الهندسة والآليات > الطابعات ثلاثية الأبعاد

الطابعة ثلاثية الأبعاد وتحد دقة الألوان

تقود الطباعة ثلاثية اﻷبعاد ثورة ضخمة في مجال التكنولوجيا و التصميم حول العالم، كما تقوم بتغيير نظرتنا للتصاميم والنماذج وعمليات التصنيع في مختلف المجالات .

لكن المشكلة كانت تكمن عند قيام أي شخص باستخدام الطابعة ثلاثية اﻷبعاد بأنه سيصطدم بمشكلة حقيقية أﻻ وهي أن هذه اﻵلة الضخمة - والتي تزن حوالي 800 باوند تقريباً- يمكنها طباعة أي شكل أو جسم لكن ألوانها ستبدو كظلال للأجسام الحقيقية.

أما اليوم فقد تم حل هذه المشكلة بفضل جهود باحثين في مجال أبحاث الصور الرقمية في ألمانيا، و الذين قاموا بإيجاد تقنية جديدة في إنتاج ألوان دقيقة للطباعة ثلاثية الأبعاد للمرة الأولى، وهذا الإنجاز سوف ينقل عالم الطباعة ثلاثية الأبعاد إلى مستوىً جديد تماماً .

وتتلخص الطرق المستخدمة حالياً في إنتاج الألوان في طريقتين : الأولى تقوم على طباعة الأجسام طبقة تلو طبقة وفي كل مرة يتم مزجها مع بودرة خاصة بالتلوين، أما الطريقة الثانية فتكون بإضافة طبقة رقيقة من البلاستيك المعدل المعالج، و تؤمن كلتا الطريقتان تحكماً أولياً في لون المنتج .

إن ما نحتاجه حقيقة هو طريقة لطباعة المنتج بنفس الطريقة التي تعمل بها الطابعة ثنائية الأبعاد والتي تقوم بتقسيم الصورة إلى بكسلات، بمعنى آخر علينا تجزئة هذا المجسم ثلاثي الأبعاد ليس إلى طبقات وإنما إلى فوكسلات (Voxels) وأن تتم الطباعة فوكسل تلو الفوكسل ويمكننا تعريف الفوكسل بأنه :

العنصر الذي يقابل البيكسل ((Pixel في الصور ثنائية الأبعاد، وهو يمثل أصغر جزء من شبكة ثلاثية الأبعاد، حيث أن الصورة ثلاثية الأبعاد تكون مؤلفة من وحدات بسيطة تدعى كل منها بالفوكسل، ويختلف الفوكسل عن البيكسل بأنه لا يملك إحداثيات بشكل صريح مع قيمته وإنما يتم تحديد مكانه تبعاً للفوكسلات المجاورة له . [1]

مجموعة من الفوكسلات

وقد ظهرت هذه التقنية في الأسواق وتقوم على دمج تقنيتين: الأولى تقنية مشابهة لتقنية الطباعة ثنائية الأبعاد تسمى التظليل اللوني، حيث يتم فيها استبدال الألوان والظلال المتواصلة بمجموعة من النقاط مختلفة الألوان والأحجام .

تقنية التظليل اللوني(Half-Toning): الجزء اليميني هو ما تراه العين البشرية من مسافة محددة والجزء الآخر هو تقنيةHalf-Toning

أما التقنية الثانية فهي طريقة حساب لون سطح ما باستخدام الضوء المتشتت عبر مجموعة من طبقات الفوكسلات أسفل هذا السطح، حيث تستخدم نفاثات تقوم بإنتاج رذاذ متلاحق من الحبر مما يؤدي إلي تحكم أكبر في اللون، حيث يمكن اعتبار كل نقطة كفوكسل وهي التقنية التي اعتمدها الباحثون الألمان والذين واجهوا عدة تحديات :

التحدي الأول تمثل بالكم الضخم من البيانات والعمليات الحسابية المستخدمة في إنشاء اللون الافتراضي للجسم ثلاثي الأبعاد حتى قبل بداية طباعته، فالرذاذ الناتج عن نفاثات الحبر متناه في الصغر( حوالي 18 مليون نقطة في السنتيمتر المكعب) وبالتالي فإن طباعة أي جسم ذي حجم وسطي تتطلب صناعة عشرات المليارات من الفوكسلات وبالتالي يتوجب علينا حساب تأثير لون كل فوكسل على اللون النهائي للجسم المراد طباعته.

التحدي الثاني يكمن في أن يكون الرذاذ الحبري نصف شفاف حتى تتمكن الأشعة فوق البنفسجية من الاختراق بهدف معالجة الفوكسلات لتثبيت اللون، وهذا الأمر له تأثير كبير على مظهرها، حيث أن الضوء سيتبعثر أثناء مروره عبر طبقات الفوكسلات، وذلك يتطلب دقة كبيرة أثناء التحكم في الرذاذ تبعاً لعمق طبقة الفوكسلات ضمن الجسم وبالتالي يزداد تعقيد الخوارزمية المصممة لحساب الألوان المطلوبة .

التحدي الثالث والأخير يأتي من طبيعة الطباعة ثلاثية الأبعاد، ففي الطباعة ثنائية الأبعاد يمكنك دمج حتى ثلاثة أحبار مختلفة في أي نقطة على الصورة، بينما تتطلب الطباعة ثلاثية الأبعاد أن يكون كل رذاذ وحيد النوع وهذا يضع قيوداً كثيرة على ما يمكن تلوينه .

ومع كل هذا فقد حقق الباحثون تقدماً ملحوظاً في معالجة التحديات السابقة و يؤكدون على أن النتائج ستتحسن في المستقبل القريب، حيث يقوم علماء المواد بتطوير عناصر أكثر شفافية للطباعة، وستزيد الطابعات من دقة التفاصيل أثناء الطباعة مما سيساعد في تحسين خوارزمية حساب الألوان مستقبلاً .

وفي حال تمكنا من دمج الحبر نصف الشفاف مع الحبر العاتم فسوف يمنحنا ذلك إمكانية إنتاج مظهر خارجي للعديد من العناصر البيولوجية التي تكون شبه شفافة مثل الجلد، كما ستخلق هذه التقنيات آفاقاً واسعةً للكثير من تطبيقات الطباعة ثلاثية الأبعاد والتي ستضع الطابعات الحالية على رفوف المخازن وفي المستودعات خلال السنوات القليلة القادمة ،ولكن ما هي الميزات الأخرى التي تراها ضرورية لتكون هذه الطابعة في صدارة الاختراعات الجديدة ؟

[1]هنا

مصدر المقال:

هنا