التاريخ وعلم الآثار > التاريخ

ضريح همايون: الحديقة التي ألهمت تاج محل

زوجة الإمبراطور همايون، عاشت معه وأحبته، وبعد أن مضى أربعة عشر عاماً على وفاته، قررت أن تحول مدفنه إلى جنة يرقد فيها بسلام، قصة الإمبراطور همايون وضريحه المثير للإعجاب.. الضريح الهندي الفارسي الذي ألهم تاج محل في مقالنا التالي:

يعتبر ضريح همايون المذهل في الهند الذي تم إنشائه من أجل جثمان الإمبراطور المغولي، أول قبر حدائقي أنشأ في الهند. هذا النصب المعماري المدهش ألهم ابتكارات المهندسين المعماريين في جميع أنحاء الإمبراطورية المغولية. بما في ذلك تاج محل المعروفة عالمياً في أغرا، والتي بنيت بعد مئة عام من بناء هذا الضريح. هذا النصب هو رمز لروعة القبور الحدائقية المغولية.

عاش الإمبراطور همايون في القرن السادس عشر، وعند وفاته عام 1556 دفن همايون لأول مرة في بورانا كويلا، وهي قلعة حصن في دلهي. وعندما احتل الامبراطور الهندوسي هيمو القلعة، استخرج المغوليون الفارّون جثّة همايون ونقلوها إلى كالانور في بنجاب.

قامت زوجة همايون الأولى Bega Begum في عام 1569 وبعد مضي 14 عام على وفاة زوجها، بإعطاء أوامر لبناء ضريح في دلهي لزوجها الراحل.

اختارت الزوجة المهندس الفارسي Mirak Mirz Ghiyas ليكون المسؤول عن تصميم الضريح. وأصول هذا المهندس الفارسية هي سبب تأثر تصميم الضريح بشكل كبير بالعمارة الفارسية.

الحديقة التي أنشأ الضريح فيها ترمز إلى حديقة الجنَة، و في عهد همايون كان تصميم هذه الحديقة بدعة في الهند، معروفة باسم حديقة المغول، فتكرر تصميمها في جميع أنحاء الإمبراطورية المغولية.

تنقسم الحديقة المحيطة بضريح همايون إلى أربعة أجزاء مقسمة بأربعة جسور. في وسط كل جسر يوجد قناة للمياه الضحلة متصلة ببركة مياه.

المداخل في السياج تقع على الجنوب والجنوب الغربي وهي على شكل بوابات ذات طابقين. بالإضافة لذلك هناك جناح وحمّام يقع في مركز الجدران الشرقية والشمالية.

في منتصف هذه الحديقة هناك منصة مدرجة مربعة الشكل بارتفاع 7 أمتار وفي منتصف هذه المنصة يقع ضريح همايون.

الضريح نفسه مكون من طابقين مبنيين من الحجر الرملي الأحمر. على الرغم من أن مسقط هذا النصب التذكاري مربع إلا أن جوانبه المشطوبة توحي بمنظر مثمن الشكل غير منتظم بأربعة جوانب طويلة وأربعة قصيرة.

يعلو المبنى قبة فارسية مزدوجة ارتفاعها 42.5 متر (يعتبر هذا الضريح هو أول مبنى هندي يستخدم هذه التقنية المعمارية)

هذه القبة محاطة بأعمدة مزخرفة والتي تعد ميزة العمارة الهندية تحديداً، ومع ذلك فهذه العناصر كلها منحدرة من ثقافتين معماريتين متميزتين تكمل أحدهما الأخرى بشكل منسجم وتعتبر مثال جيد للتناغم بين الطرازين المعماريين الفارسي والهندي.

المسقط الداخل لهذه المنشأة هو مثمن كبير. في منتصف هذا المثمن يوجد قبر همايون والذي يمكن الوصول إليه عبر ممر من الجنوب. فوق المثمن يوجد السقف المقبب وحجرات صغيرة مرتبطة بصالات عرض وممرات.

بالإضافة لضريح همايون يوجد في المبنى أضرحة لعدة أفراد من العائلة الملكية. هذه الأضرحة موجودة في الزوايا المشطوبة في الغرفة الرئيسية، ويقال أن عددها يصل إلى 150 ضريح.

وبالتالي يوصف هذا المبنى على أنه " مقبرة جماعية لسلالة المغول"

بحلول النصف الثاني للقرن العشرين كان الضريح بحالة يرثى لها حيث أن حجارة البناء بدأت بالتكسر وتم إهمال الحدائق.

جرى ترميم للحديقة المحيطة بالضريح عام 1997 تحت رعاية مؤسسة أغا خان للحضارة وتم إتمام عمليات الترميم عام 2004

وفي عام 2007 تم اقتراح مشروع شق طريق عام واصل من الطريق الدولي لمنطقة الضريح. ولكن هذا المشروع كان تهديداً حقيقياً للضريح كما زاد نسبة التلوث وجعل حركة السيارات أقرب للنصب. ونتيجة لهذه المعارضة تم وقف هذا المشروع.

وفي نفس العام تم إجراء عمليات صيانة أخرى على مبنى الضريح نفسه معيدةً بذلك هذا النصب الكبير إلى سابق مجده.

المصدر:

هنا