الطب > مقالات طبية

التدخين السلبي يدمر صحة الأبناء...

التدخين السلبي (Passive smoking):

التدخين السلبي هو استنشاقُ دخان تبغ شخصٍ مدخنٍ. والدخان المنبعثُ من فم المُدخِّن مع الزفير يُدعى دخانَ التيار الرئيسي، أما الدخانُ المنبعثُ من السيجارة المشتعلة يُدعى الدخان الجانبي. ويُطلَق على مزيج الدخان الرئيسي والجانبي دخان التبغ غير المباشر (SHS) أو دخان التبغ البيئي (ETS).

يبقى الدخان في الهواء:

عندما يُدخِّنُ شخصٌ ما سيجارةً؛ فإنَّ الدخان المنبعثَ مع زفيره ومن طرف السيجارة المشتعلة يتحرَّرُ في الهواء. وقد يبقى الدخان في الهواء فترة زمنية تصل إلى 2.5 ساعة، حتَّى إذا كانت النافذةُ مفتوحةً. وقد يبقى الدخانُ موجودًا حتى وإن لم تره أو تشمَّ رائحتَه. وينطبق هذا الأمرُ أيضًا في الأماكن المغلقة الصغيرة مثل السيارات. وقد يبقى الدخان موجودًا وبكمياتٍ كبيرةٍ حتَّى بعد توقُّف الشخص عن التدخين وذلك لأن دخانَ التبغِ أثقلُ من الهواء؛ فعادةً ما يستقرُّ في منطقة منخفضة من الغرفة بعدَ أن يبرُدَ.

مخاطرُ التدخين السلبي:

للتدخين السلبي أضرارٌ كثيرة، وذلك لأنه يتضمَّن قرابة سبعة آلاف مادة كيميائية، ويُعدُّ العديد من هذه المواد سامًّا ومخرِّشًا، ثم إنَّ بعضَها مسرطنٌ. فبعض المكونات كالأمونيا (غاز النشادر) والكبريت والفورمالدهيد تخرِّش العين والأذن والحنجرة والرئتين. وتُعدُّ هذه المكوناتُ ضارَّة، خاصَّةً للأشخاص المصابين بأمراضٍ تنفسيةٍ مثل التهاب القصبات والربو، فالتعرُّض للتدخين السلبيّ قد يساعد على ظهورِ أعراضِها أو جعلِها أسوأ.

يُعدُّ التدخين السلبيُّ الناجمُ عن جميع أنواع التبغ ضارًّا، متضمنًا:

• السجائر.

• السيجار.

• تبغ الغليون.

• التبغ الذي يُلفُّ بواسطة اليد.

• النرجيلة.

إنَّ التعرضَ المتكرِّر للدخان الناتجِ عن تدخين أشخاصٍ آخرين يمكن أن يزيد من خطر الاصابة بسرطان الرئة، كذلك يزيدُ التدخين السلبيُّ من خطر الإصابة بسكتةٍ قلبيةٍ أو قصورٍ في عمل القلب أو سكتةٍ دماغيةٍ.

تأثيرُ التدخين السلبي في الأطفال:

أولاً: التأثيرُ في الجنين:

عندما تستنشقُ المرأةُ الحاملُ الدخانَ المنبعثَ من سجائر أحدِ المدخنين (التدخين السلبي)، فإنَّ الموادَّ الكيميائيةَ الموجودةَ في هذا الدخان تنتقل إلى رئتيها ومن ثمَّ إلى مجرى الدم. يمكنُ للنيكوتين، وأُحادي أُكسيد الكربون وموادَّ كيميائية أخرى أن تعبرَ حاجز المشيمة لتصل إلى الجنين.

إنَّ النساءَ اللائِي يتعرضْنَ لآثارِ التدخين السلبيِّ هُنَّ أكثرُ قابليةً لإنجابِ أطفالٍ قليلِي الوزن عند ولادتهم (أقل من 2500 غرام). عمومًا؛ فإنَّ الأطفال المولودين من أمهاتٍ تعرضْنَ للتدخين السلبي هم أقلُّ وزنًا عند الولادة على نحو طفيف مما لو كانوا غير ذلك.

ليس من الضروري لذلك أن يؤثِّر سلبيًّا في الطفلِ السليم، ولكن قد يُعرِّضُ الأطفالَ المصابين بمشكلات أُخرى لخطرٍ إضافيّ. ثم إن الجنين عندَ المرأة التي تعرَّضت للتدخينِ السلبيِّ أكثرُ قابليةً للولادة المبكرة (أقل من سبع وثلاثين أسبوعًا).

ثانيًا: التأثيرُ في الرُّضَّع والأطفال: 

إنَّ الأطفال معرَّضون خصوصًا لتأثيرات التدخين السلبيّ. إذ قُدِّر عددُ الأطفال في أستراليا عام 1998 الذين تعرضوا للوفاة بسبب أمراضٍ مرتبطةٍ بالتدخين السلبي بقرابة ثلاث وعشرين طفلًا أستراليًّا.

ففي الأُسَر التي يُدخِّن فيها أحدُ الوالدين على الأقل، إنَّ الطريقة الوحيدةَ لحماية الأطفال من التدخين السلبي هي بمنع التدخين داخلَ المنزل أو السيارة.

ثم إن الرُّضَّع المعرَّضين للتدخين السلبي ذوو خطرٍ أكبرَ للإصابةِ بمتلازمة موتِ الرضيع الفُجائي (SIDS). أوصى الباحثونَ الأمهاتِ المدخّنات بعدم مشاركةِ السرير مع أطفالهنَّ الذين تبلغُ أعمارهم أقلَّ من أربعة شهور.

إنَّ لدى أطفال المدخنين معدلات مرتفعةً لإصابة الرئة والمسالك الهوائية بالتهابات مثل التهابِ القصبات، والتهابِ القصيبات والالتهابِ الرئوي في خلال السنتين الأوليّتين من حياتهم مقارنةً بالأطفالِ لأبوين غير مُدخّنَين. ثم إنَّهم معرّضون أكثرَ للإصابة بأمراض الأزيز (Wheeze Illnesses).

أطفالُ المدخنين أيضًا أكثرُ قابلية للإصابة بالأذن الصمغية (Glue mar) أو التهاب الأذن الوسطى (Otitis media)، وهو الذي يعدُّ التهابًا شائعًا للأذن عند الأطفال.

ثم إنَّ أطفالَ المدخنين أكثرُ قابليَّة للإصابة بالأذن الصمغية مرات متتالية ومن ثمَّ وعلى المدى الطويل الإصابةِ أيضًا بانصباب الأذن الوسطى (تسرُّب السائل). 

إنَّ أمراض الأذن الوسطى هي سببٌ شائعٌ للإصابة بفقدِ السّمع عند الأطفال، وهو الذي قد يُؤخِّر تطوُّرَ النُّطق.

أطفالُ المُدخنين لديهم انخفاضٌ بسيطٌ بوظيفة الرّئة، وبذلك فإنهم لا يتمكنون من الاستنشاق بعمقٍ أو الزفير بقوةٍ مقارنة بأطفال غير المدخنين. ويُصاب الأطفال من جميع الفئات العُمُرية حتى المراهقين، ثم إنَّ بعض الأدلّة تقترح بأنَّ انخفاضَ وظيفة الرئة يبقى مستمرًّا حتى البلوغ.

الأطفال في عمر المدرسة لأبوين مدخنين هم أكثر قابلية لظهور أعراضٍ تتضمَّن السعالَ والبلغم والأزيزَ وضيقَ التنفس. لوحظَ أنّ الربو أكثرَ شيوعًا عند أطفالِ المدخنين. كذلك الأطفال المصابون بالربو والمعرضون للتدخين السلبي لديهم خطرٌ أكبرُ لتطوّر الأعراض في وقتٍ مبكرٍ من حياتهم، وكذلكَ لظهورِ أعراضٍ أخرى إضافة إلى نوباتِ الربو. ثم إنَّهم أكثرَ قابلية لاستخدام أدويةِ الربو بتكرار وفترة أطول.

يبدو أنَّ التدخين السلبيّ يضعفُ الجهازَ المناعي عند الأطفال والبالغين غير المدخنين؛ مما يزيدُ خطرَ الإصابةِ بالعدوى. ثم إن الأطفال المعرَّضين للتدخين السلبيّ أكثرُ قابلية للإصابة باختلاطاتٍ بالرئة في أثناء وبعد الجراحة التي تتطلَّب تخديرًا عامًّا.

أطفالُ المدخنين لديهم خطرٌ متزايدٌ للإصابةِ بداءِ المكوّرات السِّحائية الذي يمكنُه أحيانًا أن يُسبِّب الوفاة، أو إعاقة عقلية، أو فقدًا للسمع أو فقدًا لأحد الأطراف. إنَّ المدخنين أكثرُ قابلية ليكونوا ناقلين للجراثيم التي تُسبِّب هذا المرض.

وتقترح بعضُ الأدلّة بأنَّ المرأةَ الحامل وطفلَها والمعرَّضين للتدخين السلبيّ قبلَ الولادة وبعدها، فإنَّ طفلها أكثرُ قابلية للإصابة بأنواعٍ محدَّدةٍ من السرطان مثل ابيضاض الدَّم، أو الورم اللمفي أو سرطان الدماغ. (هذه المعلومة تحتاج إلى بحوث إضافية لكي تُؤكَّد). 

يمكن لتأثيراتِ التدخين السلبي -التي قد تقود إلى الإصابة بأمراض القلب- أن تبدأ في مرحلة الطفولة أو المراهقة.

على الرغم من أنَّ أعراضَ التدخين السلبي تصبحُ أقلَّ شيوعًا مع تقدم العمر؛ إلا أنه من المهمّ حمايةُ الأطفال في جميع الفئات العُمُرية من التدخين السلبي.

المصادر:

هنا

هنا

هنا