الكيمياء والصيدلة > كيمياء

كيمياء التدخين بين السرطان والإدمان

من المعروف و المثبت علمياً أنَّ التدخين يسبب السرطان، جميعنا يعلم أنَّ النيكوتين موجودٌ في السجائر وهو المركب الذي يسبب الإدمان على التدخين، لكنّ الأمر الذي قد يجهله البعض هو كمية المواد الكيميائية التي تحتويها السجائر والتي قد تسبب السرطان إضافة لتأثيرات أخرى في الجسم، وهذه التأثيرات تفسر لماذا يجب أن تتجنب المرأة الحامل التدخين.

يحتوي دخان السجائر على الكثير من المواد العضوية، حيث يبلغ عددها حسب التقديرات في السنوات القليلة الماضية ما يقارب الـ 7360 مادة، 70 مادةً منها تملك تأثيراتٍ مسرطنةً للإنسان والمواد الأخرى يُشك بأنها تملك تأثيرات مسرطنة.

لنبدأ بالمركب الذي يعرفه الجميع وهو النيكوتين، وهو مركب لاعضوي ينتمي لمجموعة القلويدات التي تضم أيضاً الكافيين. هذا المركب لا يُعتبر مسرطناً. تحتوي السجائر حوالي 10 ملغ من النيكوتين وسطياً. عندما يتم استنشاق دخان السجائر يتم امتصاص النيكوتين من الرئتين إلى مجرى الدم، وعند وصوله إلى الدماغ فإنه يحفز إنتاج العديد من النواقل العصبية. ينتحل النيكوتين صفة الأستيل كولين (وهو ناقلٌ عصبي) ويرتبط بمستقبلاته (أي التي يرتبط بها الاستيل كولين عادة) ويحفز نتيجةً لهذا الارتباط إنتاج الدوبامين الذي بدوره يتدخل في جهاز المثوبة الدماغي

(Reward System or Pathway) في الدماغ* و هذا بدوره يؤدي إلى الإدمان على التدخين. يُعدُّ النيكوتين سامّاً للإنسان بجرعاتٍ عالية، أعلى من تلك التي تدخل الجسم عن طريق التدخين.

والآن دعونا نلقِ نظرةً سوياً على بعض المركبات العضوية الأخرى الموجودة في السجائر و التي تُعتبر أكثر سميةً للإنسان:

أمينات النترو:

1.N Nitrosamines:

هي مجموعةٌ كبيرةٌ من المركبات العضوية الحاوية على النيتروجين. أظهرت الدراسات التي تمّت عليها أنها تسبّب طفرات في الـDNA والعديد منها تُعتبر مركباتٍ مسرطنة، وهي تشمل المركبات الموجودة في تركيب التبغ . من هذه المركبات نذكر مركب NNK (nicotine-derived nitrosamine ketone) وهو نيتروز أمين كيتون مشتق من النيكوتين، و مركب NNN (nitrosonornicotine) وهو نيتروزو نور نيكوتين و يعتبر هذان المركبان الأخطر من حيث التأثيرات المسرطنة. أظهرت الدراسات أن تراكيزاً متفاوتة من أمينات النترو تدخل في تركيب التبغ، وأن أنواع السجائر التي تحتوي تركيزا أقل من القطران تحتوي مستوى أقل من مكبات النيتروز أمين.

2. البنزن Benzene : مركب عضوي يتشكّل طبيعياً كنتيجةٍ لحرائق الغابات و الثورات البركانية. من أهمّ مصادر تعرض الإنسان لهذا المركب هي السجائر، و التي تشكّل ما يقارب 50% من مصادر تعرض الإنسان للبنزن في الولايات المتحدة الأميركية. أثبتت الدراسات على الإنسان والحيوانات أنّ البنزن مادةٌ مسرطنة، وتسبب تغييرات في الصبغيات في نقيّ العظم ( تحت شروطٍ مخبرية)؛ نقيّ العظم هو الموضع الذي تتكون فيه كريات الدم الجديدة وأيّ أذيةٍ تصيبه سوف تؤدي إلى فقر دم و انخفاض مستوى مكونات الدم الأخرى.

3. الأمينات العطرية Aromatic Amines : الأمينات هي مجموعة من المركبات تُستخدم في صناعة المبيدات، صناعة البلاستيك، والصناعات الدوائية. كما نجدها أيضاً في دخان السجائر. يكون تركيزها أعلى في الدخان الناتج عن احتراق نهاية السيجارة. وقد أثبتت الدراسات أنّ العديد من هذه المركبات مسرطنةٌ للإنسان، وهناك دلائل واضحةٌ ومتزايدةٌ على أنها تساهم في الإصابة بسرطان المثانة عند المدخنين بشكلٍ خاص.

4. الفورمالدهيد Formaldehyde والاسيتالدهيد Acetaldehyde: تنتمي هذه المركبات إلى مجموعة الالدهيدات. يُعتبر الفورمالدهيد مادةً مسرطنةً للإنسان بينما تمّ إثبات أنّ الاسيتالدهيد مسرطنٌ للحيوانات وقد يكون مسرطناً للإنسان. في الواقع الاسيتالدهيد هو المركب الأكثر توافراً في دخان التبغ، ينحلّ في اللعاب أثناء التدخين. كلٌّ من الاسيتالدهيد والفورمالدهيد يسبّبُ تخريشاً للجلد والعينين والحنجرة والأغشية المخاطية والطرق التنفسية.

5. بوتاديين 1,3 Butadiene: هو مركبٌ هيدروكربونيٌّ بسيط، يحتوي على رابطتين مزدوجتين. في دراسةٍ تمّت في 2003 من قبل Fowles وDybing أُخذت بعين الاعتبار عوامل الخطورة للإصابة بالسرطان وأمراض القلب للعديد من المركبات الموجودة في السجائر، وقد أظهرتْ الدّراسة أنّ مركّب 1,3 بوتاديين يملك أعلى عاملِ خطورةٍ للإصابة بالسّرطان ويُشكّ بأنّ له تأثيراتٍ ماسخة ( مشوهة ) للأجنة. كما أثبتتِ الدّراسات على الحيوانات أنّ استنشاق البوتاديين أثناء الحمل يزيد احتمال حدوث تشوهات ولادية.

6. أكروليين Acrolein : الدهيد غير مُشبع (يحتوي على رابطةٍ مزدوجةٍ بين ذرتي كربون)، وهو مركبٌ سامٌّ مخرّشٌ للعينين والبشرة والطرق التنفسية. هنالك ارتباط بين الأكروليين الموجود في دخان السجائر والإصابة بسرطان الرئة. ورغم أنّ تأثيراته المسرطنة لم تُثبت بعد، إلا أنّه من المعروف أنّ هذا المركب يسبّب طفراتٍ في الـDNA و هذا بدوره له تأثيراتٌ مسرطنة. هنالك ارتباطٌ بين الأكروليين والإصابة بأمراض القلب. يُذكر أنّ الأكروليين يتواجد بكمياتٍ كبيرةٍ في السجائر.

7. الهيدروكربونات متعددة الحلقات العطرية Polyaromatic Hydrocarbons: مجموعةٌ من المركبات تضمُّ أكثر من 10 مركباتٍ كيميائيةٍ عضوية، وتتشكل من الاحتراق غير الكامل للمركبات العضوية. أثبتت الدراسات أنّ العديد من هذه المركبات لها تأثيراتٌ مسرطنةٌ ماسخة، أو تتسبّبُ بحدوث طفرات. مركب بنزو- أي- بيرين Benzo-a-pyrene هو أكثر هذه المركبات فعاليةً وأول مركبٍ مسرطنٍ تمّ عزله من هذه المجموعة من المركبات. التعرض لتراكيزَ كبيرةٍ من الهيدروكربونات متعددة الحلقات في الرحم يترافق مع انخفاض نسبة الذكاء؛ الـIQ و إصابة الطفل بالربو والتأثيرات الأخرى اللاحقة للولادة كتشوّه القلب الخِلْقي وأذية الـDNA (الحمض النووي الريبي منقوص الأوكسيجين)

يعرض الإنفوغراف التالي ملخصاً لبعض المركبات السامة التي تدخل في تركيب السجائر وما لها من تأثيرات على الجسم :

* جهاز المثوبة الدماغي: هو دارة معقّدة من الخلايا العصبية أو العصبونات، تطورت لجعلنا نشعر بالنشوة بعد الأكل أو ممارسة الجنس أو غيرها من النشاطات التي نحتاجها للبقاء على قيد الحياة.

المصادر: هنا

هنا

هنا

هنا