الفنون البصرية > فن وتراث

المومياء المصرية .... استخدامات لن تخطر على بالك

يربطُ معظمُ الناسِ اليوم وجود المومياءات المصريّة بالمتاحف، طبعاً هذا ليس بغريب، حيث أنّ معظمَ المتاحف في العالم و خاصّةً في أوروبّا تحتوي على هذه المومياءات. ومع ذلك، ماذا لو أخبرناكم أن المومياءات الحقيقيّة من الممكن أن تكون موجودة في اللوحات المرسومة؟ حسناً ليست كلّها ربما فقط الطبقة التي تغلّف المومياء.

ربّما تعتقد أن هذا التصريح غريبٌ بعض الشيء هذا إن لم يكن ضرباً من الجنون.

صدق أو لا تصدق حتى وقت قريب نسبيّاً، كانت المومياءات المصرية تُستخدم لإنتاج نوعٍ من الطلاء و الذي كان يسمّى (البنّي الموميائي) حيث كان العنصر الأساسي لهذا الطلاء هو الغلاف الخارجي للمومياء.

كان يتمّ خلط هذا المسحوق مع (وايت بيتش) والمرّ لإنتاج الصباغ البني الغني. وتمّت صناعته للمرّة الأولى في القرن السادس عشر ليصبح اللون الشعبي المعتَمَد من قِبَل الرسامين حتى أواسط القرن التاسع عشر. فعلى سبيل المثال كان رسّام اللوحات الشخصية (البورتريه) السّير وليام نيتشي يحتفظ بمخزونه من البنّي الموميائي.

كما أن الرسّام الفرنسي مارتن درولينغ أيضاً استخدم هذا المسحوق لإتمام ما تبقّى من الدير الملكيّ سانت دينيس في باريس حيث قيل أنّ لوحة المطبخ الداخليّ هي خير مثال على الإستخدام الكثيف لهذا الصباغ.

ومع ذلك فقد أصبح استخدام هذا الصباغ أقل شعبيّة في بدايات القرن العشرين، ويُعزى ذلك جزئيّاً إلى إدراك أنّ الطلاء كان فعلاً مأخوذاً من المومياءات المصرية الحقيقية، إضافةً إلى الإنخفاض الكبير في عدد المومياءات المتاحة، وزيادة الوعي بالأهميّة العلمية والأثريّة والأنثروبولوجية والثقافية للمومياءات. وعلى سبيل المثال، عندما اكتشف الفنان إدوارد بيرن جونز ماهية الطلاء البنّي الموميائي ذهب إلى مرسمه وأخذ أنبوب المسحوق و دفنه بطريقةٍ لائقة احتراماً للتاريخ. وفي عام 1964 انقرض هذا المسحوق عندما أعلنت شركة سي روبرسون وهي شركة تقوم بتصنيع لوازم الفنون الجميلة أنّ المومياءات المنتجة لهذا الطلاء قد نفدت.

والجدير بالذكر أن هذا المسحوق لم يستخدم فقط في مجال الفن، فالمدهش أكثر أنه كان له استخداماتٍ طبيّة إذ يُعزى ذلك للإعتقاد بأن المومياءات التي تحوي على (القار) كانت تُستخدم من قِبَل الإغريق لعلاج مجموعة متنوّعة من الأمراض. و نتيجةً لهذا الإعتقاد، تمّ تصدير المومياءات المصرية إلى أوروبّا حيث بيعت في محلّات العطارة في كلّ أنحاء القارّة، حيث كان من الشائع أن المومياءات تملك قوّةً غامضة للحياة فاستخدمها الأوربيون بكثرة حتى القرن الثامن عشر.

و كنتيجةٍ طبيعية لزيادة الطلب على المومياء للأسباب العلاجية التي ذكرناها آنفاً فقد كانت تعني المزيد والمزيد من الأموال، وهذا ما أدّى بالبعض لتزوير هذا المسحوق لزيادة الربح المادي. فقام البعض باستخدام جثث المجرمين المطلوبين والعبيد وذلك بتعريض الجثث للشمس مغطاة بالقار لإنتاج مومياء "أصلية" ثم بيعها للتجار على هذا الأساس حيث يكاد التمييز بين المومياء الأصلية والمزورة يصبح مستحيلا.

أما اليوم، فيتمّ تصنيع صباغ يدعى "كابوت مورتوم" وهو ما يعني "الرأس الميت" أو "بقايا لا قيمة لها" كبديل للبنّي الموميائي من قِبَل شركاتٍ معروفة مثل "فايبر كاستل" و لكن اطمئنوا، فنحن متأكدين أنه لا يوجد جثث في تركيبة الطلاء.

المصادر:

هنا