كتاب > الجائزة العالمية للرواية العربية

فرنكنشتاين في بغداد... عندما يكون العنف, حياةً نعيش معها.

استمع على ساوندكلاود 🎧

الحقد، الكره، الشر، العنف، القتل. كلماتٌ ستظهر أمام أعيننا عند كل جملة وكلمة، في رواية تبين أنَّ الكائن البشري مجبولٌ من صفات معقدة ومتشابكة، وأنه عند وجود ظروف قاسية قد يتحول لوحشٍ يفترس الجميع.

في وطنٍ أنهكته الحرب، وأنهكه أولاده باختلافاتهم الكثيرة، سيكون السؤال الأهم من هو المجرم الحقيقي؟

هل هو مخلوق غريب دخل دوامة من الانتقام لا نهاية لها؟ أم هو الوطن الذي يطلب الثأر ممن شوهوا معالمه وحولوه إلى ساحة للحرب والدم، ذلك الوطن الممزق إلى أشلاءٍ كانت منتمية له ونسيته لاحقاً.

فعندما يصبح الموت والقتل مجرد حكاية مثيرة تروى كل يوم في المقاهي، تزداد الحاجة إلى تطبيق العدالة، هذه العدالة التي تجعل الإنسان مستقراً وليس ممراً لما يحدث حوله. فعدالة السماء وعدالة القضاء في بلد تمزقه الحروب تتراجعان كثيراً، بحيث لا يبقى من العدالة حتى يؤمن بها الناس سوى عدالة الشارع، تلك العدالة التي لا تؤمن سوى بالقَصَاص المباشر.

نموت كلَّ يومٍ خوفاً من الموت نفسه، ذلك الذي يترصد بالجميع في كلِّ مكان، يمزق الناس من الداخل قبل الخارج، وخطر الخطف يجعل الشوارع مقفرة مخيفة لا تفيدها شفاعة القديسين أو الصلوات التي لم تُعِد المفقودين، ولم تمنع المفخخات من الانفجار، هذه الانفجارات التي لم تستثني شيئاً من حجرٍ أو بشر.

في ظلِّ ظروف كهذه، تظهر هوايةٌ جديدة لدى البعض فها هو " هادي العتاك" بائع عراقيٌ من حي البتاوين وسط بغداد، يجمع أشلاء ضحايا التفجيرات ويلصقها معاً، لينتج فيما بعد كائناً جديداً مكوناً من أشلاءٍ ممزقة و روح تائهةٍ تطلب الثأر من قاتلها، لتنجو من ضياعها ففي كلِّ قصاصٍ يتحرر جزء من هذا الكائن الذي أطلق عليه اسم " الشسمه". الذي يستمر في عملياته تلك حتى ينهي مهمته في القصاص العادل من مرتكبي الجرائم.

وككل الأسماء التي مرت في التاريخ كان هذا الكائن بطلاً في عيون البعض فأيدوه وتفانوا في خدمته حتى الموت، وكان مجرماً في عيون البعض طالبوا بمعاقبته لإحقاق عدالة السُلطة.

وخلال رحلة المطاردات المثيرة تلك تتداخل مصائر الشخصيات معاً، وتحدث تحولات حاسمة تكشف للجميع بأنهم يشكلون بنسبة ما هذا الكائن الفرانكشتايني، فجميعهم يمدونه بأسباب البقاء والقوة.

اعتمد الكاتب على طريقة السرد البوليسي ذات الطابع التشويقي مع وصف دقيق للأحداث، فنلاحظ أن الحدث نفسه يروى من عدة أماكن ومن عدة شخصيات، حيث يقوم بعدة ارجاعات فنية للحظة نفسها. كما يصور لنا الشعب العراقي بأطيافه المتنوعة، فمنهم من رفض الرحيل رغم كل الصعوبات والإغراءات، ويتكلم أيضاً عن الاختلاف الأخلاقي بين طبقات المجتمع المختلفة ليذهب بنا إلى أهم الأسئلة الوجودية ما هو الخير؟ وما هو الشر؟ وهل يوجد إنسانٌ صالحٌ أو شريرٌ بالمطلق؟

تتشابك الأحداث بشكلٍ جميل ومثير ، لتصل بنا إلى نهاياتٍ مفاجئةٍ وغير متوقعة، فهل ستوجد نهايةٌ لهذا الكائن العنيف، أما أنَّ الخطيئة والقتل والعنف ستبقى مادام الإنسان حيّاً على هذه الأرض؟

------------------------------------

الكتاب: فرانكشتاين في بغداد

تأليف: أحمد سعداوي

دار النشر: منشورات الجمل بغداد.

عدد الصفحات: 352 صفحة قطع متوسط.