الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية

هل ستحل الروبوتات مكان العلماء؟

تعد فكرة الروبوت العالم امتداد طبيعي لتطبيقات الذكاء الصناعي والأتمتة في مجالات العلوم، فبإمكان هذه الروبوتات أن تقوم بطرح الفرضيات وأن تقوم بتجارب لتفسير المشاهدات، وإجراء كامل التجارب والاختبارات بشكل تلقائي، والقيام بتفسير وتحليل النتائج ومقارنتها بالفرضيات التي تم طرحها في البداية، ومن ثم القيام بإعادة الدورة من جديد. ويمكن لكامل العملية أن تتم بشكل أوتوماتيكي ووفقاً للمنهج العلمي، حيث يمكن لهذه الروبوتات أن تسجل وتلتقط كامل مراحل العملية العلمية بشكل دقيق وتخزنها.

ففي العام 2009، أصبح الروبوت "آدم" (روبوت عالم)، أول آلة في التاريخ تقوم باكتشافات علمية جديدة بشكل مستقل (ذاتي). وقام نفس الفريق الذي قام بتصميم "آدم" بتصميم روبوت عالم جديد وسماه "حواء"؛ حيث كان الغرض من بناءه مساعدة الباحثين على جعل عملية اكتشاف العقاقير أسرع وأكثر اقتصادية، وأشار مصمموا الروبوت "حواء" في مقالة علمية لهم بأن الروبوت سيكون قادر على اكتشاف عقارات جديدة لمرض الملارايا وغيرها من الأمراض قد تم تجاهلها كالنوم الأفريقي.

حيث تشكل الأمراض الاستوائية المُتجاهلةُ كابوساً بالنسبة للبشرية؛ فهي تصيب مئات ملايين الأشخاص، وتقتل الملايين منهم سنوياً، ويقول أحد الباحثين "نحن نعرف ما الذي يقوم بالتسبب بهذه الأوبئة، ونستطيع نظرياُ تصنيع العقاقير التي تكون بمقدورها مهاجمة مسببات المرض. لكن تكلفة التصنيع العالية وتحتاج إلى وقت طويل ناهيك عن الجدوى الاقتصادية المنخفضة لهذه العملية التي تجعل من عملية الاستثمار فيها غير جذابة للشركات العاملة في المجال الدوائي."

تستفيد الروبوت "حواء" من قدرات ذكائها الصناعي في التعلم من خبراتها المكتسبة من عملياتها الناجحة في اختيار المركبات واختيار تلك التي لديها احتمالية أكبر ضد المرض أو الداء التي ستستخدم ضده. ستستخدم "حواء" رغوة مهندسة جينياً بحيث تساعد هذه الرغوة الروبوت على استثناء المكونات التي تشكل خطراً على الخلايا البشرية واختيار البروتينات الشبيهة لتلك الموجودة في جسم الإنسان وليس لديها أي قدرة على أذيتها. مما يؤدي إلى التقليل من التكلفة، وخطر فشل العقاقير المكتشفة، وأيضاً زيادة نسبة إنقاذ ملايين الأرواح التي تزهق سنوياً بسبب هذه الأوبئة.

الروبوت "حواء" لجعل المراحل الأولى لتصميم العقاقير أوتوماتيكية حيث أن "حواء" تقوم بشكل منظم ومدروس من فحص كامل المركبات الكيميائية التي تكون موجودة في قاعدة بيانات كبيرة، وتقوم بالنظر ما إذا كان كل مركب مستوفي لشروط المشكلة (أي أن المركب قادر أو لديه احتمالية من قيامه بدور مهم في مكافحة المرض وعلاجه). تقوم "حواء" بمسح المركبات عن طريق تعريضها لعدة اختبارات مصممة للقيام بها بشكل أوتوماتيكي، وهذه الاختبارات يمكن تصميمها بسرعة أكبر وبتكلفة منخفضة بشكل كبير عن الاختبارات المتوافق عليها والي يتم استخدامها حالياً. هذه التقنية تسمح بتصميم العديد من طرائق الاختبار والفحص التي من الممكن أن تعطي جدوى أكبر، واستخدام وسائل تسجيل وملاحظة أكثر فعالية مما يؤدي بالنهاية إلى زيادة احتمالية إنتاج عقاقير جديدة بتكلفة معينة.

لدى الروبوت "حواء" القدرة على اختبار أكثر من 10.000 مركب في اليوم الواحد. لكن على الرغم من أن هذه العملية يتم تنفيذها بشكل مؤتمت،إلا أنها ما تزال بطيئةً نسبياً وتتسم بشيء من عدم الذكاء بسبب عدم وجود القدرة على التعلم من الاختبارات والخبرات السابقة.

لتحسين هذه العملية، يختار الروبوت "حواء" عينة عشوائية من المركبات ويقوم باختبارها كي يعرف أيٌ منها سيقوم قادراً على اجتيازها، حيث أن تلك المركبات التي اجتازت الاختبار سيتم إعادة اختبارها عدة مرات للتأكد من سلامة النتائج. بالاعتماد على مجموعة المركبات التي اجتازت هذه الاختبارات، تقوم "حواء" باستخدام علم الإحصاء والتعلم الآلي للتنبؤ بتركيبات جديدة يمكن أن تعطي نتائج أفضل في الاختبارات.وعلى الرغم من أن الروبوت "حواء" لا يملك القدرة حالياً على تصنيع هذه التركيبات الجديدة، إلا أنه من الممكن إضافة هذه الخاصية في المستقبل.

يقول أحد الباحثين: " تستفيد كل الصناعات في وقتنا الحالي من التقنيات المؤتمتة، والعلوم الطبيعية ليست بمنأى عن هذا أيضاً. فباستخدام تطبيقات "التعلم الآلي"، ستكتسب عملية الأتمتة طابعاً ذكياً عوضاً عن كونها عملية روتينية سريعة، وهذا كفيل بدفع عجلة الاكتشافات العلمية نحو الأمام وتسريعها بشكل كبير"

للتأكد من صلاحية هذه العملية لاكتشاف العقاقير، قام باحثون بتطوير سلسلة اختبارات تقوم باستهداف الجزيئات الرئيسية للطفيليات التي تسبب أوبئة مثل الملاريا، حيث تم اختبار ما يقارب 1500 مركب متوافق عليه طبياً. خلال عملية الفحص، اكتشفت "حواء" أن المركب الذي تم استخدامه سابقا في عقار مضاد للسرطان يعمل على تثبيط جزيء رئيسي في طفيليات الملاريا يعرف بال" DHFR"وحالياً، ومن اجل إيقاف الملاريا يتم توزيع العقاقير التي تقوم بتثبيط هذا الجزيء بشكل روتيني على أكثر من مليون طفل، ولكن قدرة الملاريا على التطور ومقاومة هذا العقار يتطلب جهداً كبيراً في القيام بعملية البحث والتفتيش عن بدائل قوية وفعالة.

يضيف أحد الباحثين: "على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة، لم يستطع أحد القيام باكتشاف بديل فعال يقوم باستهداف جزيئ ال" DHFR " وينجح في الوقت نفسه في الاختبارات السريرية. لذلك، فإن اكتشاف "حواء" لمركبات جديدة تقوم بهذه المهمة يعد اكتشافاً مهماً عوضاً عن اعتبارها طريقة جديدة للبحث عن عقاقير."

دور الروبوت في إيجاد الدواء وكيفية عمله في المخبر

وهكذا نرى الدور البارز للروبوتات في هذا المجال ولربما مستقبلاً ستقوم هذه الروبوتات بكل العملية لتوجد عقاقير وأدوية فعّالة للبشرية...إلى أين قد تصل بنا الروبوتات؟ وإلى أي مدى سنعتمد عليها تساؤل يدور في الأذهان ونأمل الإجابة عليه مستقبلاً

#تكنولوجيا_طبية #روبوتات

المصدر:

هنا

لمعلومات إضافية عن الروبوت آدم والروبوت حواء :

هنا