الطب > الجراحة

الآلام الوجهية الفكية التالية للجراحة.. هل تستجيب جميعها للمسكّنات؟

يعاني الكثيرُ من المرضى من ألمٍ شديد بعدَ العمليّات الجراحيّة وبعد معالجاتِ الأسنان، يتّصفُ هذا الألم بعدم استجابته للمُسكِّنات المختلفة أو المهدِّئات أو غيرها من الأدوية النفسيّةِ والعصبيّة من جهة، وبارتباطه بنقصِ هرمون الدّوبامين (هرمون السعادة Dopamine) في الجسم من جهة أخرى. لهذا تُعتبرُ زيادةُ جرعةِ الأدويةِ أو تغييرُها غيرَ مفيدةٍ بل وضارّةً حتّى، حيث يؤدي اعتياد الجسم على هذه المسكنات إلى حاجته لجُرعاتٍ أعلى في المرّاتِ التالية للوصول إلى مستوى التسكين ذاته في الحالات المرضيّة التي يمكن للمسكنات تهدئتها.

يُحدِّثنا الدكتور الباحث وسام ديب ديب عن هذا الموضوع وفقاً لدراسة جديدة أجراها بالتعاون مع زملائه وقام بإهدائها للباحثين السوريين أملاً بأن تعُمَّ الفائدة قُرّاءَنا وباحثينا على حدٍّ سواء:

يظهر الألم المُزمن التالي للعمليات الجراحية في الاختصاصات الطبية التي تهتم بدراسة أمراض الفم والوجه والفكَّين كتحدٍّ مُرعِبٍ يواجه جراحي الوجه والفكَّين وأطباء الفم والأسنان وأطباء العصبيّة والأطباء النفسيين، وكذلك علماء النفس والاجتماع على حدٍّ سواء؛ وذلك لما له من تأثيرٍ مدمِّرٍ لنوعيّة الحياة (quality of life) عند المريض؛ مما يؤدّي إلى دخوله في دهاليزِ حلقةٍ مفرغةٍ من الاكتئاب والاضطرابات النفسية التي تقود في كثير من الحالات إلى الانتحار.

نعم! إنها آلامٌ مبرّحةٌ لا تستجيب لأيِّ نوعٍ من أنواع المعالجاتِ المتاحةِ في الأسواق، بما في ذلك المورفينات والكيتامينات ومضادّات الصّرع والاكتئاب.

أما السؤال: لماذا عجِز العلمُ والطبُّ حتّى هذه اللحظة عن فهم الآلياتِ العصبيَّةِ الخلويَّةِ والجزيئيَّةِ الكيميائيَّةِ الحيويَّةِ المتورِّطةِ في ظهور هذه الأمراض؟

يقول الدكتور ديب: أظهرت دراستُنا التي نُشِرَت في كانون الثاني من هذا العام 2015 نتائجَ بحثٍ علمي أجريناه، نتحدّثُ فيه كيف يمكن للَّمس في منطقة الوجه أن ينقلب ألماً مبرحاً ومزمناً بعد بعض الرُّضوضِ التاليةِ للعمليات الجراحيّة الفكيّة، واقترحنا حينها نظريّةً تفيد بوجود شبكةٍ عصبيّةٍ في مستوى البصلةِ السيسائيّة قادرةٍ على أن تحيدَ بالسيالةِ العصبيّةِ اللمسيّةِ من طريقها الأساسيّ لتأخذ طريق السيّالات العصبيّة الألميّة، فيتحوَّل الحسُّ اللمسيُّ بالضّغطِ إلى حسٍّ ألميّ.

ورُغمَ عَدَمِ قُدرةِ الباحثين حتّى الآن على تفسيرِ سببِ هذا التحوُّل وظهورِ هذه الآلام، فقد لاحظنا ارتفاعَ نسبةِ ظهورِها عندَ المرضى الذين يعانون بشكل أساسيٍّ من اضطراباتٍ نفسيّةٍ أو عصبيّة، وخاصّة الاضطرابات في إفرازِ هرمون السعادة (الدّوبامين)؛ هذا الهرمون الذي أظهرت الدراسات تورُّطه بالأمراض المختلفة التي تسبب آلاماً وجهيّةً فمويّة.

للإجابةِ على هذا السؤال أجرينا بحثاَ علمياَ استغرقَ قرابة الثلاثة أعوام بين عاميّ 2012-2015 نتحدّث فيه عن دور العصبونات الدوبامينّة في قاعدة الدّماغ في ظهور هذه الآلام الوجهيّة الفكيّة.

لقراءة البحث كاملاَ:

هنا

إهداء د.وسام ديب ديب:

أُهدي هذا البحث إلى أطفالي وأطفالِ سوريا والعالمِ أجمعين مع تمنيّاتي أن تنتهي هذه الحربُ عمَّا قريب، و أن يعُمَّ السلام سوريَّتنا الحبيبة.

إعداد: د. وسام ديب ديب

تدقيق: بيلسان أحمد

تدقيق: عمار سيفو

المصدر:

W. Dieb، O. Ouachikh، F. Durif and A. Hafidi. Nigrostriatal dopaminergic depletion produces orofacial static mechanical allodynia. European Journal of Pain; 2015، 10.1002/ejp.707

هنا

حقوق الصورة:

Getty images