البيولوجيا والتطوّر > منوعات بيولوجية

تخفيض الوزن يعتمد على الخصائص البيولوجية للفرد

- الطب الشخصي قد يكون العلاج الفعّال للسُّمنة.

تعتبر عملية تقليل الوَزنِ مَهَمةً ليست بالسهلة لمعظمنا، خاصةً لأولئك الذين وصلوا لمرحلة البدانة. وتتفاوت عملية تقليل السعرات الحرارية من شخصٍ لآخر. فقد استطاعت مجموعةٌ من العلماء العاملين في فرع الأبحاث السريرية لانتشار الأوبئة [(Epidemiology and Clinical Research Branch (EPCRB] نشر دراسةٍ في مَجلةِ السُّكري تثبتُ وللمرة الأولى هذا التفاوت بين الأفرادِ في الإستجابة لعمليةِ تقليل السُّعراتِ الحرارية، وتقدم بنفس الوقت نظرةً مُستقبليةً عن كيفية علاجِ السمنة.

تقول سوزان فوتروبا المحققة السريرية في EPCRB وأحد المشاركين في هذه الدراسة: عندما يلجأ الأشخاص البدناء إلى تقليل كميات الطعام بهدف تخفيف الوزن، تكون الاستجابات الأيضية

(الاستقلابية) لهذه العملية مُتفاوتةً فيما بينهم. حيث أنَّ تقليل العمليات الأيضية سيؤدي إلى خسارةٍ قليلة في الوزن مقارنة مع الإلتزام بنظام غذائي معين الذي قد يعطي نتائج أفضل إلى حدٍ ما. لذلك تهدف دراستنا إلى وضع تصورٍ شاملٍ يأخذ بعين الاعتبار الإختلافات الفردية بين الأشخاص حيث أن تقليل الاستقلاب بهدف خسارة الوزن لن يكون مجدياً على المدى الطويل.

قام الباحثون بتطبيق الدراسة على 12 رجلاً وامرأة من زائدي الوزن، تم تسجيل العمر والجنس والوزن المبدئي لكل مشارك، ثم تم قياس سُعراتهم الحرارية وتغييرها على مدى ستةِ أسابيع. حيث تم أخذ أول قياساتٍ للمشاركين بعد يومٍ كاملٍ من الامتناع عن الطّعام، وبعد ذلك خُفضَ المُدخول اليومي للسعرات الحرارية إلى النصف طوال مدة الدراسة.

وجد الباحثون بعد نهاية هذه الفترة، أنَّ الأشخاص الذين خسروا وزناً أقل هم نفسهم الذين تباطأت عملياتهم الاستقلابية بشكل أكبر خلال اليوم الأول الذي امتنعوا فيه عن الطعام. ويعتقد الأطباء وخبراء الحميات الغذائية أن الصِّفات الحيوية للفرد تمتلك الأثر الكبير على تخفيض الوزن ولكن من الصعوبة بمكان إثبات هذه العلاقة حتى الآن.

بناءً على النتائج قام الباحثون بتوصيف المشاركين الذين خسروا كميةً قليلةً من الوزن بأنهم أصحاب الاستقلاب الاقتصادي، مقارنةً مع الاستقلاب التبذيري للأشخاص الذين فقدوا كميةً وزنٍ أكبر. والتساؤل المطروح لدى الباحثين، هل يُولد الناس باختلافاتٍ بيولوجيةٍ محددةٍ أم أنّهم يطورون هذه الاختلافات عبر الوقت تبعاً للتأثيرات البيئية؟ والإجابة عن ذلك تحتاج للمزيد من الأبحاث للكشف عن الغموض الذي تخفيه هذه النتائج.

تدعم نتائج هذه الدراسة فكرة أنّ بعض الأشخاص زائدي الوزن عليهم العمل أكثر من غيرهم لخسارة الوزن وذلك بسبب طبيعتهم البيولوجية واختلافها عن غيرهم، لكن بيولوجيا الشخص ليست قدره الحتمي، فالنظام الغذائي المتوازن والنشاط البدني والمستمر لفتراتٍ طويلةٍ وثابتةٍ، سيكون مؤثراً حتماً في عملية خسارة الوزن.

تبلغ نسبة أصحاب الوزن الزائد في أمريكا بين البالغين حوالي 34.9%. بينما حوالي 17% من الأطفال والمراهقين يميلون إلى البدانة، وذلك وفقاً لمركز التحكم بالأمراض (Centers for Disease Control (CDC الذي وجد أنَّ نسبة البدانة بين الأطفال والمراهقين تضاعفت ثلاثَ مراتٍ مقارنةً بما كانت عليه قبل جِيلٍ واحدٍ فقط. ويشير خبراء المركز إلى أن ازدياد حالات البدانة ضمن المجتمعات تضع الباحثين أما مَهمةٍ صعبةٍ في كَسْر هذه الحالة التي تتمثل باكتساب الفرد الوزنَ بسهولةٍ بينما يقاتل لتخفيضه.

تشير نتائج هذه الدراسة إلى أهمية مَنهج الطِب الشخصيّ لمساعدة الأشخاص زائدي الوزن على تحقيق وزنهم المثالي، كما أنها تساهم وتدعم الجهود المبذولة لفهمٍ أكبر بما يتعلق بقضية السمنة.

إنَّ الطب الشخصي أو الطبُ الدقيق كما يسميه البعض، ربما سيكون الخطوة التالية نحو حلّ اللغز. بما أنَّ البيولوجية الفردية تحدد الطريقة التي سيخسر بها الناس الوزن، يتطلب ذلك علاجاً مُصمماً وخاصاً لكل فردٍ مَبنياً على أساس مورثاته الخاصة والمُتميزة عن الآخرين وذلك لكافةِ المراحل بدءاً من الوقاية والتشخيص والعلاج وحتى المتابعة.

ومن الجدير بالذكر أنَّ فكرة الطب الشخصي للفرد على أساس البيولوجيا الخاصةِ به ليست بالأمر الجديد، فأحدُّ مؤسسي العلوم الطبية القديمة الطبيب اليوناني "أبقراط" يقول: "إنَّ معرفة الشخص الذي لديه مرضٌ ما، أكثر أهميةً من التّعرف على المرض الذّي يملكه الشّخص".

المصدر: هنا

البحث الأصلي: هنا