البيولوجيا والتطوّر > التطور

الاستيلاد الانتقائي

بدينا من يومين بمقدمة لنشرح فيا التطور و كبداية رح نبدى بأحد الوسائل اللي استخدما الإنسان ليطور اﻷنواع الحية الموجودة....

ضمن جلسات السمر الطويلة التي يقضيها الشباب في بلادنا، يحتل الحديث عن الصبايا جزءاً هاماً من السهرة. وعند الحديث عن الارتباط باحداهن ممن يتمتعن بصفات محمودة (للبعض) كالشعر الأشقر وطول القامة يعلل الشباب خيارهم هذا برغبتهم في "تحسين النسل". هذا ال" تحسين النسل" مرتبط بعملية التطور (او كما اسميناها التغير) بشكل أو بآخر وادراكنا الفطري لهذا الموضوع دليل على فهم خفي لمفاهيم التطور التي سنتوسع بها تباعاً.

إن الاسم العلمي لتحسين النسل هو "الاستيلاد الانتقائي".و نظراً لأن البشر ليسوا فئران تجارب في أي مجال من مجالات العلم فإننا سندرس تجارب عن الاستيلاد الانتقائي في مملكتي الحيوان والنبات.

كالعادة عند دراستنا لأي مصطلح فإننا سنحاول فهمه لغوياً كمصطلح ومن ثم نخوض في تفسيراته العلمية. ان مصطلح الاستيلاد الانتقائي مكون من كلمتين: الاستيلاد وتعني تحفيز الأفراد على التوالد ،والانتقائي والتي تعني انتقاء الفاعل (الانسان في حالتنا) لخواص مميزة في هذا الاستيلاد. وهكذا يصبح الاستيلاد الانتقائي عملية تحفيز انتقائي لتزاوج أفراد محددين يتم اختيارهم من ضمن الجماعة لنوع محدد من الكائنات لأنهم يتمتعون بصفات مختلفة عن غيرهم. الغرض من هذه العملية هو الحصول على أفراد جدد يحملون هذه الصفات المرغوبة التي تنتقل اليهم من الوالدين وفق قوانين الوراثة.

تتسع دائرة الصفات المرغوبة بحسب أنواع الكائنات المستخدمة في عملية الاستيلاد والهدف المرجو منها. في المواشي مثلا يسعى العلماء للحصول على أفراد بحجم أكبر اذا كان الهدف هو الحصول على اللحم أو بمردود حليب أعلى اذا كان المقصود انتاج الألبان.

لقد مارس الانسان منذ زمن بعيد الاستيلاد الانتقائي. فكل المحاصيل المزروعة اليوم والحيوانات التي يربيها الانسان لسبب أو آخر تختلف عن أسلافها البرية اختلافاً قد يجعل من المستحيل معرفة الأصل البري دون اللجوء للفحوص الجينية الحديثة. فعلى سبيل المثال حول المزارعون في أمريكا الوسطى عشبة (التيوسنتي) بثمرتها الصغيرة الى نبات الذرة الذي نعرفه اليوم بأكواز يصل طولها الى حوالي القدم.لقد تمت عملية التحويل هذه على مدى آلاف السنين من خلال عملية الاستيلاد الانتقائي للنباتات التي تحمل ثمرات أكثر فائدة للانسان دون غيرها.

أما المزارعون في بلادنا فقد حصلوا على العديد من الأنواع الجديدة من المحاصيل ابتداءً من أصولها البرية التي قد تكون غير مفيدة وأحياناً مميتة. فعلى سبيل المثال تمتلك ثمرة اللوز البرية قشرة سميكة جداً وبذرة صغيرة تحتوي على مادة السيانيد التي قد تسبب الموت عند الاستهلاك بكميات كبيرة. لاحظ أجدادنا وجود بعض الأشجار التي تعطي ثماراً لا تحوي هذه المواد السامة (نتيجة طفرة جينية) ومن خلال الاستيلاد الانتقائي أعادوا زراعة بذورها لأجيال عديدة بهدف الحصول على ثمار آمنة وذات بذور كبيرة الى أن حصلنا على ثمرة اللوز التي نعرفها الآن.

تمثل الكلاب أحد أهم نتائج الاستيلاد الانتقائي في عالم الحيوان. فمنذ عشرات آلاف السنين قام الانسان باستيلاد أفراد من الذئب الرمادي للحصول على سلالات مختلفة من الكلاب. تختلف هذه السلالات عن بعضها أختلافاً كبيراً في الشكل واللون والطباع وتعطي عند تزاوجها فيما بينها أفراداً مختلفة أيضاً.

يولي مربو الخيول العربية الأصيلة في بلادنا أهمية خاصة لحفظ أنساب خيولهم. حيث يعلم مربو الخيل بأن منعهم للتزاوج العشوائي بين الأفراد سوف يؤدي الى حفظ الصفات التي عمل أجدادهم على تجميعها في هذه الخيول وفقدانها لسمعتها الاسطورية في التحمل والرشاقة.

المصادر

 هنا

هنا