الفيزياء والفلك > علم الفلك

الأرصاد تكشف عن كوكب شبيه بالمذنب.

اكتشف الفلكيون كوكباً باستخدام مقراب (تلسكوب) هابل "Hubble Space Telescope"، ومقراب شاندرا للأشعة السينية "Chandra X-ray Observatory” و هو بحجم كوكب نبتون وقد بدا وكأنه مذنب، فقد كان الكوكب متخفياً في تيار هائل من الغاز الصادر عنه، مما جعله يبدو وكأنه مذنب.

هذا الاكتشاف هو الأول من نوعه على الإطلاق، ويعرف هذا الكوكب الشبيه بالمذنب باسم GJ 436b. يدور الكوكب حول نجم قزم أحمر، وتعادل كتلته اثنين وعشرين ضعف كتلة كوكبنا.

يقول ديفيد إيرنريتش، وهو فلكي في مرصد جامعة جنيف في سويسرا "لقد كنت مذهولاً بحجم تيار الغاز الصادر من الكوكب ".

يبعد الكوكب عن الأرض ثلاثاً وثلاثين سنة ضوئية تقريباً، ويقع في كوكبة الأسد، وهو من نوع العوالم المعروفة باسم " نبتون الدافئ" والتي تتميز بأن لها كتلة تزيد على كتلة الأرض بعشرين ضعف؛ أي أنها بحجم كوكب نبتون في نظامنا الشمسي إلا أنها تدور حول نجومها على مسافة أقل من المسافة بين عطارد والشمس، مما يجعلها دافئة بخلاف كوكب نبتون البارد في نظامنا الشمسي. يدور الكوكب GJ على مسافة ثلاثة ملايين ميل من نجمه المضيف (أي ما يقارب 4.8 مليون كم).

تتكون سحابة الغاز أو تيار الغاز حول الكوكب من الهيدروجين بشكل رئيسي، ولها رأس دائري يحيط بالكوكب وذنب يمتد خلفه. يصل قطر الدائرة التي تحيط بالرأس إلى 1.8 مليون ميل (أي ما يقارب 3 مليون كم)؛ ما يعادل خمسة أمثال قطر النجم المضيف الذي يساوي نصف قطر الشمس تقريباً، كما قال ديفيد، أما بالنسبة لطول الذنب خلف الكوكب فإن الباحثين ليسوا متأكدين من طوله، إذ لم تستطع الاستطلاعات أن تغطيه بالكامل، لكن عمليات المحاكاة على الحاسوب تفترض أن طول الذنب قد يصل إلى 9.3 مليون ميل (أي ما يقارب 15 مليون كم).

على الرغم من وجود دراسة سابقة تفترض وجوب تكون أذناب خلف العمالقة الغازية (ككوكب المشتري في نظامنا الشمسي) و ذلك اعتماداً على درجة حرارتها التي ترتبط بقربها من نجومها المضيفة، فإن " GJ 436b هو الكوكب الأول الذي يمتلك ذنباً يشبه أذناب المذنبات، و نحن متأكدون من وجوده " كما يقول ديفيد. (أظهرت دراسة سابقة دلائل غير مباشرة عن كوكب صخري يبدو وكأنه يتحلل - يتفكك - أثناء دورانه حول نجمه المضيف، مؤدياً لظهور ذنب مكون من مواد مختلفة خلفه. اعتمدت تلك الدراسة على بيانات جمعها مقراب كبلر الفضائي التابع لناسا، والذي رصد تشتت الضوء من النجم المضيف للكوكب).

قدر العلماء أن الكوكب GJ 436b ينفث حالياً ما يقارب ألف طن من الغازات في الثانية الواحدة، أي أن الكوكب يخسر حالياً 0.1% من جوّه كل مليار سنة، والذي يُعتبر معدلاً بطيئاً جداً مقارنةً مع حياة نجمه المضيف، و قدروا أيضاً أنه خسر ما يقارب 10 % أو أكثر من جوه في أثناء مراحله الأولى أو مراحل طفولته، وذلك عندما كان نشطاً خلال المليار سنة الأولى من حياته

مؤخراً، اقترح فريقٌ آخر من الباحثين أن الكوكب GJ ربما يمتلك جواً غنياً بالهيليوم و فقيراً بالهيدروجين، " ولكن لكي يكون الغلاف الجوي غيناً بالهيليوم وفقيرا بالهيدروجين، يجب أن يشكل هذا الغلاف جزءاً صغيراً من كتلة الكوكب الابتدائية، وهو ما يقارب الواحد بالألف من كتلة الكوكب الابتدائية " كما قال ديفيد " إذا كان هذا الكلام صحيحا، فإن جو الكوكب يجب أن يكون قد اختفى بحلول يومنا هذا، وهذا ما لا نراه "

أشار ديفيد إلى أن مقراب كبلر، بالإضافة إلى قمر ناسا الصناعي القادم TESS*، إضافة إلى قمر وكالة الفضاء الأوربية القادم CHEOPS**، وأيضاً مشروع PLATO*** التابع لوكالة الفضاء الأوربية " تستعد جميعها لإيجاد آلاف الأنظمة كنظام GJ 436b واكتشافها في السنوات القادمة " و هذا يعني أن العديد من الكواكب ذات الأذناب سيتم اكتشافها قربياً.

يخطط العلماء اليوم لمراقبة الكواكب الأقل كتلة، ككواكب الصنف " الأرض الهائلة أو الضخمة Super Earth " ونبتون المصغر Mini Neptune (كواكب خارج المجموعة الشمسية كتلتها تَكبرُ الأرض بـ10-14 مرة تقريباً). لمعرفة ما إذا كان لديها طبقة جوية منتفخة و أذيال، كما في حالة الكوكب GJ .يقول ديفيد "سوف نقوم بدراسة كوكب له الصفات السابقة خلال السنوات القادمة باستعمال هابل، وسوف يتم اقتراح العديد من الكواكب لدراستها"

* TESS : وهو اختصار لـ Transiting Exoplanet Survey Satellite ، و هي مركبة تابعة لوكالة الفضاء ناسا، تتلخص مهمتها في البحث عن العوالم الغريبة، أو بتعبير آخر، الكواكب التي تقع خارج مجموعتنا الشمسية، تعد هذه المركبة خليفة المقراب كبلر الفضائي في مهمته للبحث عن تلك الكواكب باستعمال طريقة النقل "Transiting"، والتي يمكن تلخيصها بأنها تبحث عن الكواكب عن طريق الضوء الذي تحجبه تلك الكواكب أثناء عبورها أمام نجمها المضيف. تخطط ناسا لإطلاق المركبة في عام 2017، على متن صاروخ فالكون 9 التابع لشركة Space X.

** CHEOPS: وهو اختصار لـ Characterizing Exoplanet Satellite وهي مركبة تابعة لوكالة الفضاء الأوربية وتعد صغيرةً مقارنةً مع قريناتها، مهمة هذه المركبة هي قياس دقيق لأقطار العوالم الغريبة التي تم اكتشافها مسبقاً بنسبة خطأ لا تتجاوز 10%، ومحاولة اكتشاف عوالم جديدة وقياس أقطارها بالدقة السابقة. تخطط الوكالة لإطلاق المركبة في العام 2017 في مهمة تستغرق خمس سنوات.

*** PLATO: هي مهمة تنوي وكالة الفضاء الأوربية القيام بها، و ستكون مهمة أرضية (بمعنى أنه لن يكون هناك أي أقمار صناعية ستطلق إلى الفضاء)، فهي ستعتمد على مقاريب ومراصد أرضية. تهدف المهمة إلى إيجاد توصيف دقيق للعوالم المكتشفة، أي إيجاد المواد التي تشكل سطح تلك العوالم و أجواءها. وحسب الوكالة سوف تستمر تلك المهمة لمدة ستة أعوام ابتداء 2014.

المصدر: هنا