الهندسة والآليات > كيف تعمل الأشياء

كيف يعمل الرادار؟

تخيَّل أنك تحاول أن تهبط بطائرة من الحجم الكبير، على مَدرَج قصير في وسط المدينة، وفي ليلة حالكة وتشق عباب الضباب. إن لم يكن بمقدورك أن ترى طريقك، فكيف ستهبط سالماً؟ عيناك لن تفيداك أبداً. سيفيدك شيءٌ يُبصِر لكنه لا يُرى وهو " الرادار " الذي هو طريقة للرؤية باستخدام الأمواج الراديوية عالية التردد.

استُخدِمَ الرادار في البدء لاكتشاف طائرات العدو خلال الحرب العالمية الثانية، ومن ثم اتسعت مجالات استخداماته ابتداءً من الأداة التي يستخدمها ضابط الشرطة لضبط السيارات السريعة، إلى الأجهزة المستخدمة في الأرصاد الجوية.


سنتعرف في هذا المقال عن آلية عمل الرادار:

_ من اخترعه؟


شارك العديد من العلماء في تطوير الرادار، إلا أن من أدخله في ميدان الحرب هو الفيزيائي الأسكتلندي


"روبرت واتسون-وات" (1892–1973)، عندما كان يعمل في المركز البريطاني للأرصاد الجوية لمراقبة العواصف، وحينما اشتدت الحرب العالمية الثانية في أوروبا، لاحظ أنه يمكن الاستفادة من الأمواج الكهرطيسية في الكشف عن الطائرات والسفن، عندها عمل هو ومساعده "أرنولد ويلكنس" في تطوير تقنية قادرة على كشف أجسام العدو المقتربة من المدن.


تمَّ إنشاء أول محطة مراقبة وتعقب باستخدام تقنية الأمواج الراديويَّة في السَّاحل الجنوبي الشَّرقي للملكة البريطانية، التي كان لها الفضل في الكشف المبكر والإنذار عن الطَّائرات الألمانية التي كانت تدنو من السَّاحل البريطاني.


سَرَت عدوى هذه التِّقنيّة في قوات التحالف، حيث تم إنشاء محطة رادار في البوارج البحرية في بيرل هاربر -هاواي-لكنَّهم لم يكتشفوا جموع الطّائرات اليابانية التي فجرت نفسها في الأسطول إلّا في وقتٍ متأخر جداً.

_ ما هو الرادار ؟


نرى الأشياء من حولنا بسبب الضوء (عادةً ضوء الشَّمس) الذي ينعكس على الأجسام ثمَّ يرتد إلى أعيننا فنرى تلك الأجسام. وإذا أردنا أن نمشي ليلاً فنحن بحاجة لاستخدام المصباح اليدوي لنتمكن من رؤية الطريق، بفضل حزمة الضوء الخارجة من المصباح والتي تنعكس على الأشياء أمامنا وترتد عائدةً إلى أعيننا حيث يقوم العقل بمعالجة فورية وتفسير ما نراه ويخبرنا ببعد الأجسام ويجنبنا من الاصطدام بها.


يشبه رادار الطَّائرة إلى حد ما المصباح اليدوي ولكنه يستخدم الأمواج الراديوية بدلاً من الضوء. يقوم الرادار في الطائرة بإرسال حزمة متقطعة في وقت محدد، ويقوم بسماع انعكاس تلك الحزمة من الأجسام القريبة في الوقت المتبقي، وعند تحديد الانعكاسات؛ يعلم الربّان أنه على مقربة من أجسام قد تكون متوّجهة نحوه، ويعلم أيضاً المسافة الفاصلة عنها عن طريق معالجة الوقت المقطوع للانعكاس ذهاباً وإياباً.


بعبارة أخرى، يشبه نظام الرادار إلى حد ما نظام التعقب بالصدى التي تستخدمه الخفافيش ضعيفة البصر لتتمكن من الطيران في الظلمة.

_كيف يعمل الرادار ؟


سِواءً كان الرادار يعمل على متن طائرة أو قارب أو أي شيء آخر، فإنه يقوم على مكونات أساسية لا يستطيع أن يستغني عنها وهي:


*أداة لتوليد الأمواج الراديويَّة.


*أداة لأرسال هذه الأمواج بعيداً إلى الوسط الخارجي.


* أداة أخرى لاستقبال الأمواج المنعكسة.


* بالإضافة الى معالج ليعالج المعلومات الواردة ويقوم بتفسيرها وعرضها.

تَصدُر الأمواج الراديويَّة المُستخدمة في الرادار من جهاز يدعى " Magnetron " أو الصَّمام المفرِغ.


(الصَّمام المفرِّغ: هو صمام مفرِّغ من الهواء، يقوم بتوليد الإلكترونات باستخدام المصعد والمهبط. يدخل بعدها الإلكترونات داخل حقل مغناطيسي يؤدي ذلك إلى إنتاج أمواج كهراطيسية عالية التّردد.)

تشبه الأمواج الراديويَّة الأمواج الضوئية فهما يتحركان بنفس السّرعة، لكن الأمواج الراديويَّة ذات أمواج أطول وترددات أقل. ويعتبر هذين النوعين جزء من الطيف الكهرومغناطيسي وبالتالي هما يتكونان من أنماط اهتزازية من الطاقة الكهربائية والمغناطيسية التي تنطلق عبر الهواء.


الأمواج التي ينتجها الصَّمام المُفرِغ هي بالأصل أمواج ميكروية مشابهة للأمواج التي يولدها فرن المايكرويف، لكنَّ الاختلاف بأنَّ الصَّمام في الرادار ينتج ويرسل الأمواج لعدة أميال بدلاً من عدة إنشات، وبالتالي أمواج الرادار أكبر وأكثر قوةً.


حالما تُنتَج الأمواج الراديويَّة يقوم الهوائي بالعمل كمرسل، فيدفَع الأمواج الى الوسط الخارجي. ويكون الهوائي عادةً ذو شكل مقوّس مما يجعل الأمواج المرسلة مُركزِة بدقة ضمن حزمة ضيقة. وبالإضافة لذلك فإنَّ دوران هوائي الرادار يمكنه من اكتشاف الحركات في منطقة واسعة حوله.


تخرج الأمواج الراديوية من الهوائي مسافرةً بسرعة الضوء (300 ألف كيلو متر في الثانية)، وتبقى هكذا حتى اصطدامها بجسمٍ ما، عندها يرتد بعض منها ضمن حزمة منعكسة من الأمواج الراديوية عائدةً الى الهوائي (تنعكس بسرعة الضوء أيضاً).


إنَّ سرعة الأمواج مهمة جداً، فإذا اعتبرنا أن هناك طائرة للعدو تقترب بسرعة (3،000 كم/ساعة)، تحتاج أشعة الرادار لأن تسافر أسرع لتصل إلى الطائرة وتصطدم بها، وتعود الأشعة المنعكسة، وتطلق جهاز الإنذار. ولكن بما أن الأمواج الرّاديويّة تسير بسرعة الضوء ليس هناك أي مشكلة. فبفرض أنَّ طائرة العدو على مسافة 160 كم، يمكن لأشعة الرادار أن تذهب وتعود بأقل من جزء من ألف من الثانية.

يقوم الهوائي بوظيفتين في الوقت ذاته فهو يعمل كمستقبل وكمرسل، حيث يتناوب في العملين.


فهو يرسل الأشعة لجزء من الثانية، وبعدها يقوم بالاستماع لِعدة ثوانٍ قبل إعادة الإرسال مجدداً.


يتمكن الهوائي من القيام بعملين والتّناوب بينهما من خلال قطعة تسمى " المُبَدِل التَّناوبي" أو " Duplexer". أي عندما يكون الهوائي في حالة إرسال تتوقف وظيفة الاستقبال والعكس صحيح.


تتجه الأمواج الراديويَّة الملتقطة عبر الهوائي نحو قطعة الكترونيه مهمتها معالجة وعرض المعطيات بصوره ذات معنى على الشّاشة، وتتم مراقبة الشّاشة طوال الوقت من قبل الموظف المعنيّ.


تُنَقي أدوات الاستقبال الانعكاسات العديمة الفائدة القادمة من الأرض والأبنية، ويتم عرض الانعكاسات ذات الأهمية على الشّاشة، حيث يتم الكشف عن الزّوارق والطّائرات التي تجري بسرعات كبيرة باتجاه محطة المراقبة.


إنَّ مُشاهدة شاشة الرادار تبدو كلعبة ﭬيديو مُمِلة (شاشة خضراء تحوي نقاطاً ما)، إلّا أنَّ النِّقاط على الشّاشة تمثل طائرات وسفن حقيقية، والخطأ مهما كان بسيطاً يكلف أرواح العديد من الأبرياء.

* وبشكل مبسط يمكن تلخيص آلية العمل كالتالي:


1- يولد الصَّمام المفرِّغ أمواج راديويَّة عالية التَّردد.


2- يفعِّل المبدل التناوبي (Duplexer) الصَّمام عبر الهوائي.


3- يقوم الهوائي بدور المُرسِل، حيث يرسل حزمة ضيقة من الأمواج الرَّاديويّة عبر الهواء.


4- تصطدم هذه الأمواج الرَّاديويّة بالجسم المُعادي وتنعكس عائدةً.


5- يلتقط الهوائي الأمواج المنعكسة في الوقت الفاصل بين الإرسالات، فالهوائي نفسه يقوم بإرسال واستقبال الأمواج الرَّاديويّة.


6- يفعِّل المبدل التناوبي وحدة الاستقبال من خلال الهوائي.


7- يعالج الحاسوب الموجود في وحدة الاستقبال الأمواج المُنعكسة ويقوم بتمثيلها على الشاشة.


8- تظهر طائرات العدو وأي أجسام معادية أخرى على شاشة الرادار.

* كيف يمكن تجنبه؟


أستخدم الرادار بشكلٍ رئيسي لأغراضٍ عسكرية، ولذا فإنَّ اختراع أشياء تجابه هذا الابتكار يصبح كالماراثون في سياق التَّطور العسكري.


إنَّ تجنب الرادار ليس بالأمر الصعب، فيكفي بأن تُضِلَ الأشعة القادمة إليك، وضمان عدم انعكاسها لتصبح مخفياً. يتم هذا الأمر عبر تصميم الطَّائرات والأجسام الأخرى بزوايا معينة تبعثر الأشعة القادمة.


ومن الأمثلة على ذلك:


القاذفة الخفية الأمريكية B2 التي تمتلك تصميماً ذو زوايا حادة، ومزودة بنوافذ مغطاة بمادة معدنية تمتص حزم الأمواج الرّاديويَّة، مما يعيق معالج العدو من تحديدها، فهي تبدو على الشَّاشة كأنها طائر صغير.

أنيميشن يبين عمل الرادار: هنا

وبعد ما عرفنا استخدام من استخدامات الأمواج الرّاديويّة، بتقدروا حبايبنا المتابعين تخبرونا عن استخدامات تانية لهالأمواج؟

-----

المصدر: هنا


مصدر الصور:


هنا


هنا


هنا


هنا


هنا


مصدر الإنفوغراف: هنا