الطبيعة والعلوم البيئية > علم الأرض

تفسيرٌ لخفّة نواة الأرض الحديدية ينطوي على كشف نسب عالية من الكبريت هناك

يستمر العلماء بالبحث من خلال دراستهم لنواة الأرض وتركيبها عن تفسير المفارقات العديدة المتعلقة بالنّواة ولعلهم اليوم توصّلوا إلى تفسير إحدى أوائل المفارقات الأرضية الرئيسيّة واستطاعوا الإجابة عن سؤال عجِزوا منذ زمن طويلٍ عن حلّه، يتعلّق بظهور نواة الأرض خفيفة الوزن لدى معاينتها باستخدام الموجات الزّلزاليّة، رُغم أنّها مكوّنة بشكلٍ أساسيٍّ من عناصرَ ثقيلةٍ كالحديد والنّيكل.

وقد توصّل العلماءُ من خلال بحث نُشر في دوريّة (Geochemical Perspectives Letters) بأن السرّ قد يكمن في احتجازِ الكبريت ضمن نواة الأرض، حيث أن تواجد هذه اللافلزات خفيفة الوزن بكميّات كبيرة في النّواة هو المسبّب الرّئيسي لهذه المفارقة.

والكبريتُ (Sulfur) هو الاسمُ العلميّ للسجّيل (Brimstone)، لكن قبل أن نتكلّم عن كيّفية توصّل العلماء لهذه النتائج، لابدّ من التذكير ببعض المعلومات الجيولوجيّة الهامّة.

يتألّفُ كوكبنا من ثلاثةِ طبقاتٍ رئيسيّة هي القشرة (Crust)، النّواة (Core)، وبينهما الوِشاح/المعطف (Mantle)، حيث تنقسم الطّبقات كيميائيّاً إلى جزءٍ سيليكاتيّ يشكّل الوشاح والقشرة، ونواة معدنيّة غنيّة بالحديد.

تَغلُبُ في الوشاح العناصر الأليفة للسّيليكات (Lithophile) أوالأليفة للصخور (Rock-Loving)، بينما تتواجد في النواة العناصر الأليفة للحديد (Siderophile) أوالأليفة للمعادن (Metal-Loving).

يُعبر عن كتلة جملة العناصر المكوّنةِ للأرض بعد استبعادِ المُتطايرة منها بمصطلح كتلة الأرض (Bulk Earth)، ولو أخرجنا منها عنصرَ الحديد والعناصر الأليفة له سنحصلُ على كتلة السّيليكات الأرضيّة (Bulk Silicate Earth) أو اختصاراً (BSE).

بالعودة إلى نتائج البحث، فقد اعتمد العلماء في التّوصل إليها على النّحاس (Copper)، وهو من العناصر الأليفة للكبريت (Sulphur-Loving) والتي يطلق عليها (Chalcophile)، وهو يميل للارتباط مباشرةً بالكبريت لذلك يعتقدُ الباحثون أن وجود أحدِ العنصرين يدلُّ على وجود الآخر.

كان على الباحثين المقارنة بين نسب نظائر النحاس (Copper isotopes) في كلٍّ من كتلة الأرض، وكتلة السيليكات الأرضيّة، لكن ولاستحالة الحصول على عيّنة تمثلُ كتلة الأرض، فقد افترض الباحثون أسوةً بالدراسات السابقة أن الأرض تشكّلت من أحجار نيزكيّة (Meteorites)، واستخدموا في تجاربهم 88 عيّنة منها ومن وشاح الأرض الذي يمثل كتلة السيليكات الأرضيّة.

توصّلَ الباحثون في تجاربهم أنّ وزن عيّنةٍ وسطيّةٍ من النّحاس مأخوذة من الوشاح يزيد عنه في العينات المأخوذة من الأحجار النيزكية بحوالي 0.025 %، مما يدلّ على أن نظائر النحاس الأخفّ وزناً لم تتواجد بالكميات المتوقّعة في الوشاح، وإنما ترسبت كميّات كبيرة منها باتجاه الحدود بين النواة والوشاح بفعلِ العمليّات الجيوكيميائيّة في أعماقِ الأرض بما فيها تلك المسؤولة عن تقسيم الأرض إلى الطّبقات المذكورة سابقاً، وهناك انضمّت إليها كميّات هائلةٌ من الكبريت والأوكسجين والحديد لتشكل طبقةً بثخانة كيلومتر من هذه المواد.

تحتجزُ هذه الطّبقة المتشكّلةُ الكبريتَ مسبِّبة ظهورَ نواةِ الأرض خفيفة الوزن لدى تحليلها بالموجات الزلزالية. وقد قدّرت كمية الكبريت هناك بحوالي 90 بالمئة من المحتوى الكلي للأرض من الكبريت، ما يكفي لتشكيل كرة من الكبريت الصافي بكتلة تعادل عشر (1/10) كتلة القمر.

المصدر:

هنا

ورقة الدراسة:

هنا