المعلوماتية > الحوسبة السحابية

سحابة المستشعرات الافتراضية- الجزء الأول

تقوم الحوسبةُ السحابية بتطبيقاتها المختلفةِ على مبدأ مشاركةِ الموارد بدلًا من امتلاكها. فعلى سبيل المثال، عندما تحتاجُ إلى مساحةِ تخزينٍ إضافية لحفظ ملفاتك لفترة محدودة، ستتمكن من الحصول على المساحةِ المطلوبة من خلال الاستفادةِ من الخدمات التي توفرها عدةُ شركاتٍ في هذا المجال مثل "Google Drive" و"Microsoft OneDrive" بدلاً من شراءِ قرص صلب إضافي وتوصيله إلى جهازك الحاسوبي. وإلى يومنا هذا، ماتزالُ تقنياتُ الحوسبة السحابية وثقافةُ مشاركة الموارد هذه تحظى بشكل ٍمستمر بالمزيد من الاهتمام والانتشار لتشمل العديد من مجالات التطبيق الجديدة.

أحد هذه المجالاتِ هو سحابةُ المستشعرات أو الحساسات المقدّمةُ من جامعة Missouri للعلوم والتكنولوجيا، والتي تهدف إلى تمكين العديد من شبكات الحساسات والمستشعرات المنتشرة على مساحاتٍ جغرافية واسعة من الاتصال في ما بينها، وذلك لجعلها متاحةً للطلب والاستخدام من قبل العديد من المستخدمين في الوقت نفسه.

تشهدُ شبكاتُ المستشعراتِ اللاسلكية الصناعية نمواً كبيراً، إذ أنه من المتوقع أن يبلغ معدلُ نموِّ سوق هذه الشبكات حوالي 43.1 بالمئة سنوياً، وأن تصلَ إلى حوالي 3.795 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2017. ولكن على الرغم من هذا النمو إلا أن أفقَ الاستفادةِ من هذه الشبكات يبقى محدوداً بسبب نموذج الحوسبة المستخدم للتعامل معها. ففي تطبيقاتِ شبكات المستشعرات اللاسلكية التقليدية، يحتاجُ المستخدم إلى امتلاكِ شبكة المستشعرات الخاصة به، والقيامِ ببرمجة المستشعرات اللاسلكية وتجهيزها للاستخدام بما يتوافق مع التطبيق المطلوب، ثم قضاءِ الوقت وإنفاقِ الموارد للمحافظة على هذه الشبكة وصيانتها. كما أن المستخدمَ يكون مقيداً في هذه الحالة بتطبيق واحد فقط لكلّ شبكة مستشعرات.

تقدمُ سحابةُ المستشعرات نموذجاً جديداً للحوسبة في شبكات المستشعرات اللاسلكية، حيث يتم في هذا النموذج الفصلُ بين مالكِ الشبكة وبين المستخدمِ المستفيد من هذه الشبكة، مِمّا يسمحُ بأن يتمَّ التعاملُ مع شبكات المستشعرات اللاسلكية المتعددة في الوقت نفسه من أجل تطبيق واحد أو من أجل عدة تطبيقات وذلك بشكل يتَّـسمُ بالشفافية بالنسبة للمستخدمين.

يمكن تعريف سحابة المستشعرات على أنها بيئة حوسبة ذات مكونات غير متجانسة تنتشر في منطقة جغرافية واسعة وتربط بين عدة شبكات مستشعرات لاسلكية تتألف من حساساتٍ و أجهزةِ استشعار مختلفة. ومن الممكن أن يكونَ لكل شبكة من شبكات المستشعرات هذه مالكٌ مختلف. تقوم سحابة المستشعرات بمقابلةِ كلِّ جهاز استشعار فيزيائي بجهاز استشعار افتراضي وتزويدِ المستخدمين بخدمة الاستشعار عن بعد، إذ يقوم المستخدمون بشراء خدمات الاستشعار من سحابة المستشعرات بناءً على الطلب، ممَّا يجعلُ شبكاتِ المستشعرات الواسعةَ النطاق سهلةَ الاستخدام وفي متناول اليد.

كما ذكرنا، تتألفُ سحابة المستشعرات من أجهزةِ استشعار افتراضية مبينةٍ على أساس أجهزة الاستشعار اللاسلكية الفيزيائية، والتي يمكن للمستخدم إضافتهُا أو إلغاؤها بشكل آلي وديناميكي بناءً على متطلبات تطبيقاته.

تمتلك هذه المنهجية العديد من الفوائد والإيجابيات:

أولاً: توفر السحابةُ القدرةَ على إدارة المستشعرات بشكل أفضل، إذ يمكن للمستخدمين التحكمُ بشبكات المستشعرات واستخدامُها من خلال مجموعة من الوظائف القياسية التي تتيح التحكمَ بالعديد من المتغيرات مثلَ منطقة الاستشعار وتردد أخذ القياسات والتأخير الزمني والأمان وغيرها.

ثانياً: يمكن مشاركةُ البيانات التي يتم قياسُها أو التقاطها من قبل شبكات المستشعرات اللاسلكية بين عدة مستخدمين، مما يقللُ من تكلفة جمع البيانات بالنسبة للمستخدمين، ويزيدُ من كفاءة الشبكة بسبب عدم الحاجة إلى إجراء القياساتِ نفسِها بشكل متكرر لكلّ مستخدم.

ثالثاً: التفاصيلُ المتعلقة بأنواع أجهزة الاستشعار المستخدمة غيرُ ظاهرة للمستخدم، وبالتالي ليس عليه أن يقلقَ بشأن التفاصيل ذاتِ المستوى المنخفض مثلَ أنواع العناصر وأجهزة الاستشعار المستخدمة وكيفية إعدادها، إذ تقوم سحابة المستشعرات بمعالجة هذه التفاصيل بشكل آلي.

للتوضيح، لنأخذَ السيناريو التالي كمثال، ليكن لدينا أجهزة استشعار لحركة المرور تنتشر على نطاق واسع وفي العديد من المناطق. هذه المستشعراتُ متوضعةُ عند إشارات المرور الضوئية وتقوم بتزويدنا ببيانات حركة المرور في الزمن الحقيقي. يمكن للسائقين استخدامُ هذه البيانات من أجل وضع خطةٍ أفضلَ لرحلاتهم. بالإضافة إلى ذلك، إذا زودنا أجهزةَ استشعار حركة المرور هذه بأجهزة ذاتِ تكلفة منخفضة لاستشعار الحرارة والرطوبة، فإن ذلك يمكن أن يوفرَ إمكانية عرضٍ مخصّصٍ ومحليٍّ لبيانات ومؤشرات الحرارة بناء على الطلب. بالمقابل، تستخدمُ دائرة الأرصاد الجوية عادةً محطةَ أرصاد واحدةً فقط من أجل جمع البيانات البيئية في منطقة واسعة، وبالتالي فإنها قد لا تمثل المنطقة بأكملها بالدقة المطلوبة.

تعتمد سحابة المستشعرات على مفهوم المستشعر الافتراضي، وهو عبارة عن محاكٍ لمستشعر فيزيائي يحصل على بياناته من المستشعرات الفيزيائية المتوفرةِ فعلاً من خلال شبكات المستشعرات الموجودة. إذ يقوم المستشعر الافتراضي بتقديم الوظيفة أو خدمة الاستشعار المطلوبة للمستخدم دون أن يحتاجَ المستخدمُ إلى معرفة التفاصيل المتعلقة بالمستشعرات الفيزيائية المستخدمة.

في شبكات المستشعرات اللاسلكية، تكون المستشعراتُ عادةً غيرَ قادرة على تشغيل عدة مهام في وقت واحد، وللتغلب على هذه المشكلة، تكونُ المستشعراتُ الافتراضية عبارةً عن برمجياتٍ تقابلُ أجهزة الاستشعار الفيزيائية الموجودة، وتتضمنُ المعطياتِ المتعلقةَ بها وبالمستخدمين الذين يقومون حالياً بحجز هذه المستشعرات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمستشعر الافتراضي أن يتضمنَ تعليماتٍ برمجية لمعالجة البيانات الواردة من المستشعرات الفيزيائية، والتي يمكن أن تُستخدم للرد على استعلامات المستخدم الأكثر تعقيداً.

هناك المزيد لنتكلم عنه فيما يخصُّ سحابة المستشعرات الافتراضية، انتظرونا في المقال القادم!

----------------------------------