الطب > مقالات طبية

الاستخدام المفرط للهواتف الذكية قد يؤثر على وظيفة اليد

أظهرت دراسةٌ حديثةٌ أن طلاب الجامعة الذين يُفرطون في استخدام الهواتف الذكيَّة Smartphones يصبحون أكثرَ عرضةً للإصابة بتضخُّم العصب النّاصف Median nerve وللمعاناة من الاختلال في وظائف اليد (راحة اليد) وقوة القرص مقارنةً بزملائهم الذين لا يُبالغون في استخدام الهواتف الذكيَّة.

غير أنَّ الدراسة التي نُشِرت في مجلة الأعصاب والعضلات في الثالث من الشهر المنصرم كانت دراسةً مستعرضةً (من حيث العيِّنة)، ولم تظهر أي دليلٍ واضحٍ على ارتباط الاستخدام الزَّائد للهواتف الذكيَّة مع متلازمة النفق الرسغي CTS)1). كما أنها لم تستطع تحديد الآليَّة السريريَّة الدقيقة المُسبِّبة لتضخُّم العصب النّاصف تبعاً لاستخدام الهواتف الذكيَّة، إلا أن الدراسات المستقبليَّة ستوضح حتماً تلك الآليَّة التي تربط بينهما، كما أشارت الدكتورة المسؤولة عن الدراسة، وأضافت: "على الشباب إدراك مخاطر تلك الأجهزة الصغيرة".

الاستخدام المتزايد:

يجبر الهاتفُ الذكيُ المحمول براحة اليدِ المستخدمَ على القيام بحركاتٍ متكرَّرةٍ من عطفٍ وبسطٍ (ضم وفتح) الرسغ لاستخدام إبهامه في الكتابة، وهي الحركات المسؤولة عن الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي (CTS)، كما أشارت الدراسات.

وتأخذ أهميَّة هذا الموضوع في التَّزايد يوماً بعد يوم، بتزايد عدد المستخدمين الشباب للهواتف الذكيَّة، وغيرها من الأجهزة المحمولة براحة اليد، وتشير الأبحاث إلى أن طلاب هذه الأيّام يمضون ما يزيد على 3 ساعاتٍ يومياً في الدردشة النَّصيَّة، وتبادل الإيميلات (رسائل البريد الإلكتروني)، وجدولة المواعيد، وتصفُّح الإنترنت على هواتفهم المحمولة.

وقد تضمنَّت الدِّراسة الحاليَّة 102 طالباً جامعياً، 66 منهم يستخدمون هاتفاً ذكياً يُحمل بيد واحدة "أي صغير الحجم" و36 طالباً آخر لا يستخدمون الهواتف الذكيَّة. ومن ثم قسَّم الباحثون المشاركين إلى 3 مجموعاتٍ وفقاً لدرجة استخدامهم للهواتف الذكيَّة على النحو التالي: غير مستخدمين، مستخدمون بشكلٍ خفيفٍ، مستخدمون بشكلٍ زائد.

واعتمد الباحثون في تصنيفهم على "مقياس إدمان الهواتف الذكيَّة SAS2. والذي تتألف نسخته التركيَّة من 33 سؤالاً، تُقيَّم إجابة كلٍّ منها بسلّمٍ من 6 درجاتٍ، وكلما ارتفعت الدرجة كلما ارتفعت خطورة إدمان استخدام الهاتف الذكي. ربَّما لا توجد معايير تشخيصيَّة رسميَّة لإدمان الهواتف الذكيَّة، ولكن اعتماداً على إدمان الإنترنت، فيُعرَّف بوصفه الإفراط في استخدام الهاتف الذكيّ، إلى درجةٍ يؤثر فيها على حياة المستخدم اليوميَّة ويُعكِّرها.

أما إدمان الهواتف الذكيَّة فيأخذ عدَّة أشكالٍ، قد تتظاهر بـسماتٍ عديدةٍ: كالتحمُّل (الاعتياد الدائم على الهاتف الذكي)، وأعراض الانسحاب، والانهماك، واضطراب المزاج، والإلحاح، وفقدان السيطرة مشابهةً لأعراض الانقطاع عند المدمنين على المخدرات.

صُنِّف الطلاب الذين بلغت نتيجة تقييمهم 84 (الناتج المتوسِّط) فما فوق كمستخدمين شديدين، بينما صُنّف ما دون الـ 84 كمستخدمٍ خفيف.

كما أجرى الباحثون مجموعة من الاختبارات لتقييم فعاليَّة اليد، واستخدموا لذلك ما يعرف بدليل Duruöz Hand Index (DHI)، وهو عبارة عن اختبار يتألَّف من 18 سؤالاً لتقييم فعالية اليد أثناء ممارسة النشاطات اليوميَّة، بما فيها الحركات التي تتطلب القوةً والدوران، والبراعة والدقة، وأنشطة أخرى تؤثر على مرونة الأصابع الثلاثة الأولى. وكان على المشتركين بالدراسة تقييم صعوبة هذه الأعمال.

ولتقييم قوَّة قبضة اليد، وقوَّة القَرص، استخدم الباحثون جهازاً لقياس حركات اليد وقوَّة القرص بحيث يضغط المشاركون على مقبض الجهاز بأقصى ما يُمكنهم من قوَّة، محافظين على تقلصٍّ أعظميٍّ لقبضة يدهم.

التقييم بالتصوير:

كما لجأ الباحثون أيضاً إلى التصوير بالموجات فوق الصوتيَّة الثنائيَّة الجانب. لإمعان النظر في الصور الطولانيَّة والمحوريَّة لوتر العضلة الطويلة الباسطة للإبهام (FPL)، من جهة الوصول الوحشيَّة للرسغ، أثناء الراحة وأثناء البسط والعطف المُنفعل. وقد صوروا مفاصل الإبهام الثنائيَّة الجانب طوليًّا ومحوريًّا.

وباستخدام معيار التماثليَّة البصريَّة (VAS)، قيَّم المشاركون الألم في اليد المسيطرة (اليمنى في معظم الحالات واليسرى عند الشخص الأعسر) خلال الأسبوع الفائت، أثناء راحة اليد وحركتها.

فوجد الباحثون أن معدَّلات إصابة العصب الناصف كانت أعلى بشكلٍ ملحوظٍ لدى المفرطين في استخدامهم للهواتف الذكيَّة، مقارنةً بمن لا يستخدمونها. كما أظهر التصوير بالأمواج فوق الصوتيَّة ضخامة رباط العضلة الطويلة الباسطة للإبهام في كل المجموعات، إلا أنها كانت ملحوظةً للغاية لدى المُفرطين في استخدام الهواتف الذكيَّة.

وأظهرت الدراسة أن معدَّلات الـ SAS المرتبطة بقوة القرص ومعدلات التماثليَّة البصريَّة المرتبطة بالألم أثناء الحركة، كانت أعلى بشكلٍ ملحوظٍ لدى المستخدمين المفرطين للهواتف الذكيَّة ومن لا يستخدمونها، مقارنةً بالمستخدمين المعتدلين.

فقد ارتفع ألم الإبهام مع ارتفاع علامة مقياس SAS، وقد يكون مردُّ ذلك إلى الاستخدام الزائد للإبهام أثناء استخدام الهواتف، مما قد أثَّرعلى قوَّة القرص لدى المستخدمين المفرطين.

ينبغي على الأطباء توخي الحذر والتأكُّد من إصابة العصب الناصف ووتر العضلة الطويلة الباسطة للإبهام عند فحص يد مستخدم دائم للهواتف الذكيَّة.

أما عن كيفية الوقاية من تلك الأذيّات، فيقترح الباحثون أن استخدام كلتا اليدين، عوضاً عن واحدة، عند استخدام الهاتف المحمول قد يخفِّف من حدَّة الإصابة، كما أن وضع لوحة المفاتيح في أعلى الشاشة قد يساعد كذلك في تقليل المخاطر.

المصدر: هنا