الكيمياء والصيدلة > صيدلة

الضِّمادةُ الذّكيّة..شِفاءُ الجروحِ خِلالَ يومٍ واحد

يُعتبرُ التّوقيتُ عاملاً مُهمّاً بالنسبة للعَملِ على إيقافِ النَّزْفِ والوقايةِ منَ الالتهاباتِ بَعدَ الإصابةِ بجرحٍ أو بطلقٍ ناريّ، لذلكَ طوَّرَ الباحثونَ ضمادةً ثُنائيّةَ الوظيفةِ دُعِيتْ بالضمادة الذكية، تُساعد على مواجهة كلتا المشكلتين خلال يومٍ واحد! حيث تُحرِّر هذه الضِّمادةُ بشكلٍ سريع دواءً يُساعدُ على إيقافِ النّزيف، وبعدها تُحرّرُ ببطءٍ صاداً حيوياً. الضِّمَادةُ الذّكية ذاتُ فائدةٍ كبيرةٍ في علاجِ الجروحِ الّتي يُصابُ بها الجنودُ في ساحاتِ المعركةِ عندما لا يتوافرُ العلاجُ الطِّبيُ المُناسِب.

عَمِلَ الباحثون لسنواتٍ عديدةٍ على إنتاجِ الضِّمادات التي تُحررُ الموادَّ الدّوائية. بدايةً استخدموا طريقةً تُدعى "تجميع الطبقات طبقةَ تلو الأخرى" لصنع طبقات رقيقة (فِلم) بسماكةِ مَيكرومِتر أو حتى نانومتر قادرةٍ على تحريرِ الموادِ الدوائية واحدةً تلو الأخرى. يتمُّ ذلكَ بتغطيسِ أو بخِّ ضَماداتٍ من الجيلاتين بمحلولٍ مائيٍّ أساسيٍّ للدواء، تلي هذهِ الطبقةَ الفعالةَ محلولٌ يحتوي جزيئاتٍ تلتصقُ بالطبقةِ الأولى عن طريقِ الشِّحناتِ السَّطحيةِ أو اعتماداً على بعضِ الخَواصِ المُتمِّمةِ الأخرى.

قامت مجموعةٌ من الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأمريكي بتصنيعِ طبقةٍ تُحرّرُ عاملَ التّخثرِ (الثرومبين) الذي يعملُ على إيقافِ النّزفِ، بينما تُحرّرُ الطّبقةُ التاليةُ بشكلٍ متواصلٍ صاداً حيوياً هو الفانكومايسين. تُعتبرُ عمليّةُ إضافةِ الطبقاتِ التي تُحرر الموادَ الدوائيةَ المتعددةَ الى الضِّماداتِ والأجهزةِ الطّبيّةِ تحدّياً كبيراً للباحثينَ. فعندَ تحرُّرِ عاملِ التّخثرِ والصّاَدِ الحيويِّ في الوَقتِ والسُّرعةِ نفسها، فإنَّ عمليةَ التَّخثرِ ستكونُ بطيئةً، ولن يتمَّ تحريرُ الصّادِّ الحيويّ من الفيلم بشكلٍ كافٍ لحمايةِ الجرح من العدوى الالتهابية. لذلكَ كانَ من الضّروري تصنيعُ ضِماداتٍ تُحرّرُ كلا الدواءين بتزامنٍ صحيح، إلا أنّ الشُّروطَ اللازمةَ لتصنيعِ طبقةٍ تحوي عاملَ التّخثرِ(الثرومبين) قد تُخرِّبُ الطَّبقةَ الأساسيّة الأخرى الحاويةَ على الصَّادِّ الحيوي (الفانكومايسين).

أخيراً، وبعدَ عِدَّةِ دراساتٍ، وَجَدَ الباحثونَ طريقةً لِجعلِ الطَّبَقةِ الحاويةِ على الصّادِّ الحَيويّ مُستقرةً وثابتةً عن طريقِ رَبطِ الفانكومايسين بمركب (Poly β-L- malic acid) أو PMLA، حيث تتوضّعُ الطَّبقةُ الحاويةُ على الفانكومايسين- PMLA في الضّمادةِ بشكلٍ تكون فيه مُغلّفةً بالطَّبَقةِ الحاويةِ على عاملِ التخثر (الثرومبين). يرتَبطُ مُركب PMLA بالفانكومايسين بطريقةٍ لا تُؤثّرُ على فعاليةِ الصّادِّ الحيويّ في القضاء على البكتيريا.

تبيّن عندَ اختبارِ هذهِ الضّمادات الحاوية على طبقة الثرومبين وطبقة الفانكومايسين-PMLA، أنّهُ عند انحلالِ طَبَقَةِ البوليميرِ الخارجيّ، يتحرّرُ مباشرةً وخِلالَ عِدّةِ دَقائقَ القِسمُ الأكبرُ من عاملِ التّخثرِ (الثرومبين). بعد ذلك يتحرّرُ الصَّادُ الحَيويُّ (الفانكومايسين) المرتبط بـ PMLA ببطءٍ خلال اليوم.

وعندَ إجراءِ التجربةِ في أنابيبِ الاختبار وُجِدَ أن الثرومبين المُتحرّرَ من الضِّمادةِ يتفاعلُ مع عوامل التّخثرِ الأخرى في الدّمِ لتكوين العَلَقة. اختُبرت فاعليةُ الصّادِ الحيويّ وتبيّنَ أنَّ الصَّادَّ المُتحرّرَ مِنَ الضَّمادةِ قادرٌ على القَضَاءِ على العُنقوديّات البيضاء بنفسِ فاعلية الفانكومايسين في الاختبار الشاهد .

يقول أحد الجراحين الأخصائيّين في العناية المشددة و الطوارئ في مشفى جامعة ميشيغن أنّ الضّمادة الذكية تُعتبرُ مشروعاً واعداً، لكنّه يحتاجُ إلى المزيد من البحث، كما يجب اختبار قدرةِ الضِّمادةِ الذكيّةِ على إيقافِ النَّزفِ على حيواناتِ التجربة حتّى تحوزَ ثقةَ الجرّاحين .

حالياً، يعملُ فريقُ الباحثينَ نَفسه على اصطناع ضِمادةٍ تُحرّرُ تركيباتٍ أخرى منَ المواد الدّوائيةِ كمسكّناتِ الألم.

المصادر:

هنا

هنا