الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

مفهوم المعرفة وأنواعها

أثارَ السؤال عن ماهيّة المعرفة وكيفية الوصول إلى الحقيقة اهتمامًا واسعًا منذ بدايات الفلسفة، فمثلًا يشكُّ السفسطائيون شكًا مطلقًا، ويجزمون بعدم إمكانية الحصول على الحقيقة، وعلى الطّرف الآخر فلاسفةٌ يحاولون إثبات أنّ هذا الأمر ممكنٌ باستخدامِ العقلِ مثل أفلاطون، حتى أدّت هذه المحاولاتُ لاحقاً إلى ولادة نظريةٍ تُدعى بنظرية المعرفة.

نظريّةُ المعرفة أو الإبستمولوجيا Epistemplpgy، مأخوذةٌ من الكلمةِ الإغريقيّة "Episteme"؛ التي تعني المعرفة، و "logos" التي تعني العلم أو النظرية؛ وبذلك يكون معناها نظريّةَ المعرفةِ أو فلسفة المعرفة، وهي من أهم مجالات الفلسفة.

• ما هي المعرفة؟

عرفَ الشّيء؛ أي أدركَه بالحواس أو بغيرها، وفرّق الفلاسفة بين المعرفة والعلم فقالوا: إنّ المعرفةَ إدراك الجزء، والعلم إدراك الكلّ، فكلُّ علمٍ معرفةٌ؛ لكن ليست كلُّ معرفةٍ علمًا، وهي أيضًا الفعلُ العقليّ الذي ننفذُ عبره إلى أساسِ الموضوع "الشيء" لتفهّم حقيقته، على أن تكونَ المعرفةُ الكاملةُ بالشّيء خاليةً ذاتيًّا من كلّ غموض والتباس..

• كيف نحصل على المعرفة؟

هل نحصلُ على المعرفةِ عن طريق الحواسِّ أم عن طريق العقل؟

إنّ الطريقةَ التي نختبر بها العالمَ من حولنا قد تكون معتمدةً جزئيًا على العالم الخارجيّ (الموضوع)، لكنّها أيضًا تعتمدُ على الإنسان المُدرِك (الذات)، فنحن لا نتلقّى المعلوماتِ بحواسّنا فحسب، إنّما نؤثّر في تجاربنا للحصول على المعرفة بالقدر نفسه الذي تؤثر فيه الأشياء التي نختبرها.

فشكلُ الشجرةِ وتركيبها هي صفاتٌ في الشجرة نفسِها أمّا لونها الأخضر فهي صفةٌ ابتكرها جهازُ الإدراكِ الحسّي لدى الإنسان.

وترى التجريبية Empiricism أنّ معرفتنا تقوم أساسًا على التجربة والخبرة، وبحسب ما عبّر عنه جون لوك فإنّ الإنسان يولدُ وعقله كالصفحةِ البيضاءِ خالٍ من أيّ مبادئَ فطريّةٍ ثم تبدأ تجربته بالعالم الخارجي عن طريق حواسه فتتكون عنده انطباعاتٌ وتُنْقلُها على شكلِ أفكار "مدركات" إلى الذهن.

أمّا العقلانيّة Rationalism فتعطي الأولويّة للعقلِ على التّجربةِ في عمليّة الحصول على المعرفة، وترى أنّ في العقل حقائقَ ومبادئَ تقابل ما في الواقع من أشياء وبحسب ديكارت؛ فإنّ تلك المبادئ فطرية، وهي تنمو مع نموّ الإنسان وتطوّرِ تفكيرِه، والإنسانُ عندما يكتشفُ حقائقَ الأشياء لا يتعلّم شيئًا جديدًا وإنّما تلك الحقائق موجودةٌ في عقله مسبقًا.

وأكّد المنهجُ العلمي الحديث على وجود تكامل بين العقل والتجربة؛ أي الذات والموضوع في عملية الحصول على المعرفة.

• أنواع المعرفة: 

• المعرفة الشخصية:

أوّل نوع من أنواع المعرفة هو المعرفةُ الشخصية، أو المعرفة عن طريق الخبرة والاكتساب الذاتي، وللقول بأنك تعرف "زيداً" عليك أن تقابلَه أولاً، ولكي تعرف ماهيّة الشعور بالخوف، عليك أن تجرّبه وتختبره أولًا.

فلو أنني لم أقابل زيداً وأنت تخبرني عنه وتحدّثني عنه -بغضّ النظر عن الوقائع والحقائق التي أعرفها عنه- لا يمكنني القول بأنني أعرفه بالمعنى الذي تتطلّبه المعرفةُ الشخصية.

• المعرفة الإجرائية:

وهو النوع الثاني من المعارف، أو ما يسمّى معرفةَ كيفية تأديةِ الشّيء أو تأديةِ الوظائف أو الأنشطة المعينة، فالناس الذين يتقنونَ فنونَ القتال، أو قيادة السيارة، ليس من الضرورة أن يفهموا النظرياتِ التي تكمن في صميم هذه النشاطات، إنّما يمتلكون مهاراتٍ فعليّةً، وهم قادرون على تأديةِ هذه الأمور فعلاً.

• المعرفة الافتراضية:

وهي معرفةُ "الحقائقِ" أو "الوقائعِ"، وهذا النّوع هو أكثرُ الأنواعِ إثارةً للاهتمام نسبةً للفلاسفة، لأنّه يُعنى بالمفاهيمِ المجرّدة مثل قيم الخير والشر أو الحق والباطل أو الجميل والقبيح.

المصادر:

هنا

معجم الفلسفي، جميل صليبا

مع الفيلسوف، محمد ثابت الفندي