الكيمياء والصيدلة > صيدلة

تجارب على لقاح الإيبولا تعطي مناعة كاملة ضد المرض

بُعيد تقرير منظمة الصحة العالمية الذي أشار بأن هناك حوالي 11280 مريضا ً لقوا حتفهم خلال جائحة وباء الإيبولا في منطقة غرب افريقيا وحتى تاريخ 30 تموز يوليو، ظهرت النتائج الأولية لدراسة على لقاح تجريبي لفيروس الإيبولا لتبين بأن هذا اللقاح يبدو أنه قادر على منح مناعة كاملة للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بعدوى الفيروس. بدأت هذه الدراسة في غينيا ونشرت نتائجها الأولية في مجلة The Lancet. حيث قدمت هذه النتائج اولى الأدلة على ان اللقاح المستخدم قادر على حماية البشرية من خطر الإيبولا . تعقيبا ً على ذلك، صرحت معاونة مدير منظمة الصحة العالمية لقسم ا لأنظمة الصحية والإبتكارات، ميري باول كيني، في المؤتمر الصحفي في جنيف بأن العالم اليوم أقرب من أي وقت مضى في تقديم لقاح فعال لمرض الإيبولا.

وقد أثرت هذه النتائج بالرأي العام حول تفشي هذا الوباء، حيث علقت أدريان هيل، المسؤولة عن تجريب لقاحات الإيبولا المختلفة والعالمة في علم اللقاحات بجامعة أكسفورد، قائلة: "تشير هذه النتائج بأننا قادرون على تطوير هذه اللقاحات بسرعة أكبر من الوقت الذي استغرقناه سابقا ً، كل ما نحتاجه هو أن نبدأ بتطوير هذه اللقاحات قبل ظهور الحالة الوبائية للفيروس."

الدراسة الغينية المذكورة، والتي أطلقت تحت شعار "كفى يا إيبولا" (بالفرنسية ‘Ebola، ça suffit')، درست استخدام الاستراتيجية التي تم اتباعها في سبعينيات القرن الماضي للقضاء على الجدري آنذاك، والتي تدعى بالاستراتيجية الحلقية Ring Strategy. يتلخص مفهوم هذه الاستراتيجية كالتالي:

عند وقوع أحد الأشخاص فريسة للمرض، يتم تطبيق اللقاح على جميع الأشخاص المحيطين به أملاً في وقف انتشار الفيروس بحدة كبيرة.

ففي هذه الدراسة الغينية، تم تقسيم المرضى المتطوعين لمجموعتين. المجموعة الأولى تضم كل من الآتي: (1) البالغين الذين كانوا على اتصال مع أحد مرضى الإيبولا، (2) وكل الأشخاص المحيطين بهؤلاء البالغين. فيتم تلقيح كل الأشخاص المحيطين بالبالغين الذين تعرضوا لأحد مرضى الأيبولا. ولكن تلقيحهم باللقاح التجريبي سيتم مباشرة بعد أن تطوّر مرض الإيبولا في المريض الأصلي (أي، ذلك المريض الذي كان على اتصال مع البالغين السليمين). كان عدد المتطوعين في المجموعة الأولي هو 2014 متطوعاً.

أما في المجموعة الثانية، فهي مشابهة للمجموعة الأولى، مع اختلاف أن الأشخاص المحيطين بالبالغين سوف يتلقون اللقاح التجريبي بعد ثلاثة أسابيع من تطور مرض الإيبولا لدى المريض الأصلي. كان عدد المتطوعين في المجموعة الثانية 2380 متطوعا ً.

أما بالنسبة للقاح التجريبي المطبق فهو يدعى rVSV-ZEBOV ويتألف من فيروسات حية و مضعفة ومهندسة وراثياً لتنتج بروتينات الإيبولا.

فأظهرت النتائج بأن المتطوعين في المجموعة الأولى والذين تلقوا اللقاح مباشرة بعد أن تطور مرض الإيبولا لدى المريض الأصلي، لم يصب أي منهم بالمرض خلال عشرة أيام من التلقيح (العشرة أيام هي أقل مدة الزمنية ممكنة لاستنهاض استجابة مناعية، وللتأكد بأن المتلقي للقاح لم يكن حاملا ً للفيروس سابقا ً). وبالمقارنة، من المجموعة الثانية، فقد أصيب 16 متطوع بالمرض بعد تلقيهم اللقاح بعد ثلاثة أسابيع من تطور المرض لدى المريض الأصلي.

وتعني هذه النتائج أن اللقاح قادر على منح حماية تصل إلى 100% من الإصابة من المرض ولكن بسبب صغر حجم العينة المدروسة قد تكون نسبة الحماية الحقيقة أقل من ذلك بقليل حيث تشير كيني أن الباحثون قدروا نسبة الفاعلية الحقيقة لهذا اللقاح تتراوح بين 75-100%.

أما هيل فقد وصف هذه النتائج بالممتازة حيث تبين أن هذا اللقاح فعال للوقاية من العدوى خلال ثلاثة أسابيع من الإتصال بمريض الإيبولا، وهذا يعتبر مؤشراً جيداً في الحالات الوبائية الحرجة. مع ذلك فإنه يجب علينا قياس المدة التي يبقى فيها هذا اللقاح فاعلاً ضد الإيبولا. فالتجربة التي قاموا بها لا تستطيع تحديد ما إذا كان اللقاح قادراً على الحماية لمدة ستة أشهر؟ وهذه سوف تكون الخطوات القادمة.

تأتي هذه النتائج من البيانات المستخلصة حتى تاريخ 20 يوليو تموز، ولكن كيني تقول بأنه لم يتم تسجيل أي إصابات جديدة لدى كل الذين تلقوا اللقاح مباشرة. وبناء على هذا، عقبت كيني بأنه لا يجب التأخير في إعطاء اللقاح، وعليه فيجب إلغاء المجموعة الثانية من الدراسة بحيث يتم تقديم اللقاح لجميع البالغين والأطفال المحيطين بالمريض بشكل فوري.

مع أن انتشار المرض في غينيا في تضاؤل مستمر، حيث أشارت النتائج إلى تسجيل أربع إصابات فقط خلال فترة أسبوع من 20 وحتى 26 تموز / يوليو الماضي، إلا أن كيني قد أشار بأن فريقه عازم على الاستمرار في استخدام اللقاح rVSV-ZEBOV حتى ينتهي المرض بشكل كامل، فعقب قائلا ً: "سنستمر طالما هناك حالات جديدة.".

ابتدأ مكتب الصحة بتقديم اللقاحات لمرضى الإيبولا في نيسان 2015، ففي تلك الفترة كانت تسجل عشرات الحالات أسبوعيا،ً ومع انحسار عدد هذه الحالات يقول العديد من الخبراء أن التجربة الغينية تشكل الأمل في تحديد مدى فاعلية لقاح الإيبولا الذي كان مجرد احتمال. ويعد تطبيق تصميم التطعيم الحلقي من أكثر النظم الذي يمكن أن يقدم نتائج واقعية للحد من المرض ومن فاعلية اللقاح المستخدم مقارنة مع تصاميم تجريبية أخرى يجري تطبيقها الآن في ليبيريا وسيراليون. وذلك بسبب أن المرضى التي أجريت عليهم التجارب في غينيا كانوا تحت تهديد حدوث الإصابة.

ويقول هيل:" إنه من المذهل أن نرى نتائج استخدام لقاح لم يكن لدينا قبل عام من الآن، وقادر على إثبات فعاليته ليس فقط في المرحلة الثالثة للدراسات السريرية، إنما أيضا ً في مكافحة تفشي الوباء". حيث تعتبر المرحلة الثالثة هي أحد مراحل التجارب السريرية التي تحدد فاعلية اللقاح قبل الموافقات النتظيمية على إنتاجه.

قررت منظمة الصحة العالمية على ضوء النتائج الحالية من الاستمرار في استخدام اللقاح كجزء من التجارب السريرية في غينيا حيث أشارت كيني في المؤتمر أن المنظمة تنظر في الموافقة على طرح استخدام هذا اللقاح للعموم والذي يمكن أن يمهد الطريق في جعل القضاء على هذا المرض بشكل كلي في المستقبل القريب. ومنع انتشاره مرة أخرى بشكل وبائي في مناطق إفريقيا الفقيرة.

من وجهة نظر الصحة العامة أن هذه النتائج مبهرة للغاية ومع ذلك فيعتبر اللقاح rVSV-ZEBOV المستخدم هو الجيل الأول لهذا النوع من اللقاحات. حيث يحتاج إلى درجة تخزين 80 درجة مئوية تحت الصفر ويقاوم أنواع محددودة من فيروسات الإيبولا . وكما جاء على لسان الرئيس التنفيذي لمركز Gavi، أن المركز سيعمل مع الباحثين لدعم تطوير الجيل الثاني من اللقاح لفيروس الإيبولا الذي يستهدف نطاقأ أوسع من أنواع هذا الفيروس بالإضافة إلى الفيروسات القريبة منه. بالإضافة إلى العمل على توفير تكاليف التخزين العالية لهذا النوع من اللقاحات.

المصدر: هنا