المعلوماتية > عام

كيف يعمل الواقع الافتراضي؟ (الجزء الثاني)

يدرس العلماء إمكانية تطوير حسَّاسات حيوية يمكنها كشف وتفسير نشاطات العضلات والأعصاب. وبتعييرها بشكل صحيح، يمكن لأجهزة الحاسوب تفسير حركات المستخدم في الفضاء المادي وترجمتها إلى الحركات المقابلة في الفضاء الافتراضي.

يمكن وضع هذه الحساسات مباشرة بالجلد، أو قد تدمج مع قفازات يلبسها المستخدم. أحد قيود استخدام هذه الحساسات أنه يجب أن تكون مصنوعة خصيصاً لكل مستخدم وإلا فلن تعمل على جسم المستخدم بشكل صحيح.

سيشهد مجال الترفيه تطوراً في معظم تقنيات الواقع الافتراضي في المستقبل. هذا ما تؤمن به «ماري ويتون» من جامعة تشابل هيل. على سبيل المثال، ساهمت صناعة ألعاب الفيديو على وجه التحديد في تقدّم القدرات الرسومية والصوتية التي يمكنُ للمهندسين تضمنيها في تصميم أنظمة الواقع الافتراضي. وجدت هذه الفكرة اهتماماً من قبل شركة "Nintedo"، والتي جسَّـدتها في عصا تحكم تتيح تعقب حركات اليد باتجاهين ويمكنُ الحصول عليها بأسعار معقولة، مما شجع أشخاصاً غير مهتمين عادةً بألعاب الفيديو لخوض هذه التجربة التي تعد شكلاً من أشكال الواقع الافتراضي، وقد تكون موجة في عالم التكنولوجيا للاستخدام الاحترافي للبيئة الافتراضية.

يتصور بعض المبرمجين تطوُّر الإنترنت إلى بيئة ثلاثية أبعاد افتراضية، بحيث يكون التنقل فيها ضمن مساحة افتراضية للحصول على المعلومات، وتكون المواقع عبارة عن مواقع ثلاثية الأبعاد تمكِّنُ المستخدمين من الاستكشاف الحقيقي.وقد قام المبرمجون بتطوير عدة لغات ومتصفحات لجعل هذا الرؤية حقيقية، ومنها:

1- Virtual Reality Modeling Language (VRML): وهي أقدم لغة لنمذجة مواقع الويب بشكل ثلاثي الأبعاد.

2- 3DML: تمكِّن المستخدم من زيارة موقع الإنترنت بشكل ثلاثي الأبعاد بعد تثبيت مكونات إضافية للمتصفح.

3- X3D: اللغة التي حلت محل VRML كمعيارٍ لخلق البيئات الافتراضية في الإنترنت.

4- (collaborative Design Activity (COLLADA: تنسيق يُستخدم لتبادل الملفات ضمن برامج ثلاثية الأبعاد.

يقول خبراء البيئات الافتراضية أن النظم القائمة على الإنترنت لا تعد بيئة افتراضية حقيقية دون وجود شاشة العرض المحمولة على الرأس، حيث أنها تفتقر إلى عناصرهامة للإحساس بالاندماج وتتبع وعرض الصور بحجمها الطبيعي.

تطبيقات الواقع الافتراضي:

1-استمرت المحاولات لتطوير نماذج الواقع الافتراضي منذ أوائل التسعينات، فكانت هناك تجربة لتطبيقها على واقع لعبة شطرنج ولكن بشكل بدائي، إلا أن شركات الألعاب ما زالت مهتمة بالتطبيقات المحتملة للواقع الافتراضي في الألعاب والمسارح.

2-قام بعض المهندسين المعماريين بنمذجة أبنية عبر الواقع الافتراضي لتمكين العملاء من مشاهدة الهيكل من الداخل والخارج وحتى طلب التعديلات على التصاميم، حيث تعطي هذه التجربة فكرة أكثر دقة من النموذج المصغّر.

3- استخدمت شركات السيارات تقنيات الواقع الافتراضي لبناء نماذج افتراضية من السيارات الجديدة لاختبارها بدقة قبل الإنتاج، حيث يمكن إجراء التعديلات على التصميم دون الحاجة للتخلي عن نموذج كامل، مما يوفر التكاليف والجهد.

4-كما تُستخدم البيئات الافتراضية في بعض برامج التدريب في الجيش والفضاء وحتى طلاب الطب. ويمكن أن تشمل البرامج التدريبية كل شيء من محاكاة الفرق القتالية والمركبات. حيث تكون هذه البرامج أقل تكلفة وأكثر أماناً وتأثيراً على المدى الطويل من طرق التدريب التقليدية.

5- أما في الطب فيستخدم الواقع الافتراضي لتدريب الطلاب على العمليات الجراحية وتشخيص الأمراض، وقد استخدم الجراحون تقنية الواقع الافتراضي من أجل التدرب على إجراء عمليات جراحية عن بُعد باستخدام الروبوتات الطبية، وقد أجريت أول عملية من هذا النوع في العام 1998 في باريس. تعد المشكلة الأكبر في هذا النوع من التقنية هو زمن الاستجابة، حيث يمكن أن يشعر الطبيب بأن ما يقوم به غير حقيقي وبالتالي لا يؤدي إلى النتائج المطلوبة.

وقد قام الطبيبان "Larry Hodges" و"Barbara Rothbaum" بتجربة الواقع الافتراضي لاستخدام طبيٍّ آخر هو العلاج النفسي. تعد الدكتورة «باربارا» من معهد جورجيا للتكنبوجيا رائدة في معالجة الرُّهاب عبر تجربة الواقع الافتراضي، حيث يتعرض المريض، تحت ظروف خاضعة للرقابة، للمثيرات التي تسبب له الضيق، ويصبح المرضى أكثر استعداداً لمحاولة العلاج لأنهم يعرفون أنه ليس في العالم الحقيقي.

6- وتعد محاكاة الطيران مثالاً جيداً على نظامٍ افتراضيٍّ فعّال ضمن حدود صارمة، حيث يمكن للمستخدم أن يأخذ مسار الرحلة نفسه تحت مجموعة واسعة من الظروف. ويمكن للمستخدمين أن يشعروا بما يشبه تجربة الطيران من خلال العواصف والضباب الكثيف أو الرياح الهادئة.

أدوات محاكاة رحلات الطيران الواقعية هي أدوات تدريبية فعالة وآمنة. وعلى الرغم من أن محاكاة متطورة يمكن أن تكلف عشرات الآلاف من الدولارات، تبقى أرخص من التجربة الفعلية للطائرات، كما أنها مضمونة من حيث الضرر التتي تسببه الحوادث.

تحديات ومشاكل الواقع الافتراضي:

تكمنُ تحديات مجال الواقع الافتراضي في تطوير نُظم تتبع أفضل، وإيجاد طرق أكثر طبيعية للسماح للمستخدمين بالتفاعل ضمن بيئة افتراضية وتقليل الوقت الذي يستغرقه بناء الفضاءات الافتراضية. إلى الآن فإن معظم الشركات العاملة في هذا المجال صغيرة ولا تستمر طويلاً. كما لا يوجد الكثير من الشركات المنتجة لأدوات الإدخال الخاصة بتطبيقات الواقع الافتراضي. بالإضافة إلى أنه خلقُ واقعٍ افتراضي يستغرق وقتا طويلاً لإنشاء بيئة افتراضية مقنعة، فقد يستغرق فريق من المبرمجين أكثر من عام لعمل تجربة حقيقية بدقة في الفضاء الافتراضي.

أحد التحديات الأخرى في هذا المجال هو قدرة المطوّرين على جعل المستخدم يشعر بالراحة، فالكثير من الأنظمة الافتراضية تعتمد على وجود أجهزة تحدُّ من خيارات المستخدم أو تثقله من خلال حبال مادية. لذلك من أهم العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار هو التصميم الجيد للأدوات المادية وإلا فسيواجه المستخدم مشكلة في حسِّ التوازن لديه، أو قد يشعر بالخمول مع انخفاض شعور التواجد عن بعد وقد يشعر أيضاً بالضياع أوالغثيان. ولكن تختلف هذه التأثيرات من مستخدمٍ إلى آخر، فالبعض قادرٌ على استكشاف بيئة افتراضية لعدة ساعاتٍ دون أي أعراضٍ، والبعض الآخر قد يشعر بالتوعّك بعد عدة دقائق من بدء التجربة.

بعض علماء النفس قلقون من أن الانغماس والاندماج في البيئات الافتراضية يمكن أن يؤثرا نفسياً على المستخدم. على سبيل المثال، قد تجعل البيئة الافتراضية التي تحتوي على عنف المستخدمَ أقل حساسية للعنف. وهناك مخاوف من أن مثل هذه البيئات الافتراضية قد تولد جيلاً من الأشخاص المضطربين اجتماعياً.

بعض المخاوف الأخرى تضمنت الخوف من الإدمان على هذه التجربة، استناداً إلى إدمان الناس على الإنترنت. توجدُ الكثير من القصص التي تتحدثُ عن لاعبين يهملون حياتهم الحقيقية لانشغالهم بالألعاب الافتراضية، لذلك قد تصبح البيئة الافتراضية عند استخدامها في الألعاب مسببة للإدمان.

---------------------------------------

المصدر:

هنا