المعلوماتية > اتصالات وشبكات

ما هي آلية إجراء المكالمات عن طريق شبكة الهاتف المحمول؟

كيف تُجرى المكالمات باستخدام الهاتف المحمول؟ ما الذي يجعله مختلفًا عن الهاتف العادي؟

إنَّ أحد أكثر الأمور المثيرة للاهتمام حول الهاتف المحمول أنه جهاز راديو في جوهره، غير أنه راديو متطور للغاية.

وبالعودة إلى البدايات، اخترع "ألكسندر غراهام بِل" (Alexander Graham) الهاتف العادي في عام 1876 ميلادية، ويمكن تتبع جذور الاتصالات اللاسلكية إلى اختراع الراديو على يد "نيكولا تسلا" (Nikolai Tesla) في الثمانينات (وقد قدمه رسميًّا في عام 1894 ميلادية شاب إيطالي يدعى جوجليلمو ماركوني- Guglielmo Marconi)، ومن الطبيعي اجتماع التقنيتَين الرائعتَين في النهاية في سبيل التقدم وتسهيل حياة الناس.

وفي فترة ما قبل اختراع الهواتف المحمولة، كان يَستخدمُ مَن يحتاج الاتصالات اللاسلكية النقالة -مثل الاتصالات اللاسلكية مع السيارات- تقنيةَ الراديو؛ إذ كان يوجد برج هوائي مركزي واحد في المدينة، وربما تتوافر قرابة 25 قناة في هذا البرج.

ويعني وجودُ الهوائي المركزي أن الهاتف في سيارتك يحتاج إلى مُرسل قوي بما يكفي لنقل الإشارة مسافةً تصل إلى 70 كيلومترًا، ويعني ذلك -أيضًا- أن كثيرًا من الناس لا يمكنهم استخدام هذه التقنية؛ لعدم توافر ما يكفي من القنوات.

وتكمن عبقرية نظام الهاتف المحمول في تقسيم المدينة إلى عدة خلايا صغيرة؛ مما يسمح بإعادة استخدام الترددات واسعة النطاق في جميع أنحاء المدينة في شكل يتيح للملايين استخدام الهواتف المحمولة في آن معًا.

أما في الأنموذج التناظري في نظام الهاتف المحمول (typical analog cell-phone system) بالولايات المتحدة، فيتلقى ناقل الهاتف المحمول قرابة 800 تردد لاستخدامها في جميع أنحاء المدينة، ثم يُقسِّم الناقلُ المدينةَ إلى عدّة خلايا، فتكون مساحة كل خلية عادة نحو 26 كيلومترًا مربعًا، وغالبًا ما تكون ذات شكل مسدس منتظم ضمن شبكة.

وتحوي كل خلية -عادة- محطةً أساسية تتكون من برج ومبنًى صغير يحتوي على معدات لاسلكية.

تَستخدم خليةٌ واحدةٌ في النظام التناظري واحدةً من سبع من القنوات الصوتية المُضاعفة المتاحة، لذا؛ يوجد مجموعة فريدة من الترددات، فليس هناك أي تداخل.

ويمنح ناقل الهاتف المحمول -عادة- نحو 832 تردد راديوي لاستخدامها في المدينة؛ إذ يستخدم كل هاتف محمول ترددين لكل مكالمة (قناة مضاعفة)، لذلك يوجد -عادة- 395 قناة صوتية لكل ناقل، ويُستخدم 42 ترددًا آخر بمثابة قنوات أخرى، وبذلك: لدى كل خلية نحو 56 قناة صوتية متاحة.

وبعبارة أخرى؛ في أي خلية، يمكن لـ 56 شخصًا أن يُجروا مكالماتٍ باستخدام هواتفهم المحمولة في وقت واحد، إذ يزيد عدد القنوات المتاحة مع أساليب البث الرقمي؛ فعلى سبيل المثال: يمكن للنظام الرقمي المُعتمِد على تقنية (Time-division multiple access: TDMA) تحمّل ثلاثة أضعاف عدد المكالمات بقدر ما يتحمّله نظام تناظري (analog)، لذلك؛ لدى كل خلية قرابة 168 قناة من القنوات المتاحة.

تمتلك الهواتف المحمولة أجهزة إرسال منخفضة استهلاك الطاقة؛ إذ لدى عديد من الهواتف المحمولة اثنين من مقويات الإشارة: 0.6 واط و3 واط، مقارنة مع معظم أجهزة الراديو من النوع (Citizens Band: CB) التي تستهلك 4 واط.

تعمل المحطة الأساسية باستهلاكٍ مُنخفض للطاقة، ولأجهزة الإرسال منخفضة استهلاك الطاقة سمتان، هما:

- توقف الإرسال بين محطة الإرسال والهواتف المحمولة ضمن الخلية إذا خرج الهاتف من حدود تلك الخلية، لذا؛ يمكن أن تعيد كل من الخلايا استخدام الترددات الـ 56 نفسها، ويُمكن إعادة استخدامها على نطاق واسع في جميع أنحاء المدينة.

- استهلاك الهاتف المحمول منخفض الطاقة؛ إذ يعمل عادة اعتمادًا على البطارية، ويعني انخفاض الطاقة بطاريات صغيرة؛ الأمر الذي يجعل الهواتف المحمولة قابلة للحمل وسهلة التنقل.

ويتطلب استخدام الهواتف المحمولة عددًا كبيرًا من محطات الإرسال في المدينة مهما صغر حجمها، ويمكن أن تحوي مئات الأبراج مع زيادة اتساعها لتصبح كبيرة وأنموذجية .

غير أنه بسبب استخدام كثيرٍ من الناس الهواتف المحمولة؛ فإنَّ التكاليف تحافظ على انخفاضها لدى كل مستخدم، ثم إن كل محطات الإرسال تتصل ببعضها وتُدار من مكان واحد هو مكتب تحويل إشارة الهاتف المحمول (Mobile Telephone Switching Office MTSO) الذي يتعامل مع كل اتصالات الهاتف المحمول ليحوله إلى نظام الهاتف العادي ويسيطر على كل محطات الهواتف المحمولة في المنطقة.

ماذا يحدث عند انتقال الهاتف المحمول من خلية إلى خلية؟

لدى جميع الهواتف المحمولة قواعد ترميز خاصة مرتبطة بها، وتستخدم هذه الرموز في التعرف إلى الهاتف ومالك الهاتف ومقدم الخدمة.

الآن؛ بفرض أنك تعمد إلى تشغيل هاتفك المحمول وهناك من يحاول الاتصال بك، إليك ما يحدث في أثناء المكالمة:

- عندما تشغل الهاتف فإنه يستقبل رقم مُعرف النظام (system identification number: SID) على قناة التحكم؛ وهو تردد خاص يستخدمه الهاتف ومحطة الإرسال لإجراء محادثات عن أمور مثل: دعوة إعداد المكالمات أو تغيير القنوات. وإذا لم يستطع الهاتف العثور على أي من قنوات التحكم ليستقبل إشارات منها، يُعرف أنه خارج نطاق الخدمة ويعرض الرسالة: "لا توجد خدمة".

- عندما يتلقى الهاتف الـ SID فإنه يقارنه مع SID المُبرمج في نظامه. إذا تطابقت معرفات النظام، يعلم الهاتف أن الخلية التي يستقبل الإشارة منها هي جزء من نظام الاتصالات المحلي.

- جنبًا إلى جنب مع الـ SID؛ ينقل الهاتف طلب التسجيل أيضًا، ويتتبع الـ MTSO  مكان الهاتف الخاص بك في قاعدة البيانات وتعرف الخلية -بهذه الطريقة- التي أنت ضمنها حين تتلقى مكالمة على هاتفك المحمول.

- عندما يحصل الـ MTSO على المكالمة، يحاول العثور عليك ويبدأ البحث في قاعدة البيانات الخاصة به لمعرفة الخلية التي توجد فيها.

- عندها يختار الـ MTSO زوج التردد الذي سيستخدمه هاتفك في تلك الخلية لتلقي المكالمات.

- ثم يتصل الـ MTSO مع هاتفك عبر قناة التحكم ليعطي ترددات الاتصال؛ لتُستَخدَم. وعندما يتصل الهاتف مع البرج، تُبَثُّ المكالمة؛ أي كأنك تتحدث عن طريق الراديو إلى أحد الاصدقاء!

- وعندما تتحرك نحو حافة الخلية التي تستقبل الإرسال ضمنها، ستلاحظ محطة الإرسال أن قوة الإشارة آخذة في التناقص. وفي الوقت ذاته، ستلاحظ المحطة الأساسية في الخلية التي تتجه نحوها (حيث تُستقبَل وتُقاس جميع قنوات التردد، ليس التي تستخدمها فقط) ازدياد قوة إشارة مع هاتفك. وهكذا؛ تنسق المحطتان فيما بينهما عن طريق الـ MTSO، وعند نقطة ما، يحصل هاتفك على إشارة على إحدى قنوات التحكم تشرح له التغيير الحاصل بالترددات وتسليم ترميز الخلية الجديدة للهاتف.

التجوال

إن كان لا يتطابق الـ SID على قناة التحكم مع الـ SID المبرمج في هاتفك، سيعرف الهاتف أنك في وضع التجوال وسيتصل الـ MTSO من الخلية التي تتجول فيها  مع الـ MTSO في نظامك المحلي، الذي يتحقق بدوره من قاعدة البيانات الخاصة به للتأكد من صلاحية الـ SID الخاص بهاتفك عند MTSO لدى النظام المحلي، من ثَم يتتبع حركة الهاتف ضمن الخلايا، والمُدهش في الأمر هو أن كل هذا يحدث في غضون ثوان!

إن أفضل طريقة لفهم آلية عمل الهاتف المحمول هي مقارنته مع أجهزة الراديو أو أجهزة الووكي توكي (walkie-talkies)؛ هي أجهزة اتصال لاسلكية تُحمَل باليد.

القنوات

نوع القنوات المستخدمة هو: أحادية أو ثنائية؛ فمثلًا: يستخدم كل من جهازَي الراديو والووكي توكي قناة واحدة للإرسال والاستقبال، لذا؛ يمكن لشخص واحد من الطرفين المتحدثين أن يتكلم عندما يكون الآخر مُستمِعًا، أما في حالة الهاتف المحمول، فإنه يستخدم قناة مضاعفة؛ أي قناة للإرسال وقناة للاستقبال فيمكن للطرفين أن يتحدثا معًا.

إذن؛ يملك جهاز الووكي توكي قناة واحدة، أما جهاز الراديو فيستخدم الإرسال والاستقبال قرابة 40 قناة، وأما الهاتف المحول فيتواصل مع 1664 قناة أو أكثر!

المدى

يصل مدى عمل جهاز الووكي توكي إلى قرابة 1.6 كيلومترًا باستخدام 0.25 واط، بينما يعمل راديو CB على مدى 8 كيلومترًا لكن مع استهلاك يصل لنحو 5 واط، في حين تكون المسافة التي يغطيها الهاتف المحمول، بوجود خلايا الإشارة التي يتنقل ضمنها، خارقة؛ إذ بإمكان مُستخدم الهاتف المحمول القيادة مئات الأميال مع المحافظة على المُحادثة ذاتها؛ بسبب التنقل ضمن الخلايا.

أما بالنسبة إلى مجالات الإرسال والاستقبال وتردداتها؛ ففي عام 1983 ميلادية، استُخدم المعيار التناظري في نظام الهاتف المحمول (Analog cell-phone standerd) المسمى (Advanced Mobile Phone System:AMPS) إذ استُخدم في شيكاغو ضمن المجال الممتد بين 824 و894 ميغا هرتز ثم تطور لبصبح نظامًا رقميًّا.

ثم إن معيار الشبكات اللاسلكية (Global System for Mobile Communications:GSM) المُستخدَم في معظم أنحاء العالم يستخدم تقنية الـ (TDMA) التي تعمل على مدى يمتد من 900 إلى

1800 ميغا هرتز في أوروبا وآسيا، ومن 900 إلى 1900 ميغا هرتز في أمريكا.

Reference;

هنا