الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء

دور الحيوانات الكبيرة في تجديد الغابات الاستوائية لا يقدّر بثمن!!

سببت عمليات قطع الأشجار والزراعة والاستخدامات البشرية الأخرى تدهورَ ما يقارب ثُلثي الغابات الاستوائية في جنوب شرق آسيا وهلاكَ قسمٍ كبير من حيواناتها نتيجة الصيد والإتجار بلحومها، وبما أن هذه الغابات تتجدد بشكل طبيعي فإنها تعتمد على ما تبقى من حيواناتها البرية الكبيرة لتفريق بذور أشجارها الكبيرة وذلك وفقاً لدراسة جديدة نشرت في مجلة mongabay.org.

درس الباحثون أهميّة الثدييات الكبيرة كالقرود البرية (wild primates)، الغزلان (deer)، الزباديات (civets)، الخنازير البرية (wild pigs)، والتابير (tapirs)، ودورها في نشرِ بذور الأشجار الكبيرة ضمن غابة "هارابان" المطيرة الواقعة في جزيرة سومطرة، والتي تدهورت نتيجة عمليات قطع الأشجار والزراعة، ولقد توصل الباحثون أن لهذه الحيوانات الكبيرة دورٌ حيويٌّ في ترميم الغابة.

تقع غابة هاربان المطيرة في المناطق الشرقية المنخفضة من جزيرة سومطرة وذات الترب الجافة وعلى ارتفاع يتراوح بين 394-98 قدماً (120-30متراً)، بمساحةٍ تقاربُ 3809.5 ميلاً مربّعاً (985.5 كيلومتراً مربعاً). وهي من أوائل الغابات التي بدأت تستعيد نظامها البيئي في إندونيسيا بعد أن تعرضت سابقاً وبكثافة إلى عمليات قطع الأشجار أو إزالتها وحرقها للزراعة، وهي تحتوي على مزارع زيت النخيل الصناعي، والمطاط، والصمغ كما تتواجد في محيطها بعض العمليات الزراعية بنطاق صغير، أما أقل الأجزاء تدهوراً فيها فهي المناطق المغلقة والظليلة التي ينتشر ضمنها خليطٌ من أنواع مختلفة من الحيوانات الكبيرة.

قام الباحثون بتوزيع كاميرات رقمية في 148 موقعاً في أنحاء غابة هاربان بهدف مراقبة الثدييات الأرضية فيها، وجُمِعت البيانات خلال 30 يوماً ولفترة زمنية تراكمية بلغت 4.155 يوماً.

شملت الصور الملتقطة باستخدام كاميرات المراقبة حيوانات ثديّة بريّة تقوم بتفريق البذور، وصُنفت هذه الحيوانات بناءً على عدة عوامل بما فيها قدرتها وميلها إلى نقل البذور بدلاً من مضغها أو التخلص منها فوراً، وأيضاً بناءً على متوسط المسافة التي تقطعها الحيوانات، وعلى تشكيلة أنواع البذور التي تستهلكها، وعلى قابلية البذور المفرّقة على الإنبات. كما تمت الاستعانة بصورِ الأقمار الصناعيّة لتقييم مقدار الغابات الظليلة التي غطتها الكاميرات وذلك بالتّزامنِ مع جَمعِ البيانات من كاميرات المراقبة الأرضية.

وكشفت الدراسة أن أكثر أنواع مفرّقات البذور انتشاراً كانت قرود المكاك خنزيرية الذنب (Macaca nemestrina)، الآيل الحمراء (Muntiacus muntjak)، الخنازير البرية الأوروبية الآسيوية (Sus scrofa)، فأر الغزال الصغير (Tragulus kanchil)، التابير الماليزي (Tapirus indicus)، وجميعُ أنواع فصيلة الزباديات (Civet)، وقد تم تسجيل وجود الدببة الشمسية (Helarctos malayanus)، والتابير الماليزي في حوالي ثلث المواقع تقريباً. وافتقرت عشر كاميرات إلى وجود أي نوع مُحتمل من مفرّقات البذور، كما سُجل غياب نوعين رئيسيين من الحيوانات في جميع تسجيلات الكاميرات وهما قرد الأورانج اوتان أو انسان الغاب (Pongo abelii)، وَوحيد القرن السومطري (Dicerorhinus sumatrensis).

وقد كتب الباحثون في تعليقهم على نتائج الدراسة: "إن أكثر النتائج لفتاً للنظر في دراسة الثدييات البرية المُوزِّعة للبذور في الغابات المتدهورة من الأراضي المنخفضة في جزيرة سومطرة هي محافظتها على تنوع كبير لأصنافها ونشاطها العالي في ترميم الغابة بالرغم من التدهور الكبير في مواطنها، لذلك تعتبر هذه الأنواع مخففة للتدهور على الأقل خلال الفترة الزمنية التي أجري فيها البحث. لقد أثبتنا في دراستنا أنه بتخفيض ضغط الصيد، ستأوي هذه المناطق عدداً كبيراً من الثدييات الكبيرة بما فيها بعض الأنواع المُهددة بالانقراض عالمياً. وللكثير من هذه الأنواع أهمية في توزيع بذور الأشجار، حيث يُتوقع أن تلعب دوراً مهماً في استعادة الغطاء النباتي لهذه المناطق مُحققة بذلك هدفاً مباشراً من أهداف الترميم وهو توفير حماية فعالة للثدييات الكبيرة عبر تطبيق سيناريو رابح يُفيدُ في ترميم الغابة والحفاظ على التنوع البيولوجي".

خلُصت الدراسة إلى أن تدهور الغابات لا يؤدّي دائماً إلى خسارة في الحيوانات البرية الكبيرة المُفرقة للبذور وأنه لابدّ من العمل على حماية هذه الحيوانات من التهديدات الخارجية وضرورة تنظيم الصيد وتجارة لحوم الحيوانات وعمليات قطع الأشجار فهي إجراءات مهمة لخطط إدارة الغابات وترميمها في حال كانت هذه الغابات تتجدد بشكل طبيعي.

المصدر:

هنا

لمعلومات إضافية حول أنواع الحيوانات المذكورة:

فصيلة الزباديات: هنا

التابير: هنا

قرود المكاك خنزيرية الذنب: هنا

الغزلان الحمراء: الأيل الأحمر هنا

الخنزير البري الأوروآسيوي: هنا

فأر الغزال الصغير: هنا

التابير الماليزي: هنا

فصيلة الزباديات: هنا

الدببة الشمسية: هنا

انسان الغاب: هنا

وحيد القرن السومطري: هنا