المعلوماتية > اتصالات وشبكات

صوت الاتصال بالإنترنت عن طريق الهاتف (Dial-Up)

من بين الكثير من الأصوات التي لن يفهمها أولادنا، وأقرب هذه الأصوات إلى قلوبنا هو ليس أغنيةً، بل هو ذاك الصوت الغريب الذي كان يسمعه كلّ من كان يتصل بشبكة الإنترنت عن طريق الهاتف:

Pshhhkkkkkkrrrrkakingkakingkakingtshchchchchchchchcch*ding*ding*ding

يُدعى هذا الصوت عادةً بالمصافحة handshake، ويمثّل بداية المحادثة الهاتفية بين جهازي مودم (المودم هو جهاز يقوم بتنظيم الإشارات لترميز المعلومات الرقمية، كما يقوم بالعملية المعاكسة عند وصول هذه المعطيات المرمّزة إلى وجهتها للحصول على المعلومات الأصلية). فأجهزة المودم كانت تحاول إيجاد لغةٍ مشتركةٍ وتحديد نقاط الضعف في القناة الهاتفية المخصّصة أساساً للكلام البشري.

"مرحباً... هل من يقوم بالاتصال هو مودم؟"

أول ما نسمعه هي رنّة الاتصال ذاتها التي نسمعها عند رفع سمّاعة الهاتف لإجراء مكالمةٍ ما، وهنا يعرف المودم أنه متّصلٌ بخطٍّ هاتفي وأنه يستطيع طلب رقمٍ ما. يشيرهذا الرقم إلى الشبكة باستخدام إشاراتٍ ثنائية النغمة ومتعدّدة الترددات Dual-Tone Multi-Frequency signaling) DTMF)، وهو الصوت نفسه الذي يصدره الهاتف عند إجراء المكالمات.

يجيب المودم البعيد بنغمة مميّزة يستطيع المودم المتّصل الخاص بنا التعرّف عليها، ويستطيعان بعدها تبادل دفعاتٍ تسلسلية قصيرة من المعطيات الثنائية لتقييم البروتوكول المناسب للاستخدام، وهذا ما يدعى بمناقلة V.8 bis.

قمع الصدى:

يتوجب على جهازي المودم في هذه المرحلة أن يحلّا مشكلة قمع الصدى. عندما يتكلّم شخصان عبر الهاتف فعادةً ما يتكلّم أحدهما فقط بينما يكون الطرف الآخر منصتاً، وتستغّل شبكة الهاتف هذه الحقيقة وتقوم مؤقّتاً بإسكات قناة العودة لمنع أي صدى قد ينجم عن صوت المتحدث. ولكن أجهزة المودم لا تحب القيام بذلك لأنها ترغب في امتلاك القدرة على التكلّم متى أرادت، ولذلك يقوم المودم المجيب بوضع نغمة إجابةٍ خاصة لتعطيل دارات قمع الصدى على خط الاتصال. كما تملك هذه النغمة أيضاً «فرقعاتٍ» دوريّة (مناقلة ذات طور 180°) لإلغاء نوعٍ آخر من الدارات وتدعى دارات إلغاء الصدى.

إيجاد تعديل مناسب:

يقوم جهازا المودم بعد ذلك بتعداد أشكال التعديل التي يدعمها كلُّ منهما ومحاولة إيجاد شكلٍ يعرفه كلا الطرفين. كما تقوم هذه الأجهزة بفحص خط الاتصال عن طريق نغمات اختبار وذلك لمعرفة استجابة الخط للنغمات ذات التردّدات المختلفة، ومقدار إضعافه للإشارة. يقوم الجهازان بعد ذلك بتبادل نتائج الاختبار بينهما واتخاذ قرارٍ حول السرعة المناسبة لخط الاتصال.

نهاية الأحاديث القصيرة:

يتوجّه جهازا المودم إلى المعطيات المجمّعة لوضعها ضمن صيغٍ خاصةٍ قبل بدء عملية النقل وذلك لتوزيع طاقة هذه المعطيات ولضمان عدم وجود أنماطٍ دون المستوى الأمثل للنقل. يقوم جهازا المودم بالاستماع لبعضهما وهما يرسلان سلسلةً من الـوَاحدات الثنائية (binary 1's)، وبضبط معادلاتهما لضمان الشكل الأمثل للإشارة الواردة.

وبعد القليل من الوقت، سيصمت مكبّر الصوت الخاص بالمودم ليصبح بالإمكان وضع المعطيات ضمن الاتصال.

ولكن لماذا كان كلّ ماسبق مسموعاً؟

استخدمت أجهزة المودم الأولى مستقبل الهاتف كما كان يفعل الإنسان وذلك عن طريق التحدّث عبر سماعة الهاتف، ولكن الأجهزة الأحدث تطوّرت بحيث أصبحت قادرةً على الاتصال المباشر بخط الهاتف، ولكنها استمرت بإيصال صوت عملية المصافحة إلى المستخدم، وكلّ ماكان عليك فعله لإسكات هذا الصوت هو إرسال الأمر ATM0 إلى الخط التسلسلي قبل بدء الاتصال، ومع ذلك فإن الاستماع إلى الصوت طوال الوقت كان مفيداً لإعلام المستخدم بحصول خطأ ما أو انقطاع الاتصال.

وبما أن أجهزة المودم استخدمت خطوط الهاتف المصمّمة للصوت لنقل المعطيات فقد وجب أن تكون وسيلة الاتصال ضمن مجال السمع الصوتي، وإلّا لتعذّر نقل المعطيات عبر هذه الخطوط.

تحمل خطوط الهاتف مجالاً صغيراً فقط من التردّدات مابين 300 و3300 هرتز، وقد تحدّث الصحفي التقني غلين فليشمان Glenn Fleishman عن ذلك في صحيفة التايمز في العام 1998 وقال: " يعمل المودم ضمن هذه الحدود على تشكيل أمواجٍ صوتية تحمل المعطيات عبر خطوط الهاتف"، فما كنّا نسمعه هو انتقال التكنولوجيا الرقمية للقرن العشرين عبر شبكة القرن التاسع عشر التماثلية.

تمثّل تردّدات أصوات المودم متحولاتٍ لمزيد من التواصل، فالمودم الذي كان يحاول القيام باتصالٍ ما سوف يعزف نغمةً تقول "أستطيع الذهاب بهذه السرعة"، وكما شرح أحد المواقع الإلكترونية القديمة في العام 1997 فإن هذه النغمة ستختلف اعتماداً على السرعة التي يستعملها المودم للقيام بالاتصال.

فهذه الأصوات لم تكن دلالةً على انتقال المعطيات عبر الشبكة، بل كانت تمثّل المعطيات المنتقلة بحدّ ذاتها. وأمّا الآن فإنّ كل ماسبق لم يعد ضرورياً بسبب قدرة أنظمة الهاتف الحالية على نقل الصوت والمعطيات في الوقت ذاته (DSL).

------------------------------------------------------

وفي حال اشتقت تسمع الصوت...

هنا

المصادر:

هنا

هنا