الهندسة والآليات > التكنولوجيا

عناكب تنتج أليافا مدعمة بالغرافين وألياف الكربون

أفاد علماء المواد بأن العناكب التي رشت بالمياه التي تحتوي على أنابيب الكربون النانوية ورقائق الغرافين قد أنتجت أمتن الألياف التي تم قياسها حتى الآن، حيث يعتبر حرير العنكبوت واحداً من المواد الاستثنائية التي عرفها العلم. فألياف البروتين التي تنسجها العناكب لصنع شبكاتها هي تقريباً أقوى من أي ألياف يمكن أن يصنعها الإنسان.

ويعتبر الحرير الذي تستخدمه العناكب لصنع الحواف الخارجية وأوتار الشبكة من أكثر الأشياء إثارة للدهشة. حيث تماثل قوة الشد التي يتمتع بها هذا الحرير قوة الشد للسبائك عالية الجودة من الصلب إلا أن هذا الحرير يملك سدس كثافة الصلب كما يتفوق عليه بالممطولية العالية Ductility وقابليته للتمدد إلى خمسة أضعاف طوله في بعض الأحيان ، وهذا المزيج من القوة والممطولية يجعل حرير العنكبوت متيناً جداً و مطابقاً لمتانة ألياف الكربون المتطورة ذات التقنية العالية مثل "ألياف كيفلر".

لذلك فمن البديهي القول أن القدرة على جعل حرير العنكبوت أقوى وأكثر متانة سيكون سبقاً علمياً كبيراً. الأمر الذي دفع بنيكولا بوغنو "Nicola Pugno" من جامعة تورينتو في ايطاليا وبعض زملائه للبحث عن إيجاد طريقة لدمج أنابيب الكربون النانوية و الغرافين مع حرير العنكبوت وزيادة قوتها ومتانتها إلى حدٍّ غير مسبوق. حيث تتمتع المواد الناتجة بخصائص مثل قوة انكسار ومعامل يانغ ومعامل متانة أعلى من أي شي آخر تم قياسه حتى الآن.

واستخدم الفريق أسلوباً بسيطاً حيث بدؤوا بجمع 15 عنكبوتاً من نوع "Pholcid" من الريف الإيطالي ووضعوها في المختبر ثم جمعوا منها عينات الخيوط الحريرية كمرجع، وبعد ذلك استخدم الفريق خدعة متقنة وبسيطة لإدخال أنابيب الكربون النانوية ورقائق الغرافين في حرير العنكبوت حيث قاموا برش العناكب بمياه تحتوي على هذه الأنابيب نانوية ورقائق الغرافين ثم قاموا بقياس الخواص الميكانيكية للحرير الذي أنتجته تلك العناكب.حيث قاموا بتثبيت كل خيط من خيوط الحرير بين حاملين من الورق المقوى على شكل حرف "C" ووضعوه في جهاز يمكنه قياس الحمل على الألياف بدقة 15 نانو نيوتن وقياس أي انزياح للألياف بدقة 0.1 نانو متر.

ويقول "Nicola Pugno": " لقد كانت قراءات القياسات مدهشة حيث وصلت قوة الكسر إلى 5.4 غيغا باسكال ، ووصل معامل يانغ إلى 47.8 غيغا باسكال ومعامل المتانة إلى 2.1 غيغا باسكال "، ويضيف بوغنو وزملاؤه "هذا هو أعلى معامل متانة للألياف، متجاوزاً ألياف البوليمر الاصطناعية عالية الأداء مثل Kelvar 49وحتى أمتن الألياف المحبوكة الحالية ".

وبعبارة أخرى إن إعطاء العناكب الماء الذي يحوي على أنابيب الكربون النانوية يجعلها تنسج حريراً أقوى من جميع للألياف المعروفة.

لكن هذا العمل أثار بعض الأسئلة المثيرة للاهتمام وأولها أنه كيف تمكنت العناكب من دمج الأنابيب النانوية الكربونية ورقائق الغرافين في الحرير ؟ حيث قام الفريق باستخدام طرق طيفية لإظهار أن المواد الكربونية موجودة في الألياف ولكنه لم يتكمن من معرفة الآلية التي تم بها ذلك.ذ

أحد الاحتمالات المقترحة هو أن الحرير يُغلف بهذه المواد الكربونية بعد نسجها. إلا أن بوغنو وزملاؤه استبعدوا ذلك لأنه لا يمكن للبنية الناتجة أن تكون بالمتانة التي قاسوها بمجرد طلائها بالمواد الكربونية فليس من المتوقع أن هذا الطلاء الخارجي على سطح الألياف يسهم إسهاما كبيرا في تعزيز قوة الليف الميكانيكية. وبدلاً من ذلك يقول الفريق أنه من المرجح أن العناكب تتناول المواد الكربونية مع الماء ومن ثم يتم دمج هذه في الألياف أثناء عملية نسجها، وبالتالي فإن الأنابيب النانوية و الغرافين تتوضع ضمن الألياف حيث يمكنها أن تحدث تأثيراً كبيراً على قوتها، حتى أن الفريق قام بمحاكاة التركيب الجزيئي الناتج وبينوا أن الخواص الميكانيكية تتوافق مع النتائج التجريبية.

وبطبيعة الحال فهناك العديد من التحديات أمام هذه التقنية حيث لا يوجد حتى الآن وسيلة فعالة لحصاد حرير العنكبوت. لذلك لابد من أن يكون هناك خطوة هامة في المستقبل لتطوير هذه التقنية لكي تعمل على نطاق صناعي. الأمر الذي من شأنه فتح الطريق أمام تطبيقات واسعة النطاق في كل شيء ابتدءاً من إصلاح الأنسجة إلى تصميم الملابس.

والجدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي يحاول الباحثون تعديل حرير العنكبوت، فقد تمت إضافة مجموعات مختلفة من العناصر المعدنية عن طريق وضع الحرير في بخار مناسب وقد زادت هذه الطريقة كثيراً من قوة ومتانة الحرير لكن ليس إلى الحد الذي وصل إليه بوغنو، وتقترح هذه التقنية البسيطة أن نهجاً مماثلاً يمكن أن يطبق على الكائنات الحية الأخرى مما يؤدي إلى فئة جديدة من المواد الالكترونية البيولوجية.

فهل فعلاً سيتمكن العلماء من حصاد خيوط العناكب؟ وهل من الممكن تطبيق هذه التقنية البسيطة على مخلوقات أخرى للحصول على مواد طبيعية خارقة؟

المصدر:

هنا