الكيمياء والصيدلة > كيمياء

علم كيمياء الآثار

فروع الكيميا كتيرة ومتنوعة ومنرجع لمقولتنا يلي دايماً منذكّر فيا... كل شي بهالحياة كيميا, حتى الآثار !!!!


ينتمي علم كيمياء الآثار إلى مجال بحثي واسع النطاق يدعى القياسات الأثريّة archaeometry، والذي يمثّل تطبيق مختلف التقنيات التحليلية العلمية على القطع الأثريّة.

هذه التقنيّات تشمل علوم الفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء وعلم أصول الإنسان القديم palaeoanthropology والرياضيات و المعلوماتيّة (علوم الحاسوب) وغيرها.

لقد حوّل تطبيق كيمياء الآثار نهج البحوث الأثرية التقليدية بعيداً عن تحديد أنماط (أنواع) القطع الأثرية وتاريخها إلى مجال تحديد شروط الحفظ وتنوّع وأصل الجزيئات العضوية المكوّنة لها.

تكون العديد من القطع الأثريّة والثُّفالات (الرواسب) مساميّةً وتمتلك قابليّة للامتصاص (الأواني الفخّاريّة, العظام, الأنسجة, الأتربة)، ممّا يوفّر بيئة ممتازة لتغليف هذه الجزيئات وإبطاء تخرّبها خلال الفترة ما بعد ترسيبها وحفظها. ومع تطبيق تقنيات الكيمياء التحليليّة، يمكننا العودة بالزمن إلى الوراء وتتبّع الاستخدامات القديمة لهذه الأواني، وكذلك معرفة الكثير عن الحمية الغذائية لأسلافنا وتجارتهم والوضع الاقتصادي الذي كان سائداً آنذاك

تحليل بقايا الطعام العضوية في الأواني الفخارية الأثرية :

لقد اكتُشِف بأنّ بقايا الدسم الناتجة من الطعام المطهوّ ومن عمليّات معالجة الموادّ العضويّة الأخرى يمكنها البقاء ضمن الأواني الفخّاريّة الأثريّة كمكوّنات لسطحها أو كبقايا ممتصّة ضمن هذه الأواني لعدّة آلاف من السنين. ويمكن التعرّف على هويّة المركّبات في هذه البقايا وتحليلها كمّيّاً (معرفة نسبتها) بعد استخلاصها وتحليلها باستخدام مزيج من التقنيّات التحليليّة الحديثة، ويشمل ذلك: الاستشراب (الكروماتوغرافيا) الغازيّ عالي الحرارة (HTGC)، الاستشراب الغازي/ مطياف الكتلة (GC-MS), وتقنية الاستشراب الغازي مع مطياف الكتلة من نوع GC-C-IRMS (والتي تحدّد نسب النظائر الموجودة لعنصر ما isotope ratio).

ويتمّ وصف هذه الخلاصات الدسمة ونسبتها لأنواع معيّنة من المنتجات (أو الأغراض القديمة التي وجدت فيها) فقط من خلال معرفة مفصّلة للمركبات ومنتجات التحلّل المرافقة لتخرب هذه المنتجات والمتشكلة أثناء استخدام الأواني الفخارية أو دفنها. ويجري الكشف عن مجموعة متزايدة من المركبات في الأواني الفخارية، بما في ذلك المنتجات الحيوانيّة (حليب, لحوم) والخضار الورقية وزيوت نباتية محدّدة وشمع النحل.

تحرّي النظام الغذائي للبشر القدماء :

إن الهياكل العظمية للبشرهي أيضاً من القطع الأثرية الوفيرة والمهمّة، والتي توجد بشكل رئيسيّ كبقايا في القبور أو محفوظة بشكل عرَضي (كما في الجثث المتجمّدة), كما أنّ عظام البشر تبدي هيئة مساميّة جدّاً، مما يمكّن من اجتذاب الجزيئات العضوية والحفاظ عليها فيها. ومن ثَمَّ يتمّ استخلاص هذه الجزيئات بمذيبات عضوية وتحليلها باستخدام جملة من التقنيّات المختلفة مثل مطياف الكتلة والاستشراب الغازي (التي مرّ ذكرها)، وتقنيات الاستشراب السائل liquid chromatography (LC/IRMS)، لقياس نسب النظائر المستقرّة لكل من الكربون (13C) والنتروجين (15N) في البقايا.

والمركّبات الأكثر تحليلاً بشكل روتيني هي الأحماض الأمينية في كولاجين العظام، ممّا يتيح لنا الكشف عن النظام الغذائي الأرضي مقابل البحري (عبر معرفة قياسات نظائر معيّنة للعناصر isotopes) وبالتالي إعادة بناء شبكات الغذاء الماضي.

تحليل الرواسب والتُّرَب القديمة :

من الممكن أن توفّر الرواسب القديمة بيئة جيدة لحفظ مجموعة واسعة من الجزيئات العضوية في ظلّ ظروف مواتية, مثل البقايا التي ترسّبت في أوساط مشبعة بالماء أو قاحلة (شديدة الجفاف). تزوّدنا فئات المركبات، مثل الستيرولات والأحماض الصفراوية الموجودة في هذه الرسابات البشريّة المعدّلة، بفكرة مثيرة للاهتمام عن عالم الأنشطة الزراعية السابقة (التسميد manuring) أو كيفيّة التخلّص من مياه الصرف الصحّي في تلك الأيام، أو تكشف عن الممارسات أثناء دفن الموتى والطقوس الشعائريّة المرافقة لها.

وقد تمّ اختبار الأخير عندما تمّ تحليل رسابات قديمة وُجِدت في القبر السوري الملكي في قطنا, حيث حُلِّلَت هذه الرُّسابة وكشف الرفات عن أصباغ أرجوانية, أسفرت بدورها عن المتحجرات المجهريّة للصناعة النسيجية آنذاك.

المومياوات وعوامل التحنيط :

كان العالم المصري القديم قيد البحث والتفحّص العلمي الدقيق لمدّة طويلة من الزمن. وقد كان التحليل الكيميائي هو الوسيلة الوحيدة للتعرّف على الخليط المعقّد من المنتجات الطبيعية التي تمّ استخدامها في عمليّة التحنيط mummification. وتُظهِر الواصمات الحيويّة biomarkers، الموجودة إمّا في العيّنات النسيجيّة أو الأسطح العظميّة أو في الضمادات، بأنّ الدهون الحيوانيّة كانت تستخدم كأساس زهيد الثمن في تلك العمليّة، يُضاف إليه موادّ أخرى لتحسين الرائحة ومنع التحلّل الميكروبي وتغير درجة لدونة أو طواعيّة الجثمان، مثل مادّة المُرّ (مادّة راتنجيّة عطريّة تنتجها شجرة المرّ) myrrh، و اللُّبان وراتنج الفستق وشمع النحل, وغيرها.

لسا في كتير أشيا ما بتخطر على بالك لولا الكيميا ما كنّا اقدرنا نعرفا... خليك عم تابع فريق بالباحثون السوريون لتتعرف على هالأشيا أكتر...

ترجمة زينب يوسف.

تدقيق: ربى خضر

تصميم الصورة: عمرو حسناتو

المصدر: هنا