الكيمياء والصيدلة > صيدلة

أولُّ دواءٍ لزيادةِ الرّغبةِ الجنسيّةِ لدى النساء!

أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA موافقتها على البدء في تصنيع الدواء الأول المستخدم وبيعه لعلاج انخفاض الرغبة الجنسية لدى النساء، والدواء الجديد الذي يُدعى فليبانسيرين (flibanserin) يُحفِّز الرغبة بممارسة الجنس لدى النساء، وقد سمحت إدارة الغذاء والدواء FDA بتسويقه تحت الاسم التجاري "آديي Addyi " وبتصنيع حصري من شركة الأدوية الأمريكية Sprout Pharmaceuticals.

لقد طُوِّر هذا العقار الجديد لعلاج النساء اللواتي يعانين اضطراب قصور الرغبة الجنسية (hypoactive sexual desire disorder HSDD) قبل بلوغهن سن الإياس، وقد أطلق عليه لقب "الفياغرا النسائية"؛ لكنَّه على أيَّة حال لا يعمل على الإطلاق بالآلية نفسها التي تؤثِّر بها الحبوب التي رُخِّصت عام 1998 التي حملت اسم الفياغرا ذلك الدواء الذي كان الأول من نوعه لعلاج خلل الانتصاب عند الرجال؛ إذ ينبغي للمرأة أن تأخذه كل يوم، سواء رغبت أو لم ترغب في ممارسة الجنس، وفي حين تزيد الحبة الزرقاء الشهيرة تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية؛ فإنَّ الحبة الزهرية الجديدة تؤثِّر في كيمياء الدماغ بدلًا من ذلك.

فهي تؤثر في عدة مستقبلات كيميائية للنواقل العصبية في الدماغ، ومن ضمنها السيروتونين والدوبامين. وتشبه بتأثيرِها مجموعة الأدوية المعروفة باسم مثبطات قبط السيروتونين الانتقائية SSRI's ومنها مضادات الاكتئاب، وفي حقيقةِ الأمر؛ طُوِّر هذا الدواء ليكونَ مُضاد اكتئاب قبل أن يُكتَشف هذا التأثير المختلف.

لقد أظهرت الاختبارات المُجراة أنَّ النساء اللواتي تناولن الدواء قد حصلن على (ممارسات جنسية مُرضية) بلغت من واحدة إلى ثلاثٍ شهريًّا مقارنة بالنساء اللواتي تناولن الغُفل (البلاسيبو)، ويقول المؤيدون لهذا الدواء: إنَّ هذه النتائج تُمثل تقدُّمًا جيدًا؛ في حين ينتقده البعض لأنهم يرون أن مخاطر الدواء تتعدى الفوائد المرجوة منه.

تأثيرات الدواء الجانبية تتضمن الشعور بالنعاس، وهبوطًا مفاجئًا في ضغط الدم والإغماء خصوصًا إذا أُخِذ مع الكحول، وبحسب إدارة الغذاء والدواء FDA؛ فإنَّ العقار الجديد لا يزال في مواجهة تحدي تقييم الفوائد والمخاطر؛ لذلك سنجد على المستحضر الجديد لصاقة تحذير واضحة تتضمن تأثيراته الجانبية، وعلى نحوٍ خاص لمرضى الكبد ومدمني الكحول والذين يتناولون أدوية من مثبطات السيتوكروم CYP3A4 التي تشمل بعض الستيروئيدات.

وقد طُوِّر العقار في الأصل من شركة الأدوية الألمانية Boehringer Ingelheim ولكنه رُفِض من إدارة الغذاء والدواء عام 2010، وبعد ذلك حصلت شركة الأدوية الأمريكية على الدواء وأجرت مزيدًا من الأبحاث، ورُفِض مرة أخرى عام 2013 قبل أن ينال الموافقة أخيرًا في آب/ أغسطس 2015.

ولا تزال كثير من الشكوك تحوم حول العقار الجديد، ويستند بعض رافضي استخدامه إلى وجود التأثيرات الجانبية غير المرغوبة؛ إضافةً إلى عدم حدوث التأثيرات المرجوة عند جميع النساء بالقدر نفسه.

وتختلف مسألة انخفاض الرغبة الجنسية عند المرأة عنها عند الرجل؛ فغالبًا ما يحدث الأمر عند الرجل نتيجة نقص تدفق الدم إلى الأنسجة المسؤولة عن انتصاب القضيب، وهي مشكلة أصبح من السهل تداركها عن طريق استخدام الفياغرا وغيرها من الأدوية المماثلة، ولكن عند النساء؛ فالمسألةُ ليست نقص تدفق الدم إلى الأعضاء التناسلية؛ وإنَّما أعقد من ذلك بكثير، وهنا يكمُن الخلاف.

ونشير ختامًا إلى أنَّ هذه المحاولة لم تكن الأولى أو الوحيدة؛ فـ"الفياغرا" النسائية الأولى كانت في حقيقة الأمر ذاتها تلك الخاصة بالرجال؛ إذ حاولت الشركة الأمريكية "Pfizer" بعد نجاح فياغرا الرجال تعميم استخدامها لدى النساء أيضًا؛ لكن باءت التجربة بالفشل؛ فقد أدَّت الفياغرا إلى زيادة التدفق الدموي داخل الأعضاء التناسلية الأنثوية لكنَّها لم تُنتِج أي أثر في الرغبة الجنسية، وبعد ذلك جُرِب استخدام "لصاقات التستوسترون"؛ لوجود بعض الأدلة التي تشير إلى أنَّ انخفاض الرغبة الجنسية يعود إلى نقصٍ في إفراز هذا الهرمون؛ لكنَّ هذه اللصاقات لم تأخذِ الموافقة أيضًا.

ويُجمِع العديد من العلماءِ على وجوب إجراء مزيد من الأبحاث في هذا المجال لتحديد كيفية عمل الرغبة الجنسية في أدمغة النساء؛ فعندما نتمكن من هذا الأمر يمكن للحبة الزهرية أن تصبح واحدةً من خيارات علاجية كثيرة متاحة للمرأة التي ترغب في زيادة رغبتها الجنسية.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا