الغذاء والتغذية > تغذية الأطفال

تفضيل الطفل لبعض الأطعمة مستقبلاً يعتمد على ماتحبه الأم!

يُعتبر النمط الغذائي للحامل أمراً مهماً نظراً لأثره المباشر على صحتها وصحة الجنين وسلامة نموه. وفي دراسة حديثة وجد الباحثون بأن النمط الغذائي للأم لا يؤثر فقط على حساسية الجنين للروائح والطعم، بل يمتد ليشمل الدماغ ويؤثر على سلوك الطفل مستقبلاً في تفضيله لأنواع معينة من الأطعمة والمشروبات دون غيرها.

وتشير الدراسة إلى أهمية تناول الأم للطعام الصحي وابتعادها عن المشروبات الكحولية خلال فترتي الحمل والرضاعة لضمان صحة طفلها وسلامة خياراته الغذائية مستقبلاً. فالجنين يتوقع بأنَ كل ما يصل إليه عبر الأم "جيد و آمن"، وانطلاقاً من هنا وجد الباحثون بأن تناول الأم للمشروبات الكحولية خلال فترة الحمل يدفع الطفل مستقبلاً للانجذاب نحو تناول الكحول.

وقد كانت التجارب التي أجراها الباحثون على مجموعتين من الفئران الحوامل على الشكل التالي:

الأولى قُدم إليها طعام خالٍ من النكهات، أما الثانية فتمَ إغناء طعامها بنكهاتٍ مختلفة. وبالمقارنة بين نتائج المجموعتين وُجد بأنَ حاسة الشَم لدى أجنّة الأمهات اللواتي تمّ تدريبهنّ على تفضيل نكهات معينة خلال فترة الحمل وفي مرحلة الرضاعة قد تطورت وتغيرت وفقاً لهذا النمط الغذائي؛ إذ لوحظت تغييرات كبيرة في كُبيبات الشَم الدماغية عند صغارهنَ - وهي الأجزاء المسؤولة عن معالجة الروائح - وذلك لأن الروائح الموجودة في السائل المحيط بالجنين في الرحم تؤثّر على كيفية تطور حاسة الشم الخاصة به. أما خلال فترة الرضاعة فقد كان الصغار يتلقّون نكهات محددة عبر حليب أمهاتهنَ وفقاً للنمط الغذاء الذي حُدد للأمهات خلال الدراسة، كما لوحظ في مرحلة الفطام أن الصغار استمروا بتفضيل النهكات التي تعودوا عليها من غذاء أمهاتهم، بينما لم تلاحظ النتائج ذاتها عند المجموعة الأخرى.

ويعتبر الباحثون أنَ هذه النتيجة يُمكن اعتبارها استراتيجية مهمة في عملية انتقاء الفئران للطعام في المستقبل، ونظراً للتشابه الكبير في عمليات التطور لدى الثدييات فإن ذلك قد يعطينا إشارة لسير هذه العملية لدى الإنسان في المستقبل. ويمكن أن تُفسر نتيجة الدراسة بأن الجنين يعتبر الخيارات التي قامت الأم بانتقائها هي الأكثر أمناً وسلامةً، فلو كانت هذه الخيارات غير صحيحة لما نجت الأم وتمكنت من نقل هذه التجربة في اختيار نوع الطعام إلى أطفالها. أي أن خياراتها في انتقاء الطعام والشراب تؤثر سلباً أو إيجاباً على تطور المناطق الدماغية المسؤولة عن الإحساس عند الأطفال وعلى ذاكرتهم تجاه الروائح وتفضيل أطعمة معيَنة في المستقبل.

ومن هنا يجد الباحثون بأنَ كثيراً من الأمراض التي يعاني منها المجتمع ناتجة عن الاستهلاك الزائد أو الامتناع المستمر عن أنواع معينة من الطعام، ولهذا يعتبر فهم العوامل التي تحدد طريقة اختيارنا للطعام لاحقاً وبخاصةٍ في المراحل المبكرة ضرورياً لبناء استراتيجيات لتحسين صحة الجنين والطفل والفرد البالغ، فما تتناوله المرأة الحامل له تأثير طويل الأمد على التركيب البنيوي الحسيّ للطفل بالإضافة لتأثيره على الذاكرة الشمية وتفضيل الطعام في المستقبل.

المصدر : هنا