الفنون البصرية > فن وتراث

الفايكينغ.. أتبادر إلى ذهنك يوماً أنّهم حقيقة؟

الفايكينغ.. أتبادر إلى ذهنك يوماً أنّهم حقيقة؟

الفايكينغ - المعنى الاسكندنافيّ لكلمة "القراصنة" - هم قبائل قادمة من الدنمارك، النرويج، السويد، فنلندا، أيسلندا وجزر فارو.

بعد اكتشاف محطّة طريق للفايكينغ عمرها ألف سنة في جرينلاند، وجدت أدلّةٌ على وجود موقعٍ آخر لهم في نيوفاونلاند.

ففي عام 1960 حفر الباحثان النرويجيان "هيلج" و"آن ستاين" واكتشفا معسكراً للفايكنغ على الطّرف الشّماليّ من نيوفاوندلاند يرجع تاريخه إلى ما بين عامي 989 و 1020، وفيه ثلاث صالات للفايكنغ، فضلاً عن مجموعةٍ متنوّعةٍ من أكواخ النّسيج والحدادة وإصلاح السّفن.

وبدأت فيما بعد عالمة الآثار "باتريسيا ساذرلاند" التّنقيب عن موقع محتمل للفايكينغ على جزيرة بافين. فوجدت بعض المشاحذ (المبارد) المثيرة للغاية وأخاديد سبائك نحاسٍ ومواداً برونزيّةً مصنوعةً من قبل الفايكينغ.

غزل الفايكينغ:

رصدت ساذرلاند قطعتين غير عاديّتين من الحبال استخرجتا من موقع جزيرة بافين من قبل عالم آثارٍ في وقتٍ سابقٍ وخُزّنت لاحقاً في متحف الحضارة الكنديّ في جاتينو، كيبيك. كما وجدت خيوطاً تحمل شبهاً بأوتار حيوانات القطب الشماليّ. نسجها الفايكينغ بخبرةٍ مطابقةٍ لتقنية الغزل الّتي أنتجتها نساء الفايكينغ الذين قطنوا في غرينلاند في القرن دفع ساذرلاند إلى التّنقيب في مزيدٍ من الأعمال الفنّيّة للفايكينغ من جزيرة بافين وغيرها من المواقع. وقد وجدت أكثر من قطعة غزلٍ للفايكينغ فضلاً عن كنزٍ صغيرٍ من عتادهم، من عيدانٍ خشبيّةٍ حصيلة لصفقاتٍ تجاريّةٍ لعشرات من مشاحذهم. فجاءت القطع الأثريّة من أربعة مواقعَ تتراوح من شمال جزيرة بافين إلى شمال لابرادور، على مسافة ألف ميلٍ (1600 كيلومتر). فضلاً عن استكشاف عالم الآثار الأمريكي "مورو ماكسويل" لأجزاءٍ من بناءٍ حجريٍّ وبقايا سدودٍ في عام 1960.

أدلّةٌ منقوشةٌ على البرونز والنّحاس والحديد:

منذ عام 2001 استكشف فريق ساذرلاند وادي Tanfield وحفر بحرصٍ الأجزاء الباقية تحت الأنقاض. واكتشفوا عدداً كبيراً من الأدلّة التي تشير إلى وجود البحّارة الفايكينغ: أجزاء جلود جرذانٍ في العالم القديم؛ معولٌ لعظمة حوت مماثلٌ لذاك المستخدم لقطع العشب من قبل المستوطنين الفايكينغ في جرينلاند؛ حجارةٌ كبيرةٌ قُطِعت وصِيغت من قبل شخصٍ على درايةٍ بحجر البناء الأوروبيّ، وغزلهم ومشاحذهم، أضف إلى ذلك أطلالاً حجريةً تحمل شبهاً واضحاً لبعض مباني الفايكينغ في جرينلاند.

بحثاً عن أدلّةٍ أخرى للمساعدة في حلّ اللّغز، تحوّلت ساذرلاند إلى هيئة المسح الجيولوجي بكندا. وباستخدام تقنيّةٍ تُعرَف باسم التّحليل الطّيفيّ لطاقة التّشتّت، حيث كشفوا عن شرائط مجهريّة من البرونز والنّحاس، وصهرٍ للحديد كأدلة واضحة للتعدين الأوروبي.

شبكة تجارةٍ اسكندنافية - أمريكية:

وتروي ملحمةٌ شعبيّةٌ ايسلنديّة إبحار زعيم الفايكينغ "ليف اريكسون" غرباً من غرينلاند الاسكندنافيّة سعياً وراء ثروته. ممّا دفع ساذرلاند للتّكهّن إلى أنّ الملاحين الفايكينغ سافروا إلى القطب الشّماليّ الكنديّ للبحث عن موارد قيّمة. في شمال أوروبا في ذلك الوقت، خزّن نبلاء العصور الوسطى والصيادون المنتجات الثّمينة كعاج فيل البحر، الفراء الناعمة ومقتنيات أخرى. فما كان من التّجّار الفايكينغ إلّا أن طرحوا عروض مقايضةٍ لهذه البضائع، فقايضوا بالحديد وقطع الخشب المنحوتة كتماثيل وغيرها من السّلع.

ممّا يبدو من الاستكشافات السّابقة أنّ كرتون "الفايكينغ" التلفزيونيّ الذي تابعناه في صغرنا لم يكن ضرباً من الخيال، إنّما جسّد أُناساً حقيقيّين مكثوا على متن كوكبنا.. الأرض.

ترجمة: آلاء الصيدلي

تدقيق: عامر صالح

تصميم الصورة" دانيا الخلف

المصدر: هنا