الفيزياء والفلك > علم الفلك

لم لا يستطيع مقراب هابل التقاط صور واضحة لكوكب بلوتو كتلك التي يلتقطها للمجرات البعيدة؟

إن الصور التي تأتينا عبر تلسكوب هابل للمجرات التي تبعد عنا مليارات السنين الضوئية واضحة بشكل كبير، على عكس صور هابل لكوكب بلوتو الأقرب بكثير حيث تكون مجرد نقاط صغيرة غير واضحة؟!. في الواقع، من الصعب علينا فهم ذلك تماماً، حيث أن كوكب بلوتو يعد بعيداً إلا أن بعد تلك المجرات أكبر بكثير.

ولتفسير ذلك لا بد من مساعدة بعض المفاهيم الرياضية الأساسية؛ فالسؤال الأساسي هنا ما مدى الضخامة التي يظهر فيها بلوتو والمجرات الأخرى في السماء. وللإجابة على هذا السؤال علينا معرفة حجومهم وأبعادهم عنا.

تبعاً للصور والمعلومات التي نشرت لصورة هابل للمجرة NGC 5584، فإنها تبعد حوالي 72 مليون سنة ضوئية، وتمتد الصورة لمسافة 50000 سنة ضوئية. يظهر في الصورة توهج أزرق للنجوم الفتية في الأذرع الحلزونية للمجرة وممرات من الغبار الأسود يظهر متدفقاً من المركز ذو اللون الأصفر حيث تتواجد النجوم الأكبر سناً. النقاط الحمراء اللامعة في الصورة تعود لمجرات خلفية كبيرة.

أما بحسب صورة مأخوذة لكوكب بلوتو في 7تموز 2012 عبر كاميرا مقراب هابل الواسعة المجال 3 ويظهر بلوتو مع قمره الخامس المكتشف مؤخراً، P4 و P5 المعروفة حالياً بأقمار كيربيروس و ستييكس على الترتيب. وعبر محاكاة النظام الشمسي فإن بلوتو يبعد 4.675 مليار كيلومتر عن الأرض ويمتد لـ 2400 كيلومتر عرضياً.

ولتقدير كيف يظهر حجم هذه الأجسام في سمائنا، بإمكاننا أخذ معدل حجم هذه الأجسام إلى مساحتها، ولكن قبل أن تتعب نفسك بالأرقام ذات الأصفار الكثيرة لنقم في البداية بحساب اختباري بسيط لمراتب هذه المقادير.

-حيث عرض المجرة من مرتبة مئات الآلاف مقسومة على بعد من مرتبة مئات الملايين وبالتالي تكون مرتبة هذه النسبة حوالي (1/1000).

- أما بلوتو فيكون عرضه من مرتبة ألف مقسوم بعد من مرتبة المليار فتبلغ النسبة حوالي (1/1000000).

- بالنظر إلى النسبتين التي حصلنا عليهما نجد أن المجرة ستظهر أكبر بحوالي 1000 مرة من بلوتو.

من المهم بدايةً القيام بفحص أولي واقعي كالسابق، أما الأن لندخل في حسابات الأرقام التفصيلية:

- بالنسبة للمجرة: 50،000سنة ضوئية/ 72مليون سنة ضوئية= 0.00069.

- أما بالنسبة لبلوتو: 2400كم / 4675مليون كم = 0.00000051.

-وبملاحظة المعدلين السابقين سنرى أن المجرات تظهر أكبر بـ 1300 مرة من بلوتو.

إذاً هل يجدر بهابل إظهار المجرات أم بلوتو أكثر وضوحاً؟! للإجابة على هذا السؤال فإننا نحتاج إلى معرفة الدقة الزاوية لكاميرا هابل. حيث جرى استخدام الكاميرا واسعة المجال 3 WFC3 لالتقاط كلا الصورتين، وبالنظر إلى الدقة الزاوية سنجد أنها تبلغ 0.04 ثانية قوسية (1ثانية قوسية= 1/3600 درجة) وبالتالي فإن البيكسل الواحد من صورة هابل يمتد لـ 0.04 ثانية قوسية.

وبتحويل هذا الرقم إلى الراديان نجد أنه يساوي 0.19 ميكرو راديان*. وقد قمنا بهذا التحويل بسبب خاصة رياضية يمكننا استخدامها حيث عندما نتعامل مع زوايا صغيرة جداً. يمكننا اعتبار أن ظل الزاوية tangent (نسبة طول الضلع المقابل للزاوية في المثلث القائم على طول الضلع المجاور لها)، وقياس الزاوية بالراديان متساويان تقريباً. والمثلث المدروس هنا نحيل للغاية إلى درجة أننا يمكننا اعتباره مثلث قائم. وبالنظر إلى المجرات في السماء فيمكن القيام بذلك بأخذ ناتج قسمة عرض المجرة على بعدها عن المراقب (أي نفس النسبة التي حسبناها من قبل).

وبالتالي فإن نسبة عرض المجرة إلى بعدها عنا هي 0.00069 تعطينا الزاوية التي تتموضع فيها المجرة في الفضاء بالراديان. وبقسمة ذلك على الدقة الزاوية بواحدة الراديان لكل بيكسل 0.00000019،نحصل على 3600 بيكسل بينما حجم بلوتو 1/1300 بالنسبة للمجرة وبالتالي فإنه لا يأخذ إلا حوالي 3 بكسل من المجال الذي يغطيه هابل.

إن بلوتو يعد كوكباً صغيراً جداً، ولكن حتى لو أخذنا المشتري الأكبر ب 60 مرة وافترضنا أن له نفس بعد بلوتو عن الشمس فإنه لن يشغل إلا حوالي 150 بيكسل وبالتالي سيظهر أيضاً أصغر من المجرات.

إن المجرات بعيدة للغاية ولكن الكثير منها أكبر بكثير من بعدها عن مجموعتنا الشمسية. إنها نقطة تستحق التفكير. حيث أن المجرات التي تبعد عنا ملايين السنين الضوئية تظهر أكبر بحوالي الأف مرة من الكواكب داخل مجموعتنا الشمسية.

* 0.04ثانية قوسية * 1/3600 (درجة/ثانية قوسية) * π2 راديان / 360درجة =0.19 ميكروراديان

المصدر:

هنا