الطب > علوم عصبية وطب نفسي

استخدام الهواتف الذكية قبل ساعة من النوم!

نشرت دراسةٌ حديثةٌ أن اليافعين لا يحصلون على قسطٍ كافٍ من النوم، وكان المُلام هنا استعمال الهواتف الذكية وأجهزة أخرى قبل موعد النوم، حيث زاد ذلك من "كسر النوم" وانخفاض الفعالية خلال النهار التالي، واحتمال التعرّض لمخاطر صحية في المستقبل.

وقد قالت الممرضة آن جوهانسن المسؤولة عن الدراسة أن "استخدام التكنولوجيا في الساعة التي تسبق موعد النوم هو أمرٌ شائع تقريباً بين اليافعين الذين أُجريت عليهم الدراسة، وقد أظهر هذا عواقبه على فعاليّتهم في اليوم التالي، حيث لوحظ تواتر أكبر للاستيقاظ المبكّر وغير النشط، وتواتر أكبر أيضاً للنعاس الزائد عن الحد الطبيعيّ خلال أوقات النهار".

كانت الدراسة عبارةً عن تحليل ثانوي لعينةٍ مؤلفة من 259 يافعاً، قامت بها المؤسّسة الوطنية للنوم في امريكا (متوسّط أعمار المشاركين 17 عاماً، مدى الأعمار بين الـ 13 و الـ 21 عاماً، نسبة الذكور 52%).

ضمّ المسح أسئلةً عن الخصائص الديموغرافيّة، ومدة النوم، وتواتر الاستيقاظ غير النشط، والنعس خلال النهار، وتواتر استخدام الأجهزة التكنولوجية في الساعة التي تسبق موعد النوم.

وأضافت جوهانسن: "على الرغم من وجود العديد من الهيئات المختصَّة والتي تنصح بوجوب حصول اليافعين على (8،5 - 10) ساعات من النوم كلّ ليلة، إلا أننا وجدنا أن متوسّط مدّة النوم ضمن العيّنة المدروسة كانت 7،7 ساعات.

مع العلم أن حوالي 60% من هؤلاء اليافعين قالوا أنّهم يحتاجون على الأقل 8 ساعات في الليلة ليقوموا بأدائهم على أفضل وجه. كما لم يوجَد فرق ذو أهمّيّة إحصائيّة بين الجنسين من ناحية مدّة النوم، أما في فرق العمر بين اليافعين فقد حصل هؤلاء الذين كانوا أصغر من 16 عاماً على ما مُعدَّله 30 دقيقة نوم زيادة أكثر من اليافعين الأكبر عمراً.

وأضافت جوهانسن: "مواعيد النوم المتأخّرة ومواعيد الاستيقاظ المبكّرة كانت من العوامل الرئيسية المساهمة في قصر مدّة النوم (60% من العيّنة تخلد للنوم بين ال11 مساءً و ال2 صباحاً، 9% بعد ال2 صباحاً، 22% تستيقظ قبل ال6 صباحاً)."

أكثر من نصف العيّنة المدروسة تقوم تقريباً كل ليلة قبل النوم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ، والانترنت و/أو إرسال الرسائل القصيرة.

كان إرسال الرسائل القصيرة أكثر شيوعاً بين الإناث أما بين الذكور فكان لعب ألعاب الفيديو هو الأشيع.

كما كان الاستعمال المتكرّر للأجهزة التكنولوجيّة قبل النوم - كما ذكرنا سابقاً - متصاحباً بشكل كبير مع النعاس الزائد خلال النهار.

وفي سياقٍ مُتَّصل، وفيما يتعلّق بمدّة النوم التي يحصل عليها اليافعون، أصدرت الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال توصيةً للمدارس لكي تأخذ بعين الاعتبار تغيير مواعيد بدء الحصص الدراسيّة لما بعد ال8:30 صباحاً للسماح للأطفال واليافعين بالحصول على المزيد من الوقت للنوم.

يحتاج المراهقون لتوعيةٍ وتثقيفٍ أكثر حول التكنولوجيا!

أقل من 10% من اليافعين يقومون بإغلاق أجهزتهم الخليويّة في الليل، بينما تقوم الاتصالات / الرسائل القصيرة و/أو الإيميلات الواردة لهذه الأجهزة بإيقاظ حوالي ال30% منهم عدّة ليالٍ في الأسبوع أو حتى كلّ ليلة! ممّا يؤدّي إلى استيقاظٍ غير نشط أو ازدياد النعاس خلال النهار.

وأضافت جوهانسن -القائمة على الدراسة-: "إنّ أطفالنا محرومون من النوم أساساً، ثم أتت التكنولوجيا لتزيد الوضع سوءاً! مما أدى إلى حدوث خلل في نوعية وكميّة النوم، وإنّ المشكلة تتعاظم أكثر فأكثر. أن تضع التكنولوجيا بعيداً عنك في الساعة التي تسبق النوم هو جزء مهمّ من عادات النوم السليمة، وهؤلاء الأطفال يحتاجون إلى تثقيف حول هذا الأمر. إذا أردت الحصول على نومٍ ليليٍّ جيّد يجب عليك إبعاد التكنولوجيا!"

فيما لم يُبدِ سول روثينبيرغ - الدكتور في علم النفس والمتخصّص في سلوكيّات النوم - صدمته من هذه المعلومات التي قدمتها الدراسة، حيث أضاف قائلاً: "لقد أظهرت دراسةٌ أُجريت مؤخَّراً أنّ نقص مدّة النوم يتناسب طرداً مع عدد الأجهزة الإلكترونيّة التي يملكها الطفل في غرفة نومه؛ فكلّما امتلك الطفل أجهزةً أكثر كلّما كان ازداد احتمال أن ينام الطفل بشكل غير كاف وأن تصبح مواعيد نومه متأخّرةً، ويزداد الوضع سوءاً مع التقدّم بالعمر."

كما لفتَ روثينيبرغ النظرَ إلى بحث أُجريَ على مدى حوالي 20 عاماً (من 1991 -2012) وأظهر أنّ الأطفال في هذه الفترة يحصلون على نوم أقلّ ممّا كانوا يحصلون عليه في بدايات التسعينات، ويقول: "لقد تحوّل المنحى بكامله، فقبل 20 عاماً كانت غرفة النوم تحتوي على عدد قليل جدّاً من الأجهزة الإلكترونيّة."

وقد حذر الدكتور روثينبيرغ من أنّ الاكتفاء فقط بنهي اليافعين عن استخدام هواتفهم الذكية وأجهزتهم الأخرى قبل النوم دون فعل أيّ شيء آخر هو أمر غير مثمر:

"إنّ المقاربة التي أتّبعها مع مرضاي المراهقين هي أن أحاول استمالة المنطق السليم لديهم. الغالبيّة العظمى منهم يقومون بزيارتي من أجل اضطراب في الساعة البيولوجيّة ولكن الشكوى الرئيسيّة هي "لا أستطيع أن أغفو!" فأقول لهم إذا كنت تقوم بأيّ نشاط قبل النوم وهذا النشاط يجعلك مستيقظاً أكثر فإنّ هذه ليست بالفكرة السديدة! أمّا إذا كنت تقوم بشيءٍ ما يجعلك تشعر بالنعاس والاسترخاء، فإنه أمرٌ جيّد."

المصادر:

هنا