التاريخ وعلم الآثار > تحقيقات ووقائع تاريخية

نصوح "مطراقجي" السلاحي، فارس متعدد المواهب من الجغرافية إلى رسم المدن والخرائط، إبداع لا تحده نهاية

مقدمة:

ألف "نصوح المطراقجي" الكاتب، الفارس، والرياضي العثماني العديد من الكتب الهامّة في المجالات المختلفة، فكانت له مساهمات في حقول الرياضيات، الجغرافيا، التاريخ وفن الخط. كما يُعد مخترع لعبة حربية تدعى المطراق، وهي عبارة عن لعبة رسوم مُتحركة تحاكي المعارك.

تعود جذور "المطراقجي" إلى عائلة بوسنية، إذ سيق أبوه أو جدّه من البوسنة لخدمة الإمبراطورية العثمانية. عُرِف في القرن السادس عشر كرياضي ومؤرخ وجغرافي، خطاط وفارس لا غُبار عليه بالإضافة إلى كونه مهندس. وبحكم كونه فارس كان يُلقب أيضاً بـ"السلاحي". لُقب بـ"المطراقجي" Matrakçi بعد اختراعه لعبة المطراق، وتعني كلمة مطراق Matrak بالتركية (الرائع) واللاحقة جي"çi" تعني الشخص الذي اخترع، ليصبح اسمه الشخص الذي اخترع اللعبة الرائعة.

تعلّم "نصوح المطراقجي" وتدرّب في مدرسة القصر خلال فنرة حكم "بيازيد الثاني" (1481-1512)، ودرس تحت يدي "ساي شلبي" أحد مُعلمي السلطان "بيازيد الثاني". وفي أثناء حكم السلطان "سليم" (1512-1520) بدأ "المطراقجي" يُعرف كفارس. سافر إلى مصر في عام 1520 ليقوم بدراسات متقدّمة وحضر عدّة ألعاب حربية وهو المجال الذي تألق به "المطراقجي"، إذ حصل على شهادة تثبت موهبته فوق العادية في ألعاب الحرب.

الصورة (1) الحصون في كتاب "تحفة الغزاة" للمطراقجي

لعبة المطراق:

تلعب لعبة المطراق باستخدام عصا تُدعى اللابوت، أو هراوة أو سيف ذو حدين، غرض هذه اللعبة الشعبية هي التدرّب على الحرب.

حاز "المطراقجي" في عام 1529 على شهادة من السلطان "سليمان القانوني" يمدح بها "المطراقجي" وينصبه كبير فرسان (أستاذ) أو (ريّس) عصره، إذ لا يُمكن مقارنته بأي أحد في كامل الإمبراطورية العثمانية في فنون الحرب. نسخ "المطراقجي" هذه الشهادة في كتابه "عمدة الحساب"، ووفقاً لهذه الشهادة فقد اعتاد "المطراقجي" لعب الحرب في مصر خلال فترة ولاية "هاير بيك".

أكمل "المطراقجي" في عام 1529 كتابه المكوّن من خمس فصول بعنوان "تحفة الغزاة" حول فنون صناعة واستخدام الأسلحة، وفي هذا الكتاب المُرفق بالرسوم التوضيحية كتب "المطراقجي" عن الأسهم، الأقواس، السيوف والصولجانات، وقدّم معلومات عن تكتيكات المعارك والفروسية. كما ذكر أيضاً الألعاب الحربية، التعليم العسكري والفروسية مع إشارة خصوصية للفرسان.

الصورة (2) مدينة بغداد كما خططها نصوح المطراقجي

الصورة (3) مدينة تبريز كما خططها نصوح المطراقجي

المطراقجي المؤرخ:

في عام 1520 بدأ "المطراقجي" وظيفته كمؤرخ بقيامه بترجمة بعض كتب التاريخ العربية إلى التركية منها كتاب "الطبري" المشهور "تاريخ الرسل والملوك"، أخذت المخطوطة شكل ثلاث مجلدات كما قدّم شروحاً توضيحية لترجمته بمجلد رابع، وقد تضمن هذا العمل تاريخ العثمانيين من أوّله ولغاية عام 1551.

الصورة (4) مدينة ديار كما خططها نصوح المطراقجي

إنجازاته في الرياضيات:

أمّا في حقل الرياضيات فقد كتب "المطراقجي" كتابين باللغة التركية بغرض تسهيل عمل الموظفين في ديوان السلطنة ومُحاسبي الولاية. يُعد هذان الكتابان مهمان جداً في فهم تطوّر اللغة التركية، إذ يبرزان أنّ اللغة التركية قد تطوّرت إلى مرحلة تجعلها مناسبة للاستخدام كلغة رياضية.

كتب "المطراقجي" كتابه الأوّل "جمال الكتاب وكمال الحساب" في عام 1517، وأهداه للسلطان "سليم الأول". أمّا كتابه الثاني فجاء بعنوان "عمدة الحساب في الفروز المقدّر بالكليات" كتب في عام 1533 وأتى كنسخة موسعة لكتابه الأوّل.

ينقسم كتاب "جمال الكتاب" إلى قسمين. القسم الأوّل عن الأرقام الهندية، العمليات الحسابية، الجذور، الموازين والقياسات. بينما يقول أنّ القسم الثاني يتضمن قضايا متنوعة لكن لم نستطع إيجاده في أي مخطوطة.

على الضفة الأخرى يُعد كتابه "عمدة الحساب" نسخة مطوّلة وموسعة عن كتابه الأوّل ويقسم أيضاً لقسمين. عنوان القسم الأوّل "مواضيع متنوعة" ويحوي هذا القسم على اثنين وعشرين فصلاً، في حين عنوان القسم الثاني "حل المشاكل الخمسين"، وقد أضاف بعض الأرقام والجداول لهذا الكتاب. بالإضافة إلى هذه المواضيع المذكورة يحوي الكتاب على الأوزان والمقاييس وبعض المناهج الجيومترية وجميعها مهمة للمحاسبين.

الصورة (5) واحد من المراسيم التي أصدرها السلطان سليمان القانوني والتي زينها وكتبها بخط المطراقجي

الصورة (6) صورة لمدينة اسطنبول رسمها المطراقجي

الجغرافيا الوصفية:

يُعتبر "نصوح المطراقجي" علم من أعلام الجغرافيا الوصفية ويُعتبر كتابه الجدير بالاهتمام "بيان منازل السفر عراقياً"، وتبدو رسماته التي تظهر الطرق التي تربط إسطنبول بتبريز ببغداد كما الخرائط تماماً. كما له وثائقيات رئيسية في دراسة إسطنبول ورسماته التوضيحية تُعد مثالاً لفئة الطبع الطبوغرافي الذي بدأه هو واستمر بعده لقرون عديدة.

ولكونه أحد أعضاء الإدارة فقد قام "نصوح" بمرافقة "سليمان العظيم" في حملاته العديدة وسجل بدقّة الأحداث ورسم رسومات توضيحية للمدن والموانئ التي احتلها العثمانيين، كما أضاء كل لوحة لكل مدينة حل أو مر بها الجيش.

خاتمة:

عندما توفيَّ "المطراقجي" في الثامن والعشرين من نيسان عام 1564، كان يحتل منصب رئيس الإسطبل الملكي. ولطالما تمّت مقارنة "المطراقجي" بالعالم والفنان النابِغة "ليوناردو دافنشي". كما بث التلفزيون والراديو التركي فيلماً وثائقياً عنه في عام 1979.

وإليكم هذه الأعمال المميزة من إبداع المطراقجي:

المصدر:

هنا

هنا