الطب > مقالات طبية

من نتائج الحمية الشبيهة بالصيام.. التخلص من شحوم البطن، تحسين الذاكرة، تأخير الشيخوخة عند الفئران

نسمع الكثير عن الأنظمة الغذائية المختلفة إما لتذويب الشحوم أو الحصول على الرشاقة. ويعتبر الصيام أحد هذه الأنظمة. وعلى الرغم مما نسمعه عن أضرار هذه الأنظمة فلنظام الصيام الغذائي العديد من الفوائد وذلك وفقاً للدراسة التي قام بها باحثون في جامعة كاليفورنيا الجنوبية UCS ونُشِرت بتاريخ 18 حزيران 2015، في دورية Cell Metabolism.

فقد أظهر الباحثون في هذه الدراسة أن اتباع نظام غذائي قليل السعرات الحرارية لمدة 4 أيام دورياً يزيل الشحوم من منطقة البطن ويزيد عدد الخلايا الجذعية في عدّة مناطق من الجسم منها الدماغ، عند الفئران المُسنّة، كما يحفّز التجدّد العصبي ويحسّن مهارات التعلم والذاكرة.

وكانت الاختبارات على الفئران جزءاً من دراسة على ثلاث مراحل تتضمن فطر الخميرة والفئران والبشر. ولأن الفئران تمتلك دورة حياة قصيرة نسبياً فإنها تقدم تفاصيل عن آثار الصيام مدى الحياة. أما الخميرة وهي كائن بسيط، فتسمح لنا باكتشاف الآليات البيولوجية التي يحفزها الصيام على المستوى الخلوي. وأما الدراسة التجريبية على البشر فتعطينا الأدلة على أن نتائج الدراسة على الفطور و الفئران يمكن تطبيقها على البشر أيضاً.

إنّ اتباع نظام غذائي يحاكي الصيام لمدة 4 أيام شهرياَ منذ مرحلة منتصف العمر قد ساهم في إطالة العمر (تأخير الشيخوخة) وتقليل حالات السرطان وتعزيز الجهاز المناعي وتقليل الأمراض الالتهابية. بل أيضاً قد ساهم في إبطاء الخسارة في كثافة المعادن في العظام وتحسين القدرة الإدراكية عند الفئران المسنّة. وقد ظهر أن اجمالي السعرات الحرارية الشهرية بالنسبة للفئران التي تتبع هذا النظام الغذائي كان نفسه بالنسبة للفئران في المجموعة الضابطة، مما يلغي احتمالية أن هذه الأثار كانت نتيجة للانخفاض الكلّي بعدد السعرات الحرارية في الشهر.

في الدراسة التجريبية على البشر، طبقت ثلاث دورات من نظام غذائي مشابه على 19 فرداً لمدة خمسة أيام، ساهمت في تقليل عوامل الخطر و الواسِمات البيولوجية (bio-markers) الخاصة بكل من الشيخوخة ومرض السكري والأمراض القلبية والوعائية والسرطان، ولم يترافق هذا مع أي آثار جانبية خطيرة.

ثم عاد المشاركون في الدراسة إلى عاداتهم الغذائية - سواء كانت جيدة أم سيئة - لمدة 25 يوماً بعد انتهاء العلاج، ولم يُطلَب منهم تغييرُ عاداتهم الغذائية، ورغم ذلك فقد استمروا في ملاحظة التغيرات الإيجابية.

وقد يجد الناس بعض الصعوبات في الالتزام بالصيام الصارم (التقليدي)، بالإضافة الى أنه من الممكن أن يكون خطيراً لبعض الأشخاص. لذلك طور الباحثون نظاماً غذائياً معقدا يحفز نفس الآثار الصحية التي يحفزها الصيام بحيث يكون الالتزام به أكثر سهولة.

يخفض هذا النظام الغذائي نسبة 34-54% من السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد ،عن طريق مزيج محدد من البروتينات والسكريات والدسم والمغذيات الدقيقة. وكذلك فإنه يخفض من كمية الهرمون IGFI، الضروري أثناء مراحل النمو والذي يحفّز في الوقت نفسه الشيخوخة ويُعتقد بامتلاكه دوراً في احتمالية حدوث السرطانات. ويساهم الصيام في زيادة إنتاج الهرمون IGFBP. ويقلل من عوامل الخطر المرتبطة بأمراض السكري والأمراض القلبية والوعائية. كما يمكن للصيام أن يساعد في حرمان الخلايا السرطانية من المواد الغذائية، بالإضافة إلى حماية خلايا الجهاز المناعي وغيرها من الخلايا من الآثار السامة للعلاج الكيميائي.

و يسود الاعتقاد بأن هذا النظام الغذائي يساعد في إعادة برمجة الجسم وإبطاء عملية شيخوخة الخلايا، وكذلك إعادة الخلايا إلى حالة الشباب بالاعتماد على الخلايا الجذعية.

يعتقد الباحثون أن من الممكن للأشخاص العاديين اتباع هذا النظام الغذائي كل ثلاثة أو ستة أشهر، طبقاً لظروفهم الصحية. أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو يمتلكون عوامل خطر مرتفعة، فينصح باتباع هذا النظام مرة كل أسبوعين. حيث يتم حالياً اختبار فاعلية ذلك بواسطة تجربة سريرية عشوائية سيتم نشر نتائجها قريباً. إذاما بقيت النتائج ايجابية كما هي الآن، فإن هذا النظام الغذائي سيعتبر الإجراء الأفضل والأكثر أماناً الذي يمكن للأطباء أن يوصوا به للوقاية من السمنة وعلاجها، والذي يترافق مع آثار إيجابية أخرى، حيث سيتم عرضه على إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA لتتم متابعته و تطويره حسب متطلباتهم.

و بالرغم من هذه النتائج الايجابية إلا أن الباحثين قلقون من الصيام القائم على المياه فقط ويحذّرون من اتّباع هذه الأنظمة الغذائية بدون استشارة الأطباء ومتابعتهم، بحيث أنه لا يوجد أحد يتمتع بصحة ملائمة للامتناع عن الطعام لمدة خمسة أيام. وقد تكون العواقب الصحية شديدة بالنسبة للأشخاص الذين يتبعون الحمية بشكل غير ملائم. فالصيام المعتمد على المياه يجب أن يتم في عيادات متخصصة. بالإضافة إلى بعض الحميات التي تحتوي على كمية قليلة من السعرات الحراراية وبالأخص تلك التي تعتمد على محتوى عالي من البروتينات، حيث أنها قد تزيد من أخطار حصى المرارة عند النساء .

ورغم أن الحمية المشابهة للصيام التي أجريت عليها الدراسات يمكن أن تُتَّبع في أي مكان تحت إشراف الأطباء ولكن يجب اتباع التعليمات بدقة و حذر. بحيث أن الأشخاص المصابين بمرض السكري و الذين يخضعون للعلاج بالانسولين أو الميتفورمين و كذلك الأشخاص ممن يملكون مؤشر لكتلة الجسم (BMI) أقل من 18 لا يجب أن يصوموا أو أن يتبعوا حمية مشابهة للصيام، لأن الجسم يستهلك مدخرات الجسم من الغلوكوز قبل أن يبدأ بحرق الدسم لإنتاج الطاقة؛ الأمر الذي بدوره يجعل أوساط الجسم أكثر حموضةً وبالتالي يؤثر على التنفس ويؤدي الى التعب و قد يؤدي احياناً الى أضرار في الكبد.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا