الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

جزيرة بيروت الحرارية، كيف تتأثر بتوسع المدينة؟

الأشجار ومواد البناء العاكسة هي الحل لتخفيف الحر في بيروت.

تلعب سطوح المواد المختلفة دوراً هاماً في حرارة الهواء وجو المدن، هذا ما خلُصت إليه دراسة حديثة قام بها العالمان نوشيغ كالوسيان ويوسف دياب حول الجزيرة الحرارية فوق المنطقة الحضرية لبيروت. حيث توصلا إلى أن المناطق المغطاة بالنباتات تشهد انخفاضاً في درجات الحرارة يصل إلى ست درجات مئوية مقارنة مع المناطق السكنية الكثيفة المحيطة بها خلال فصل الصيف. هذا الفرق في درجة الحرارة يعني استهلاكاً أقل للطاقة اللازمة لأنظمة التبريد في فصل الصيف، ويتوجب على بيروت وغيرها من المدن التي تعاني من درجات حرارة عالية أخذ ذلك بالحسبان عند وضع إستراتيجياتها الجديدة للتخطيط الحضري وقوانين وأنظمة البناء.

يتواجد الهواء ذو الحرارة المرتفعة نسبياً فوق كل المدن كواحد من أوضح الأمثلة لتأثير الإنسان في المناخ، مما يُسبب تردي ظروف الحياة وارتفاع الوفيات خاصة في المدن والبلدان النامية التي تعاني من حرارة مرتفعة. تسمى هذه الظاهرة بالجزيرة الحرارية للمنطقة الحضرية وتحدث نتيجة امتصاص وتخزين وإشعاع الطاقة الحرارية عبر السطوح الداكنة للمواد المستخدمة في بناء الجدران والأسطح والطرقات ضمن المدينة مقارنة بالطاقة التي يتم تحويل امتصاص قسم كبير منها عن طريق النباتات عبر عمليات التركيب الضوئي والنتح التبخيري.

شهدت بيروت خلال الفترة ما بين 1870 و 1970 ارتفاعا واضحاً في درجات الحرارة العليا والصغرى المُسجلة وربط العلماء هذه الزيادة بتزايد عدد قاطنيها. وعلى الرغم من ازدياد عدد سكان المدن ونسبتهم إلى عدد السكان الكلي في العديد من أنحاء العالم إلا أنه لم يتم توجيه الاهتمام الكافي لظاهرة الجزيرة الحرارية في المناطق الحضرية. وكان هدف العلماء في البحث المذكور تحديد درجة حرارة الهواء على ارتفاع مترين من سطح الأرض وتحديد الاختلافات في درجات الحرارة بين المناطق الحضرية الكثيفة والمناطق الخضراء، والاختلافات في متطلبات التدفئة والتكييف من الطاقة في كِلتا الحالتين.

ولتحقيق ذلك قام الباحثون بجمع معلومات تفصيلية عن الأبنية والمساحات المفتوحة في بيروت وذلك عن طريق صور جوية التُقطت في حقب تاريخية مختلفة وعملوا على دراسة مواد البناء المُستخدَمة في كل فترة تاريخية وخصائصها الحرارية بما في ذلك الجدران والأسطح والطرقات والحدائق. وقاموا بحساب التبادل الحراري عبر هذه الأسطح وتحديد درجات الحرارة على بعد مترين من سطح الأرض. أظهرت النتائج أن المناطق ذات الكثافة الأعلى بالأبنية والطرقات كان لها التأثير الأكبر على حرارة المنطقة بينما لعبت المناطق الخضراء دوراً مُلطِفاً. أما فيما يتعلق بمصروف الطاقة فقد انخفض احتياج الطاقة للتدفئة في الشتاء وللتبريد في الصيف ضمن المناطق الخضراء مقارنةً بالمناطق ذات الكثافة السكانية العالية.

اقترح الباحثان استخدام مواد بناء عاكسة للقسم الأكبر من الطاقة وزيادة متوسط أعداد الأشجار للمنزل الواحد بغرض تخفيف الأثر الحراري للامتداد الحضري. وفي حال تم تبني هذه المقترحات ضمن خطط التنمية الحضرية وقوانين البناء فسيحمل ذلك أثراً كبيراً وملحوظاً في بيروت وغيرها من المدن الحارة. أما عن الأبحاث المستقبلية فسيتم مستقبلاً العمل على تحديد درجات حرارة السطوح المختلفة ضمن المدينة من جدران وأسقف وطرق، إضافة إلى الحرارة الداخلية للأبنية مع أخذ ارتفاعها بعين الاعتبار واختلاف نسب المناطق الخضراء عبر المدينة.

الدراسة:

هنا