الموسيقا > القوالب الموسيقية

قالب السماعي.

استمع على ساوندكلاود 🎧

هو قالب موسيقي آلي، ويُعتبر الفُرس أول من استخدم هذا الاسم، ثم استخدمه الأتراك والعرب فيما بعد للمدلول نفسه أيضاً.

قدْ يُخيل للقارِئ أو السَامع لهذه اللفظة "السماعي" أن لها علاقةً بالسمع أو الاستماع حسب مدلول اللغة العربية لهذه الكلمة، بينما أنها في الواقع تُطلق اصطلاحاً على صيغة آلية تتفق وصيغة البَشْرَف التي تكلّمنا عنها في المقال السابق هنا

إنّ صيغة ألحان السماعي توزن عادة على إيقاع "السَّماعي الثَقِيْل" ذي العشر نبضات 10\8، ويُؤَلَف هذا القالب على أيّ مقامٍ من المقامات المعْروفة، الأساسية أو الفرعية.

قالبْ السَماعي هو أحدُ القوالِب التي يُمكن أن تُبدأ بها الوصلة المقاميّة، لنفس السبب الذي يُبدأ فيه بالبَشْرَف، ألا وهو تثّبيتُ مقامِ الأغنية أو الوصلة الغنائية في أُذن وعقل المطرب، ومن المُمكن أيضاً أن يُعزف في منتصَف الوصلة كاستراحةٍ للمطرب، وفي وقتنا الحالي أصبحَ يُؤدى كقطعة موسيقية مستقلّة تماماً.

هو قريب جداً لقالب البَشْرَف من حيث الشكل إذ أنّه يتألف من أربع خانات وتسليم، ولكنه قصير المدة مُقارنةً بقالب البَشْرف، لذا قد تُعاد فيه الخانة الواحدة مرتين (عدا التسليم مرة واحدة) ومن الممكن أن يرمز للإعادة إمّا بالتدوين الموسيقي الخاص بالسماعي "النوتة" أو قد تكون ارتجالية من المُؤَدي.

يكون ترتيب الخانات على الشكل التالي :

خانة أولى ثم تسليم

خانة ثانية ثم تسليم

خانة ثالثة ثم تسليم

خانة رابعة ثم تسليم

دعونا قبل الدخول في تفاصيل الخانات أن نتذوق ونلمس السحر في واحدٍ من أجمل السماعيات وهو

"سماعي نهاوند / روحي الخماش"

يؤديه مجموعة من الفنانين المبدعين "فرقة طوَيس" :

فرقة طوَيس الموسيقية أسسها الفنان "عصام رافع" عام 2004 بهدف البحث في جذور الموسيقا العربية والشرقية وعلى الأخص الآلية منها، لسبر أغوارها، وإخراجها بنهاية المطاف بأسلوب جديد ومعاصر.

تتألف الفرقة بصورة أساسية من:

عصام رافع على العود.

فراس شهرستان على القانون.

مسلم رحّال على الناي.

راغب جبيل إيقاع.

حمد نامق على التشيلو.

بادي رافع إيقاع.

في الخانة الأولى والتسليم يُراعى إظهار شخصيّة وطابع المقام المُؤَلف منه السماعيّ، وننوّه أنّ لـِ " التسليم " أهميّةٌ كبيرة في الصِّيغ الآلية مثل البشارف والسماعيات أو ما يماثِلها من المؤلفات، فهو يعتبر العمود الفقري للمعزوفة، ومن أهداف وضعِه بالترتيب المعروف إيجاد التلاؤم والتوافق دائماً بين بدايات الخانات (ماعدا الخانة الأولى) ونهايته، واتّفاق هذه النهاية مع بداية الخانات، وهو بذلك يُعاد أربع مرات خلال تأدية السماعي، و يجب ألا يعاد مرتين أثناء عزفه، فقد يشعر المستمع بالملل أو التكرار.

يعمد المؤلفون دائماً إلى وضع التسليم على أفضل وأكمل وجه، لأنه يمثل الجزء الأهم من المعزوفة، ويشدّ السامع إليه، وعادةً يقوم بعض المؤلفين بصياغة التسليم أولاً، ثم باقي الخانات مع مراعاة ربطها مع التسليم، نظراً لأهمّيته في هذا النوع من المؤلفات.

الخانة الثانية :

ينتقل المُؤَلِّف في هذا الجزء إلى مقامٍ آخر، مُلائم للمقام المُؤَلَف منه السماعي، مع حُسن العودة فيما بعد للمقام الأساسي.

الخانة الثالثة :

هذا الجزء غالباً ما يكون من المناطق الصوتية الحادة (الجواب)، و يمتاز برشاقته وحيوته، وصعوبة تنقلاته الصوتية مقارنةً بالخانتين السابقتين.

الخانة الرابعة :

من أهم النقاط المميزة لهذه الخانة هي تغيير نوع الإيقاع فيها حيث يصبح الوزن سريعاً، ثلاثياً مركباً غالباً مثل إيقاع الفالس، ويكون أداءها سريعاً وصعباً نسبياً، وتظهر فيها مهارات العازف التقنية.

ويجب أن نذكر هنا أنّ وزن السماعي الثقيل بطيء، لدرجة أن كل نوتة "علامة موسيقية" يمكن أن تُعْزَف بضعف قيمتها الزمنية تقريباً، وهذا يخلق تبايناً حَرَكيّاً ملموساً بين الخانات الثلاث الأولى والتسليم مقارنةً مع الخانة الرابعة.

يُسمى السماعي باِسم المقام المُؤلَّف عليه، مصاحباً لاِسم المُؤَلِّف.

مثال: "سماعي بيات / حسّان سكاف".

وعند ذكر هذا السماعي دعونا نستمع له من قِبَل "فرقة

طويس" أيضاً.

هناك نوعٌ من السماعيات ظهر في القرن السابع عشر هو السماعي الدارج، لكن كانت الاستمرارية للنوع الأول الذي ذكرناه سابقاً.

شاع السماعي الدارج في الموسيقى العربيّة ذلك الوقت، وأتت تسميته نسبةً لإيقاع الدارج، وهو إيقاعٌ ذو ثلاث نبضات، وهو أكثر الإيقاعات الثلاثيّة شيوعاً و أُطلق عليه "الدارج" لكثرة انتشاره.

دعونا نستمع لـِ "سماعي بيات دارج" كمثال على هذا النوع من السماعيات.

هذا مجمل ما يمكن ذكره عن قالب السماعي، دون الخوض في تفاصيله العميقة.

---------------------------------------------------------------------

المصادر :

1- كتاب تراثنا الموسيقي / محمود عجان

2- هنا