المعلوماتية > اتصالات وشبكات

كيف يعمل نظام الـ GPS ؟

عندما تتوه في إحدى المناطق و لا تعرف أين تتجه , تنظر في جهاز الGPS فتبتسم و تعرف أين أنت !

كيف يعمل نظام تحديد المواقع العالمي GPS ؟ و كيف يعرف موقعك ؟


كان أجدادنا يستعملون مقاييس صارمة حتى لا يضيعوا .أقاموا معالم أثرية , صنعوا الخرائط و تعلموا قراءة النجوم في سماء الليل . اليوم , غدت الأمور أسهل بكثير . طالما لديك مستقبل GPS و رؤية صافية للسماء , لن تضيع مجدداً !

نظام تحديد المواقع العالمي هو مجموعة من 27 قمر صناعي يدور حول الأرض (24 منها تعمل و 3 إضافية في حال تعطل أحدها ) . قامت القوات المسلحة الأمريكية بتطويرها عسكرياً , ثم بعد فترة قصيرة قامت بفتح مجال استخدامها أمام الجميع.

كل من هذه الأقمار الصناعية يزن 3000 الى 4000 باوند (1360.777 الى 1814.369 كغ ) و يعمل بالطاقة الشمسية و هي تدور حول الأرض حوالي 12000 ميلاً (أي 19300 كم) , و تقوم بهذه الدورة مرتين يومياً . المدارات منظمة بحيث يكون في أي وقت و أي مكان على الأرض هناك على الأقل أربعة أقمار صناعية مرئية في السماء .

إن عمل مستقبل الGPS هو تحديد موقع أربعة من هذه الأقمار أو أكثر , ومعرفة المسافة الى كل منها , ثم يستعمل هذه المعلومات ليستنتج موقعه.

هذه العملية ترتكز على مبدأ رياضي بسيط يدعى (التثليث المساحي) , سوف نبدأ بالتعرف على التثليث المساحي ثنائي الأبعاد ثم ننتقل الى ثلاثي الأبعاد.

تخيل أنك في مكان ما من الولايات المتحدة و ضعت كلياً , تسأل شخصاً من المنطقة : أين أنا ؟ فيجيبك : أنت على بعد 625 ميلاً (1000كم) من Boise في Idaho .

هذه الحقيقة ليست مفيدة بحد ذاتها , إذ يمكن أن تكون في أي مكان ضمن دائرة حول Boise نصف قطرها 625 ميلاً (1000 كم) !

تسأل شخصاً آخر أين أنت , فيجيبك أنك على بعد 690 ميلاً (1110 كم) من Minneapolis في Minnesota.

إذا جمعت هذه المعلومة مع المعلومة الأولى عن مكانك سوف يكون لديك دائرتين متقاطعتين . أنت الآن إذاً في إحدى نقطتي تقاطع هاتين الدائرتين .

لو أخبرك شخص ثالث أنك على بعد 615 ميلاً (989 كم)من Tucson في Arizona . يمكنك أن تستثني أحد الخيارات , لأن الدائرة الثالثة سوف تتقاطع مع إحدى النقطتين السابقتين بنقطة واحدة فقط .أنت الآن تعرف تماماً أين أنت في Denver في Colorado .

المبدأ ذاته يعمل في الفضاء ثلاثي الأبعاد , لكنك هنا تتعامل مع كرات بدلاً من الدوائر .

تقاطع أول كرتين سيكون دائرة تامة , الكرة الثالثة سوف تتقاطع مع هذه الدائرة في نقطتين , و الأرض بحد ذاتها بمكن أن تمثل كرة رابعة , فقط إحدى النقطتين السابقتين الناتجتين عن التقاطع سوف تقع على سطح الأرض , لذلك يمكنك أن تستبعد النقطة الواقعة في الفضاء .

تنظر المستقبلات عادة الى أربعة أقمار صناعية أو أكثر .الوحدات الأفضل لها مستقبلات متعددة , و يمكنها التقاط الإشارة من عدة أقمار صناعية معاً

مستقبل الGPS يعرف مواقع الأقمار و المسافة بينك و بينها عبر تحليل أمواج الراديو ذات التواتر العالي و الطاقة المنخفضة المنبعثة من أقمار الGPS الصناعية .أمواج الراديو هي طاقات كهرومغناطيسية , هذا يعني أنها تسافر بسرعة الضوء ( حوالي 300,000 كم في الثانية ) , و يمكن للمستقبل أن يعرف المسافة التي قطعتها الإشارة عبر قياس الزمن الذي تطلبته للوصول .

الآن , كيف يعمل المستقبل و القمر الصناعي معاً للقيام بهذا القياس ؟

في زمن معين (لنقل منتصف الليل) يبدأ القمر الصناعي بإرسال نموذج رقمي طويل يدعى (الرمز العشوائي الكاذب) . المستقبل يبدأ بتشغيل النموذج الرقمي ذاته في منتصف الليل تماماً , عندما تصل إشارة القمر الصناعي الى المستقبل , إرساله للنموذج سوف يتأخر بتاً واحداً one bit عن تشغيل المستقبل للنموذج .

طول التأخير يساوي الوقت الذي استغرقته الإشارة في رحلتها . المستقبل يضاعف هذا الوقت بسرعة الضوء ليحدد المسافة التي قطعتها الإشارة . باعتبار الإشارة قد سافرت في خط مستقيم , تكون هذه هي المسافة بين المستقبل و القمر الصناعي.

للقيام بهذه الحسابات , المستقبل و القمر الصناعي يحتاجان لساعات يمكن لها أن تتزامن مع بعضها لدرجة النانوثانية nanosecond (ما يعادل 10-9 من الثانية ) و ذلك عبر استعمال ساعات ذرية على جميع الأقمار الصناعية و المستقبلات. لكن الساعات الذرية تكلف بين ال50,000 و 100,000 دولار , و هذا ما يجعلها غالية الثمن بالنسبة لاستخدام يومي .لذلك يحتوي كل قمر صناعي على ساعة ذرية غالية الثمن , بينما المستقبل يستعمل ساعة عادية من الكوارتز , و التي يعيد ضبطها باستمرار .

حتى تكون معلومات المسافة ذات أهمية , المستقبل عليه أيضاً أن يعرف أين يقع القمر الصناعي بالضبط , لذلك يقوم مستقبل ال GPS ببساطة بتخزين تقويم(روزنامة) تخبره أين يجب أن يكون كل قمر في أي وقت معطى . و أي تغييرات في مدارات الأقمار بسبب أمور مثل قوة سحب القمر و الشمس , يقوم ( قسم الدفاع ) بمراقبة مواقعهم الدقيقة و يرسل أي تعديلات الى جميع مستقبلات الGPS كجزء من إشارات الأقمار .

هل تحدث أخطاء ؟ و كيف يقوم المستقبل بتصحيحها ؟

إن الغلاف الجوي يبطئ من طاقة أمواج الراديو بعض الشيء , كذلك تظهر المشاكل عندما تصطدم الإشارات بأشياء ضخمة مثل ناطحات السحاب , فتعطي المستقبل إيحاء بأن القمر أبعد مما هو عليه . و فوق هذا كله فإن الأقمار أحياناً ترسل معطيات سيئة للتقويم , فتخطئ الإبلاغ عن موقعها . كيف يتم تصحيح هذه الأخطاء ؟ عبر نظام تحديد المواقع العالمي التفاضلي Differential GPS .

الفكرة الأساسية في ذلك هي عبر قياس و معايرة الخطأ في GPS في محطة استقبال ثابتة ذات موقع معروف . طالما أن جهاز الDGPS في المحطة يعرف مسبقاً مكانه , يمكن بسهولة حساب الخطأ لدى مستقبله . ثم تقوم المحطة بإصدار إشارة راديو الى جميع المستقبلات المجهزة بDGPS في المنطقة , و توفرإشارة فيها معلومات التصحيح لتلك المنطقة .

في النهاية , أغلب المستقبلات تدخل المعلومات الخام في خريطة تخزن ضمن الذاكرة و يمكنك عندها أن تستخدم الخرائط المخزنة , أن تقوم بتحميل الخرائط أو أن تبتاع خرائط لمنطقتك و تبحث فيها .

إذاً و بنظرة الى مجمل ما يخبرك به جهاز GPS : المسافة التي قطعتها , المدة التي قضيتها متنقلاً , سرعتك الحالية , معدل سرعتك , مساراً يظهر لك بالضبط أين سافرت على الخريطة و يعطيك كذلك وقتاً تقديرياً لوصولك الى هدفك اذا بقيت بنفس السرعة

ترى هل سنمتلك جهازاً مماثلاً في المستقبل , للتنقل بين الكواكب ؟

Reference: هنا