذية الكبد.

• فحص وظيفة الكلية Kidney function أو ما يعرف بفحص KFT: حيث يتم التحقق من نسبة الكرياتينين في الدم.

• إجراء فحوصات للكشف عن التهابات الكبد الفيروسية B و C.

• فحوصات التخثر.

• وكما قد تُجرى بعضُ الصور كصورة الرنين المغناطيسي MRI أو التصوير المقطعي المحوسب CT Scan.

• وقد يقوم الطبيب بأخذ خزعة من الكبد لتحديد شدّة الإصابة بالمرض والبحث عن سببه.

ما هو علاج تشمّع الكبد ؟

يعتمد علاج التشمّع على سبب وحجم الأذيّة الكبديّة، حيث يهدف العلاج إلى إبطاء تشكّل الأنسجة المتندّبة (الندبات) في الكبد وإلى علاج الأعراض والوقاية من المضاعفات التي قد تحصل مستقبلاً، وقد يُدخَل المريض إلى المشفى إذا كانت إصابته شديدة.

يمكن في المراحل المبكرة من التشمّع الحدّ من الأضرار بإيقاف السبب المؤدّي للإصابة كـ :

• علاج إدمان الكحول : فإن كان إدمان المشروبات الكحولية هو المسبّب لتشمع الكبد فعندئذٍ لا بدّ من الإقلاع عن الكحول.

• خسارة الوزن.

• تناول الأدوية لعلاج التهاب الكبد من النوعينB أو Cوالحد من تطوّرهما.

كذلك قد تُوصَف بعض الأدوية التي تساعد على تخفيف أعراضٍ كالحكّة والتّعب والألم.

وكما تُوصَف بعضُ الأدوية التّغذوِية (كمكملات غذائية nutritional medications) لعلاج سوء التغذية المرافق للتشمّع ولمنع هشاشة العظام.

إن جميع العلاجات سابقة الذكر لا تعدو أن تكون تلطيفيةً مخففةً للأعراض، أما العلاج الشافي فهو زرع الكبد، ففي المراحل النهائية والمتقدمة من التشمع لن يكون أمامَنا إلا خيارٌ واحدٌ وهو زرع الكبد، حيث نقوم باستبدال الكبد المتشمع بكبد طبيعي من متبرع ميت، أو بأخذ جزء من كبد متبرعٍ حي.

(*الغليكوجين وهو من أهم مصادر الطاقة حيث يقوم الجسم بتحويله إلى غلوكوز)

إعداد : ربا مراد

تدقيق : رياض العسس

تدقيق لغوي: ربى خضر

هنا

هنا