الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

فقر الدم المنجلي (1) التعريف - الأعراض والعلامات - التشخيص

فقر الدم المنجلي هو فقر دم وراثي، يحدث نتيجة طفرةٍ في المُوَرِّثة المسؤولة عن تشكيل الخضاب Hemoglobin (المركب الغني بالحديد الموجود في الكريات الحُمر و الذي يعطي الدم لونه الأحمر ). يسمح الخضاب للكريات الحُمر بحمل الأوكسجين من الرئتين إلى كافة أنحاء الجسم. تكون الكريات الحمر مرنة في حالتها الطبيعية، وشكلها قرصي (مقعرة في وسطها) وتتحرك بسهولة في الأوعية الدموية.

ولكن في فقر الدم المنجلي يتشكل لدينا خضاب شاذ - يدعى الخضاب S - يجعل الكريات الحمر صلبة ولزجة ومشوهة تأخذ شكل المنجل أو الأهلّة، هذه الكريات الشاذَّة تحملُ كميّاتٍ أقل من الأوكسجين وقد تلتصق بجدران الأوعيةِ الصَّغيرة وتتكدَّس أو تتفتّت إلى أجزاء صغيرة مما يُبطِّئ جريان الدم إلى بعض أجزاء الجسم أو حتى يوقفه.

تنتقل الطفرة التي تُسبِّب فقر الدم المنجلي من جيل إلى جيل بوراثةٍ جسديّةٍ متنحية، أي أنَّه لا علاقة لها بجِنس المصاب، ويجبُ أن يكون كلا الوالدين حامِلين لهذهِ الطَّفرة حتَّى يظهر المرض لدى الأَولاد، أمَّا إن كان أحدُ الوالدين فقط يحملُ هذه المورِّثة الطافرة فإنَّ الأطفال سيملكون مورثتين (واحدة من الأب والأخرى من الأم) إحداها طبيعية والأخرى طافرة، وهذا ما يُدعى بالخلّة المنجلية.

تُنتج أجسامُ الأطفالِ الحاملين للخلة المنجلية كلا النَّمطين من الخضاب، الطَّبيعي والشاذ، وقد يحتوي الدمُ لديهِم على بعض الخلايا المنجلية، ولكنَّهم بشكلٍ عام لا يُظهرون أيَّة أعراض، إلا أنَّهم ينقلون المورِّثة الطافرة لأبنائهم في المستقبل.

عندما يتزوَّجُ شخصان يحملان خلة المنجلي، ففي كل حمل تكون الاحتمالات كالتالي:

25% الطفل سليم بجينات طبيعية.

50% طفل مصاب بخلة المنجلي (أي يحمل جين سليم وجين طافر).

25% طفل مصاب بالمنجلي (أي يحمل مورثتين طافرتين).

ينتشر المنجلي بشكل أكبر في العائلات المنحدرة من إفريقيا، الهند، حوض المتوسط، السعودية، جزر الكاريبي، أمريكا الوسطى واللاتينية، و ينتشر في العرق الأسود بشكل أكبر في الولايات المتحدة الأمريكية.

الأعراض:

غالباً ما تتأخَّر أعراض وعلامات فقر الدم المنجلي بالظُّهور حتى عمر الأربعة أشهر (حيث يسيطر الخضاب الجنيني HbF قبل هذه المرحلة) وتتضمن:

1- فقر الدم: الخلايا المنجلية خلايا هشَّة تتحطَّم بسهولة وتموت مما ينقِص من تعداد الكريات الحمراء في الجسم.

تعيش الكريات الحمر الطبيعية حوالي 120 يوماً قبل أن تتخرَّب ويتم استبدالها، ولكن الكريات المنجلية تموت خلال أقل من 20 يوماً مما يؤدي إلى فقر دم، حيث أنه بدون الكمية الكافية من الكريات الحمر في الدوران الدموي لن تحصل الأنسجة على الأوكسجين اللازم لها، وبالتالي ستظهر أعراض فقر الدم، وهي: الشعور الدائم بالتعب والوهن العام، شحوب الجلد والأظافر، الزلة التنفسية (ضيق النفس).

2- نوبات الألم: تُعتبر نوبات الألم التي تصيب المريض المنجلي من أهم الأعراض. يحدث الألم عندما تسد الخلايا المنجلية الجريان الدموي في الأوعية الصغيرة في الصدر والبطن والمفاصل، وقد تحدث نوبات الألم أيضاً في العظام.

تختلف شدة و مدة النوبة من بضع ساعات وحتى أسابيع، وقد تحتاج بعض النوبات إلى دخول المستشفى.

ومن الأسباب التي تثير هذه النوبات: التجفاف، نقص الأكسجة، الإنتانات، البرودة أو الحر الشديد.

3- متلازمة (يد – قدم): توذُّم اليدين والقدمين قد يكون أولى علامات فقر الدم المنجلي عند الرُضَّع، وتحدث عندما تَسُدُّ الخلايا المنجلية العودَ الوريدي من اليدين أو القدمين مما يُؤدِّي الى تراكُم الدمِ فيها وتوذمها.

4- الإنتانات المتكررة: يؤدي المنجلي إلى تخرُّب الطحال –نتيجة الإحتشاءات المتكررة فيه – وهو أحد أهم الأعضاء التي تقاوم الإنتانات في الجسم، وتخربه يؤدي إلى ضعف مقاومة الجسم للإنتانات، ولذلك يقوم الأطباء بإعطاء الأطفال المصابين بالمنجلي اللقاحات والمضادات الحيوية للوقاية من الإنتانات المهددة للحياة كالتهاب الرئة وغيرها.

من الضروري التنبيه إلى أنَّ الطحال قد يتضخم في الطفولة الباكرة، فإن لاحظت لدى طفلك ضخامة مؤلمة أو متوترة في بطنه عليك بزيارة الطبيب فوراً.

5- تأخر النمو: تُزوِّد الكريات الحمر الأنسجة بالأوكسجين والغذاء الضروري للنمو، وبسبب نقص تعداد الكريات السليمة في فقر الدم المنجلي فإنَّ هذا سينعكس كنقص نمو عند الأطفال، وتأخُّر بلوغ عند المراهقين.

6- اضطرابات الرؤية: قد يعاني بعض المرضى من اضطرابات في الرؤية بسبب انسداد بعض الأوعية الصغيرة المُغذِّية للعين مما يؤذي الشبكية (الجزء من العين المسؤول عن استقبال الصور وتحويلها إلى إشارات تنتقل للدماغ).

اختلاطات فقر الدم المنجلي:

يؤدي فقر الدم المنجلي إلى مجموعة من الاختلاطات تتضمن:

1- النشبة الدماغية: تحدث عندما تسد الخلايا المنجلية التدفق الدموي إلى أحد مناطق الدماغ، وتتضمن أعراض النشبة: اختلاجات، ضعف أو خدر باليدين والقدمين، صعوبات مفاجئة في النطق، تغيم وعي. في حال ظهر لدى طفلك أي من الأعراض السابقة فيجب البدء بالعلاج فوراً وقد تكون النشبة قاتلة.

2- متلازمة الصدر الحاد: هذه المتلازمة مهددة للحياة، وتؤدي إلى ألم صدري وحرارة وصعوبات في التنفس، وقد تنتج عن إنتان رئوي أو انغلاق أحد الأوعية الدموية بالخلايا المنجلية، وتتطلب تدبيراً إسعافياً بمضادات حيوية وغيرها.

3- ارتفاع التوتر الرئوي (ارتفاع الضغط في الشرايين الرئوية): يحدث غالباً عند البالغين أكثر من الأطفال ويؤدي إلى زلة تنفسية و ضيق تنفس وتعب، وقد يكون قاتلاً.

4- تخرُّب الأعضاء: تَسُدُّ الخلايا المنجلية الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى توقف التدفق الدموي إلى أحد الأعضاء أو أجزاء منها، بالإضافة إلى ذلك فإنَّ الأنسجة تعاني في فقر الدم المنجلي من نقصٍ مزمنٍ في الأكسجة مما يؤدي إلى تأذي الأعصاب، الكليتين، الطحال، الكبد وغيرها وقد تكون الأذية قاتلة.

5- العمى: إنَّ انسداد الأوعية الدموية الصغيرة المغذية للعين تؤدي إلى تأذي الشبكية وبالتالي حدوث العمى مع الزمن.

6- قرحات الجلد: قد يحدث تقرحات مفتوحة في الجلد وخاصة في القدمين.

7- حصيات مرارية: إن تخرب الكريات الحمر الشاذة المستمر يؤدي إلى زيادة في تشكل مادة تسمى البيليروبين، وبارتفاع عيار هذه المادة في الجسم فإنَّ احتمال تشكل الحصيات المرارية يصبح أعلى. وقد يتطور اليرقان (تلون الجلد باللون الأصفر) نتيجة تراكم البيليروبين في الجسم.

8- النعوظ المؤلم: حالة مرضية يحدث فيها انتصاب مؤلم طويل الأمد عند الرجال، وكما في غيره من الأعضاء فإنَّ الإحتشاءات المتكررة –موت الأنسجة نتيجة انقطاع التروية الدموية- في الأوعية المغذية للقضيب تسبب العنانة (العجز الجنسي).

الفحوص والتشخيص:

يمكن تحرّي الخضاب S -الخضاب المنجلي- بواسطة فحص دموي، و يتم هذا الاختبار بشكل روتيني في الولايات المتحدة الأمريكية عند ولادة كل طفل.

في حال سلبية هذا الاختبار فهذا يعني أن الطفل سليم، أمَّا إن كان إيجابياً فيجب إجراء عدة اختبارات أخرى كرحلان الخضاب الكهربائي لتحديد إن كان الطفل مصاباً بالمنجلي ( يحمل مورثتين طافرتين ) أم بالخلة المنجلية (يحمل مورثة طافرة وحيدة) وفيها تكون نسبة الخضاب S في الدم أقل من الفئة الأولى.

يمكن فحص عينة دموية تحت المجهر لتحري الخلايا المنجلية، وإذا رأيناها فإنَّ هذا يؤكد المرض.

كما يمكن تحري مورثة المنجلي قبل الولادة عن طريق فحص السائل الأمنيوسي (السائل الذي يحيط بالجنين داخل الرحم) وذلك لمعرفة إن كان الجنين حاملاً للمرض في حال إصابة أحد الأبوين.

تقييم خطورة حدوث السكتة الدماغية:

يستطيع الأطباء باستخدام الإيكو عبر القحف -عظام الجمجمة- تحديد إن كان طفلك يحمل خطورة عالية لحدوث سكتة دماغية أم لا. يمكن استخدام هذا الاختبار عند الأطفال الصغار حتى عمر السنتين، وأولئك الذين يتبين وجود خطورة عالية عندهم يتم علاجهم بنقل الدم.

المصادر:

هنا

هنا

هنا