الهندسة والآليات > الاتصالات والشبكات

انترنت ذو سرعة عالية جداً مع تقنية الكبل الضوئي الجديدة

تحدثنا في مقالات سابقة عن التقنيات المختلفة في شبكة الانترنت وأنظمة الاتصالات الأرضية والفضائية. أما اليوم فسنتحدث عن احدث ما توصل إليه الباحثون في مجال السرعة بنقل البيانات والمعلومات من خلال الألياف الضوئية. متابعة مفيدة وممتعة..

قام مهندسو الكهرباء مؤخراً بالعديد من الإجراءات للتغلب على العقبة التي تحد من المسافة التي يمكن أن تجتازها المعلومات ضمن كابلات الألياف الضوئية بحيث يتم استقبالها عند الطرف الآخر وفك ترميزها بشكل دقيق. فقد استطاع الباحثون في مجال الـ Photonics (تكنولوجيا الضوء والأجهزة الضوئية) في جامعة كاليفورنيا- سان دييغو، من القيام بزيادة الطاقة القصوى وبالتالي المسافة التي يمكن من خلالها إرسال الإشارات الضوئية عبر الألياف الضوئية. هذا الإنجاز يمكن من زيادة معدل نقل البيانات عبر كابلات الألياف الضوئية التي تشكل العمود الفقري لشبكة الإنترنت والشبكات السلكية واللاسلكية والخطوط الأرضية.

تمثل هذه الدراسة الجديدة حلاً لمشكلة قديمة وهي زيادة معدل نقل البيانات المرسلة من خلال الليف الضوئي، حيث أن المعلومات كانت دائماً تتعرض للتشوه والضياع وبشكل غير قابل للإصلاح خلال إرسالها بالكبل الضوئي عند زيادة مستوى الطاقة عن الحد المسوح به.

إرسال الإشارات داخل الكبل الضوئي

يشبه العلماء في معهد Qualcomm، سان دييغو أنظمة الألياف الضوئية بالرمال الموحلة أثناء وقوع الشخص داخلها حيث كلما كافح الشخص للنجاة أكثر كلما تعرض للغرق بشكل أسرع كذلك الأمر بالنسبة إلى الليف الضوئي فكلما قمنا بزيادة الطاقة (بعد الحد السموح به) للحصول على مسافة إرسال أكبر كلما تشوهت الإشارة أكثر، الأمر الذي يحد من المسافة بين المرسل والمستقبل . ولكن مع هذه التقنية الجديدة فإنه من الممكن إرسال الإشارات لمسافات أطول بالليف الضوئي دون الحاجة إلى وضع Repeaters (مولدات الكترونية). حيث استطاع الباحثون في معهد سان دييغو من فك ترميز المعلومات بعد نقلها لمسافة قياسية تقدر بـ 12000 كيلومتر خلال كبل الليف الضوئي وذلك باستخدام مكبرات قياسية ومن دون مكررات Repeaters. تلغي هذه النتائج الجديدة بشكل كبير الحاجة إلى وضع أجهزة إعادة توليد إلكترونية على طول وصلة الليف الضوئي، هذه الأجهزة التي هي عبارة عن حواسيب ذات إمكانيات عالية تطبق على كل قناة أثناء الإرسال. تعتبر أجهزة إعادة التوليد الالكتروني والتي تحمل ما بين 80 إلى 200 قناة في أنظمة إرسال الأمواج الخفيفة ذات كلفة عالية وتحد أيضاً من إنشاء شبكة ضوئية شفافة. وبالنتيجة فإن الاستغناء عن هذه الأجهزة سوف يحسن بشكل كبير من التكلفة الاقتصادية لبناء الشبكات و نقل المعلومات بشكل أفضل.

اعتمدت الدراسة على عرض المجال (حزمة التردد) الذي طوره الباحثون. حيث أن شريط التردد هذا يحرص على أن تكون تشوهات الإشارة (ما تسمى بال crosstalk التي تنشأ بين حزم المعلومات المرسلة على طول خط الليف الضوئي) متوقعة وبالتالي قابلة للتصحيح عند الطرف الأخر المستقبل لليف الضوئي.

لفهم الـ frequency comb (حزمة التردد) أكثر تابعوا معنا الفيديو التالي:

خلصت الدراسة إلى أن التداخل بين قنوات الاتصال خلال كبل الليف الضوئي الواحد يتبع قوانين فيزيائية معينة وهو ليس عشوائياً. وعند فهم فيزيائية التداخل هذه نستطيع ابتكار طريقة لاستثمار التداخل للتغلب على حاجز الطاقة لليف الضوئي يقول الباحثون في قسم هندسة الكمبيوتر والكهرباء في جامعة سان دييغو.

النقل التام للبيانات على نفس الطبقة :

يمكن تشبيه التقنية الجديدة هذه بمايسترو الحفلة الموسيقية الذي يقوم بضبط عدة آلات خلال حفل الأوركسترا لتصبح على نفس طبقة الصوت في بداية الحفل. حيث أنه يتم نقل المعلومات في الليف الضوئي خلال عدة قنوات اتصال تعمل بترددات مختلفة، حينها يقوم مهندسو الاتصالات باستخدام حزمة التردد لمزامنة اختلاف الترددات للقنوات الضوئية عندها تسمى بالحوامل الضوئية المنتشرة خلال الليف الضوئي. وبهذه الطريقة يتم التعويض بشكل مسبق عن التداخل الحاصل بين قنوات الاتصال داخل الليف الضوئي الواحد. كما تضمن حزمة التردد هذه أن التداخل قابل للاسترجاع وأن النظام لا يقوم بتجميع التشوهات العشوائية التي تصعب من عملية استعادة المعلومات عند الطرف المستقبل.

إرسال الإشارات باستخدام حزمة التردد

تضمنت التجارب المخبرية الأولية استخدام من 3 إلى 5 قنوات ضوئية تتفاعل مع بعضها داخل الكبل الضوئي، ومن ثم تم تطويرها لتتضمن استخدام 32 قناة داخل الكبل الضوئي الواحد.

تلخص الفكرة بالنهاية بأن المعلومات يتم تشويهها عند البداية بشكل متوقع و قابل للاسترجاع ومن ثم إرسالها خلال الليف الضوئي، ومع استخدام تقنية حزمة التردد “frequency comb” فإن المعلومات يمكن استعادتها بشكل كامل عند الطرف المستقبل من الليف.

" نحن نقوم بإلغاء تأثير التشوه الحاصل في الليف الضوئي" يقول Bill Kuo الباحث المسؤول عن فريق تطوير تقنية frequency comb في معهد Qualcomm بسان دييغو، الولايات المتحدة.

وهكذا نرى أن عجلة التطور السريع في مجال الاتصالات والشبكات توفر لنا سرعة وموثوقية عالية في نقل البيانات والمعلومات وبالتالي سرعات مرتفعة جداً في شبكة الانترنت والاتصالات.

يبقى السؤال هل سنصل إلى سرعة انترنت من مرتبة الغيغا بت في الثانية الواحدة في المستقبل القريب؟ دعونا ننتظر...

المصدر: هنا