الطبيعة والعلوم البيئية > زراعة

لا للمبيدات وأهلاً بالفراشات

سعى باحثون من جامعة واشنطن بالتعاون مع أنظمة إدارة الآفات المستدامة الى دراسة إمكانية الإستعاضة عن هذه المبيدات الحشرية بحشرات "مفيدة" تساعد في القضاء على الحشرات "الضارة" وذلك في ظل السعي المستمر الحاصل في الفترة الأخيرة للحد من استخدام المبيدات الحشرية أثناء العمليات الزراعية واتجاه معظم الناس للمنتجات العضوية ورفضهم لوجود المبيدات الحشرية في غذائهم وقد عمل الباحثون على تحسين المواطن البيئية الطبيعية، التي تم خسارة عدد كبير منها على مر السنين بهدف استعادة وجذب هذه الحشرات الجيدة، إلا أنهم لاحظوا امراً غير متوقع وهو زيادة في عدد الفراشات.

كتب أستاذ مشارك في جامعة ولاية ميشغان من قسم الحشرات ورقة قال فيها "إن الهدف من عودة المواطن البيئية المحسنة لم يكن زيادة عدد الفراشات، بل الحد من استخدام المبيدات الحشرية بناءً على رغبة المزارعين."

تم زراعة شُجيرات ميرمية محلية داخل وحول كروم العنب الخاصة بالمزارعين وذلك للمساعدة في مكافحة الآفات، حيث أن تأثير هذه النباتات المحلية مثل تأثير شُجيرات الحنطة السوداء الصحراوية، كلاهما يعمل على جذب الحشرات "الجيدة" مثل الدبابير الطفيلية والتي تتغذى بدورها على الحشرات الدقيقة وغيرها من الحشرات " الضارة " التي يمكن أن تكون ضارة لكروم العنب وكفائدة جانبية شهدت هذه الكروم عودة حشرات أخرى مثل الفراشات، التي كانت قد انخفضت نسبتها عندما تم إزالة المواطن الطبيعية، فعلى مر السنين تم خسارة عدد كبير من المواطن البيئية الطبيعية الأمر الذي أدى إلى انحدار ملحوظ في أعداد الفراشات، على سبيل المثال أصبح عدد الفراشات المتواجدة في شرق واشنطن نحو 50 نوع فقط.

في دراسة حديثة أجرتها جامعة ولاية واشنطن نُشرت في مجلة حفظ الحشرات، وجد الباحثون أن كروم العنب التي تتواجد بالقرب من المواطن الطبيعية لديها ثلاثة أضعاف من أنواع الفراشات وأعداد أكثر بأربع مرات مقارنة بكروم العنب العادية وسجل الباحثون وجود 29 نوع منفصل من الفراشات في كروم العنب "المحسّنة" الموطن مقارنة مع تسعة أنواع في الكروم التقليدية، أما حيث الأرقام الأولية فأنها تُحسب بمتوسط 20 فراشة في المواطن المحسّنة مقابل 5 في المناطق العادية.

يضيف الأستاذ المشارك: "إن عملية حفظ الفراشات الآن اصبحت عملية صعبة ذلك لأن كل الأنواع أخذه في الإنحدار بسبب إزالة المساكن الطبيعية لأغراض وعمليات زراعية، هذه الطريقة تعتبر كرد جميل بحيث تُبين أنه يمكن للقطاع الزراعي أن ينمو جنبا إلى جنب مع البيئية الطبيعية ويساعد في الحفاظ عليها وحمايتها.

إن هذه الطريقة في الحفظ قد تكون حصرية لواشنطن، حيث أن كروم العنب المتواجدة في ولاية واشنطن قد واجهت عدد أقل من الآفات واستُخدم عليها كميّة اقل من المواد الكيميائية مقارنة مع كروم العنب المتواجدة في ولاية كاليفورنيا مثلاً.

لماذا الفراشات ؟؟

إن الزيادة في أعداد الفراشات ليس له فائدة مباشرة على كروم العنب، حيث أن الفراشات لا تأكل أي أفات وليس لها أي مصلحة اقتصادية مباشرة، لكنها تعيش بشكل طبيعي على النباتات المحلية سواء كيرقات او كفراشات كبيرة. وتمتلك هذه الفراشات الشكل الجمالي الهائل المحبب للناس، كما تُعتبر مُلقحات مهمّة وتُشكل جزءاً هاماً من النظام الإيكولوجي الصحي.

ويقول الأستاذ المشارك: "إن صناعة كروم العنب هي زراعة غير اعتيادية، ذلك لأن العديد من مالكي كروم العنب ومصانع النبيذ يقومون بدعوة الناس إلى داخل ممتلكاتهم للاستمتاع بمنتجاتهم ووجود فراشات جميلة طائرة يُعتبر عامل جذب للزوار وجزءاً من الجولة السياحية، ففي ظل إقبال معظم الناس على المنتجات العضوية ورفضهم لوجود المبيدات الحشرية في غذائهم، يأتي وجود هذه الفراشات في تلك الكروم خير مثال على ابتعاد المزارع عن استخدام المواد الكيماويّة، بالإضافة إلى أن رؤية فراشات تُحلق حول كروم العنب له تأثير جمالي وتجاري عظيم وجذاب".

كما يضيف: "إن الحصول على وظيفة تعتمد على دراسة الفراشات حالة نادرة جدا، فعندما بدأتُ مسيرتي لم تكن الفراشات تحت التهديد حتى، فقد كتبتُ أُطروحتي عن فراشة الملك منذ 30 عام، لكن الآن جمعي بين عمل إدارة الآفات وبين الحشرات هو أمر ملفت للنظر، أعتقد أن هذه الفراشات سوف تستمر بالنمو فقط عندما نستمر برؤية منافع إدارة الآفات الطبيعية في جميع أنحاء العالم.

إن عملية المحافظة على الطبيعة والعمليات الزراعية سوف يكون لها ارتباط قريب في المستقبل وصانعوا النبيذ في واشنطن هم من رواد هذه الحركة".

المصدر:

هنا