الكيمياء والصيدلة > كيمياء حيوية

الفضة تحوّل البكتريا إلى زومبي

يوضح بحثٌ نُشر مؤخراً أن تعرّضَ البكتريا لمحلولٍ من الفضة القاتلة للميكروبات يجعلها تسلكُ سلوكاً مشابهاً للزومبي فتزيل البكتريا المحيطة بها حتى بعد موتها. تفسّر هذه النتائج التأثيرَ طويل الأمد المضادَّ للفضة المضادة للبكتيريا، كما يمكن أن تحسنَ من أداء المنتجاتِ الطبية التي تحمينا من العوامل الممرضة.

يرجعُ استخدامُ الفضةِ في الطب إلى آلاف السنين، فقد عرف العلماء منذ فترة طويلة فعاليةَ هذا المعدن كمضادٍّ للبكتيريا حيث تمارس أيونات الفضة تأثيرها القاتلَ عن طريق صنع ثقوبٍ في الجدار الخلوي للخلية الجرثومية مسببةً تدميرها حال الدخول إليها، حيث ترتبطُ أيونات الفضة بالمكوّناتِ الأساسية للخلية مثل الحمضِ النوويّ، الأمرُ الذي يمنع البكتيريا من أداء حتى أبسطِ وظائفها الأساسيّة.

لكنّ تأثيرَ الفضة على البكتيريا وتحويلها إلى زومبي والذي ندعوه (تأثير الزّومبي) لم يكن معلوماً حتى الآن. لكشف تلك الميكانيكيّة المخيفة قام العلماء أولاً بقتل عينةٍ من بكتريا الزائفة الزنجاريّة Pseudomonas aeruginosa باستخدام محلول نِترات الفضة، ثم قاموا بعد ذلك بفصل البكتريا الميتة بعناية من محلول الفضة. و عندما تم تعريضُ البكتيريا الحيّة إلى تلك البكتيريا الميتة المأخوذة من محلول الفضة حدثت مذبحة ميكروسكوبية حيث تمّ القضاءُ على 99.99% من البكتريا الحية.

قام الباحثون بتصوير البكتريا الميتة باستخدام المجهر الالكتروني وتمكنوا من كشف سبب ذلك التأثيرِ المُميت. يقول دافيد أنفير الباحث الرئيسي في هذه الدراسة "إنّ مخزوناً من جزيئات الفضة النانوية تمّ الاحتفاظُ به داخل تلك الجثثِ، حيث تعمل خلايا البكتريا الميتة كالإسفنج وتقومُ بامتصاص الفضة عند موتها. تلك الفضة المُختزنة تخرج إلى البيئة المحيطة بها خاصةً لو كانت تلك البيئة تحتوي على إسفنجات أخرى ماصة للفضة، وفي هذه الحالة كانت الإسفنجات الأخرى بكتريا حية".

اهتمَّ العلماء الذين قاموا بنشر هذه الدراسة في مجلة Scientific Reports أيضا بدراسة القدرة التدميرية (القاتلة) للمحلول الذي تم فصلُه عن البكتريا الزومبي.

عندما تمّ البدء بتراكيز منخفضة من محلول نترات الفضة، لم يمتلك المحلول المتبقي من الدورة الأولى القوةَ الكافيةَ لقتل كل البكتيريا في الدورة الثانية، و هذا يشير إلى أن البكتيريا عملياً تقوم بسحب الفضة من المحلول، كما يقول الباحثون. لكن عندما تمّ استخدامُ تراكيزَ مرتفعةٍ من نترات الفضة احتفظَ المحلولُ بقدرته التدميرية (القاتلة) في كلتا المجموعتين الأولى والثانية من البكتيريا، وذلك لأن البكتريا في الدورة الأولى لم تستطِع امتصاصَ كاملِ الفضة.

يقول سايمون سيلفر عالم البيولوجيا الجزيئية من جامعة ايلينوي شيكاغو وهو لم يشارك في هذا البحث "هذا الجانبُ المهمّ للفضة لم أرى أحداً تناوله من قبل، أعتقدُ أن هذا البحثَ هو إضافةٌ جديدةٌ وأعتقد أنها جيدة. "

من الممكن أن يحسن ذلك الاكتشافُ القدرةَ على التحكم في التأثير طويلِ الأمد للعلاجات المعتمدة على الفضة. يعتمد الأطباء والمستشفيات مسبقاً على منتجات طبية تحتوي الفضةَ من ضماداتٍ وقثطراتٍ لكي تمنع نموَّ البكتريا. يتم استخدامُ هذا المعدن أيضاً في حالة الجروح العميقة، وكـَ دهانٍ لمقابض الأبواب للحد من نمو الجراثيم. يمكن للمستهلكين أيضاً شراءُ منتجاتٍ تقللُ من نمو الميكروبات في المنازل مثلَ الجوارب الحاوية على الفضة وماكينات تعقيمِ الملابس بالفضة.

الفكرة السائدة حاليا هي أنك إذا أردت أن تحصل على أداءٍ مضاد للبكتريا في مدىً زمنيٍّ معينٍ يجب أن تصمّم الجهاز بطريقةٍ ما تضمَن إطلاقَ أيونات الفضة طوالَ تلك الفترة الزمنية التي تريدها هكذا يقول الكيميائي المتخصص بالمواد النانومترية روبرت هيرت من جامعة براون، وهو أيضاً غير مشارك بالبحث.

يقول هيرت " إنّ فهم تأثير الزومبي يمكن أن يؤديَ إلى تصاميمَ أفضلَ لتلك المنتجات على سبيل المثال يمكنُ للمهندسين موائمةُ منتجاتهم بحيث تحتفظُ بالبكتيريا الميتة وتزيد من قدرتها المضادة للميكروبات وبالتالي تحدّ من النمو الجرثومي ".

في النهاية لا يبدو أن الزومبي سيّئون …أليس كذلك؟

المصادر:

هنا

هنا