البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

المثلية الجنسية (الجزء الثاني(

الجزء الثاني وتكملة للجزء الأول وبما يخص المثلية عند الإنسان، ومجدداً :
نتحدث هنا علم بشكل (((بحت))) فرجاءً عدم التطرق للدين وسيتم حذف أي تعليق مسيء أو خارج النطاق العلمي.

التفسيرات العلمية للمثلية الجنسية يمكن تصنيفها ضمن ثلاثة عوامل رئيسية وهي: العامل الجيني (الوراثي)، والعامل الهرموني أثناء نمو الجنين، والعامل البيئي النفسي. ومن المؤكد أن التوجّه الجنسي يتم تحديده بخليط من هذه العوامل وليس بعاملٍ  واحدٍ فقط.
في الدراسات الحديثة أصبح المختصون يفضلون النظريات التي تقوم على الأسباب الوراثية وهي الأكثر أهمية والمحركة الأساسية للعوامل الأخرى. لنشاهد معاً تأثير هذه العوامل ولنبدأ من الأهم وصاحب التأثير الأكبر:

1- عوامل جينية (المورثات):
في دراسات استقصائية اتضح أنَّ  التوأمين المتماثلين يتشابهان من حيث التوجه الجنسي، بحيث أنه إذا كان أحد التوأمين مثلياً، فاحتمال أن يكون التوأم الآخر مثلياً أيضاً هو 50% إن كانا متماثلين. تبيّن هذه الدراسات وجود تأثير جيني واضح وبنسبة كافية لتغليب العامل الوراثي عن العوامل الأخرى.
حديثاً تم تسخير خارطة «الجينوم البشري» بهدف البحث عن عوامل جينية محتملة تؤثر على التوجهات الجنسية عند الذكر. النتيجة تظهر أن هناك العديد من المناطق الجينية يمكن أن يؤثر على نشوء المثلية الجنسية.
ففي النتائج ظهرت متواليات معينة من الحمض النووي (في الـDNA) متموضعة على ثلاث كروموسومات توجد متماثلة عند 60 إلى 70 % من المثليين الجنسيين الداخلين في الدراسة وهي على ثلاثة كروموسومات ( 7 ، 8 ، 10).

ترتبط المناطق المعنية على الكروموسومات (سبعة وثمانية) بتوجهات جنسية ذكورية بغض النظر عما إذا ورثها الرجل عن أمه أو عن أبيه، في حين أن المنطقة المعنية على الكروموسوم رقم (عشرة) تكون مرتبطة بتوجهات ذكورية فقط إذا كانت التشكيلات جرى وراثتها عن الأم.
تاريخياً بدأت تتنشر دراسات ونقاشات عاصفة عن «جين المثلية الجنسية»منذ عام 1993 بعد نشر مقال علمي هام على صفحات مجلة العلوم (الساينس) المرموقة.

2- عوامل هرمونية:

وفقاً لبعض الأبحاث، تتأثر هذا الميول بالبيئة الهرمونية التي ينمو بها الجنين فالعوامل الهرمونية (خصوصاً التستسرون) تؤثر على بنية الدماغ وشكل الجسم.
إن تأثير بعض الهرمونات التي يتناولها الأشخاص في حياتهم (للعلاج أو كمكملات جسدية رياضية) قد تبدي بعض المظاهر الشكلية والنفسية من ناحية المثلية الجنسية، ولكنها تُستبعد في الدراسات من الانضواء تحت بند المثلية لأنها غالباً ماتكون لفترات محدودة وغير واضحة المعالم.
وهنا نقول إن العامل الهرموني هو عامل مساعد للعامل الجيني الموجود أصلاً  ولا يمكن للعامل الهرموني أن يحدث ثأثيراً واضحاً دون وجود الاستعداد الوراثي وهذا شيء هام جداً.

3- عوامل نفسية بيئية:

عمل الباحثون لمحاولة إيجاد علاقة بين المثلية والتجارب الاستثنائية والصدمات في فترة الطفولة فوجدوا أنه ليس هناك أي دليل علمي يدعم أنَّ  التنشئة غير الطبيعية أو التحرش الجنسي أو أي تجربة حياتية مؤذية أخرى قد تؤثر على التوجه الجنسي للشخص. استنتجوا فقط أنَّ  الدراسات تشير إلى أنَّ  التوجه الجنسي يتأسس غالباً في مرحلة الطفولة ويتعزز بوجود البيئة المحرضة! وهكذا تم وضع العامل البيئي كعامل مساعد للعامل الجيني تماماً كالعامل الهرموني فهو ليس عامل محدد أبداً لكنه عامل مساعد.


أخيراً، وحسب رأي العلم نجد أن هذه الظواهر موجودة في حياتنا (بغض النظر عن نظراتنا المختلفة للموضوع)، لكننا كبشر نحتاج الكثير من الحكمة والمعرفة والهدوء للتعامل الناجح نفسياً وعلمياً واجتماعياً مع هذه الظواهر الطبيعية. 

مصدر الصورة

المراجع :
1- Habib, Samar (2012). Female Homosexuality in the Middle East. Routledge. p. 18
2- Bailey, N. W.; Zuk, M. (2009). "Same-sex sexual behavior and evolution". Trends In Ecology & Evolution 24 (8): 439–446.
3- Zietsch, Brendan P. (2008). "Genetic factors predisposing to homosexuality may increase mating success in heterosexuals". Evolution & Human Behavior 29 (6): 424–433