الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية

التكنولوجيا تعد بعلاج جديد لمرضى باركنسون

يعاني مرضى باركنسون من مشاكل الرعاش إلى جانب مشاكلهم الأخرى مما يسبب لهم صعوبة التحكم بالعضلات وبالتالي صعوبات التحرك والتحدث، وتعمل التكنولوجيا على إيجاد حل لهذه المشكلات عن طريق المحفزات الكهربائية.

يعلم الأطباء أن تمرير المحفزات الكهربائية العميقة للدماغ يعمل كعلاج لمرض الشَّلَل الرَّعَّاش مرض باركنسون- وهو مرض عصبي يتميز بالارتعاش وفقدان التحكم في العضلات (مما يخلق صعوبة عند التحدث والتحرك)- لكنهم مازالوا يحاولون معرفة لماذا وكيف !

تسلط دراسة جديدة بعض الضوء على تقنية العمل وآليته، وتوضح أن التحفيز الكهربائي العميق للدماغ يعطل بعض أنماط النشاط المتزامن المفرط في دماغ المريض.

حيث يرسل جهاز مزروع في الجسم اهتزازات صغيرة من الكهرباء خلال الخلايا العصبية، والتي تعمل إلى حد ما مثل جهاز تنظيم ضربات القلب ولكن للدماغ. تم قبول هذه التقنية على نطاق واسع كعلاج لمرض باركنسون واضطرابات الحركة الأخرى وقد أجرى أكثر من 100 ألف مريض عملية زراعة للجهاز لتساعد بالسيطرة على الرعاش، التصلب والأعراض الحركية الأخرى.

استخدم الباحثون في السنوات الأخيرة التحفيز الكهربائي العميق للدماغ كعلاج تجريبي للأمراض العقلية والنفسية مثل الاكتئاب. ولكن النتائج كانت منوعة،ففي حين تظهر بعض النتائج بصورة مبهرة تفشل نتائج أخرى ويحاول العلماء فهم السبب وراء هذا الاختلاف، وتعد الدراسات حول مرض باركنسون باباً لفهم كيفية عمل الدماغ وقد تقود لأنظمة جديدة للتحفيز العميق للدماغ.

وكانت دراسة نشاط الدماغ لمرضى الشلل الرعاشي وهم على طاولة العمليات من أحدث الدراسات في هذا المجال، وذلك مع وجود أنظمة DBS (التحفيز الكهربائي العميق للدماغ) المزروعة في عمق الأنسجة العصبية للمرضى، وأثناء فترة العملية الجراحية التي تجرى والمرضى مستيقظين،حيث يضع الجراحون شريط من الأقطاب الكهربائية (الالكترودات) على سطح دماغ كل مريض لتسجيل النشاط في القشرة الحركية. ومن خلال تفعيل وإيقاف نظام DBS تمكن الباحثون دراسة تأثير التحفيز على النشاط العصبي هناك ،حيث تُسجل الأقطاب هذا النشاط على شكل موجات دماغية (تذبذبات من الترددات المنتظمة التي تمثل الملايين من الخلايا العصبية التي تعمل بانسجام).

- أجزاء هذه التقنية وآلية عملها وتوصيلها:

1- تتم زراعة قطب كهربائي بالغ الدقة -الالكترود- داخل دماغ المريض بمساعدة تدخل جراحي حيث أن الالكترود المستخدم معزول ومغروز بعمق 1.5 مم داخل دماغ المريض ليوصل التحفيز الكهربائي للأماكن المطلوبة بالدماغ.

2- الوصلات (Extension): وهي عبارة عن أسلاك معزولة تستخدم لربط الالكترودات بجهاز التنبيه العصبي.

3- جهاز التنبيه العصبي (Neurostimulator): هو جهاز مشابه لجهاز تنظيم ضربات القلب يحتوي على بطارية داخلية ودائرة كهربائية لتوليد إشارات تنبيه كهربائية ترسل عبر الأسلاك إلى الدماغ، ويستطيع الطبيب تعديل وبرمجة جهاز التنبيه العصبي

فيديو يوضح أجزاء الجهاز وآليه عمله:

- كيف يختلف عمل دماغ مرضى باركنسون عن الشخص الطبيعي:

كان الباحثون قد اكتشفوا في وقت سابق أن الأشخاص الذين يعانون من مرض باركنسون لديهم كمية غير طبيعية من التزامن بين موجات بيتا ذات التردد المنخفض وموجات غاما عالية التردد، بحيث أن طور موجات بيتا ترتبط مع سعة (مطال) موجات غاما. وأكد الباحثون أن DBS يقلل هذا التزامن.

يقول الباحثون إن الـ PAC (تزامن طور موجات بيتا مع سعة موجات غاما) هو سمة طبيعية في الدماغ السليم. ولكن الدرجة الكبيرة (المفرطة) في هذا التزامن هي التي تسبب الخطورة في عقول مرضى باركنسون.

يبدأ وجود PAC في الدماغ السليم عندما يكون الإنسان بحالة سكون، وتنخفض بشده عندما يريد بدء الحركة PAC.

حيث تخرج بعض الخلايا العصبية من حالة التزامن لتشترك في مهمة عصبية جديدة، بينما في حالة أدمغة مرضى باركنسون لا يمكنها ذلك نتيجة لفرط اقترانها وتزامنها مع الخلايا الأخرى مما يسبب صعوبة في الحركة (البطء والصلابة)

لاحظ الباحثون أنه من المرجح وجود تتطابق وتشابه في التزامن بين أدمغة المرضى الذين يعانون من الاكتئاب وأدمغة مرضى باركنسون، وهذا ما يفسر استجابة بعض مرضى الاكتئاب لتقنية DBS، ففي أدمغة مرضى باركنسون يصعب على القِشْرَةُ المُحَرِّكَة تغيير نمطها لتبقى عالقةً في نمط غير مرن يُصعّب الحركة، وكذلك هو الحال بالنسبة لأدمغة مرضى الاكتئاب حيث تبقى أدمغتهم في حالة ونمط غير متغير مما يمنعهم من التفكير بشكل مختلف.

- أهمية دراسة مرض باكنسون:

لا تقتصر الأبحاث حول مرض باركنسون على إضافة المعلومات إلى مخزوننا من المعرفة حول عمل الدماغ، لكنها أيضاً تعد مفتاح الطريق إلى الجيل القادم من الأجهزة DBS. ويعمل خبراء في العديد من الاضطرابات العصبية (بما في ذلك الصرع والألم المزمن) على أنظمة وتقنيات مختلقة حيث يتم تسجيل الإشارات الصادرة من الجسم بواسطة الأجهزة المزروعة، ليتم تنظيم التحفيز المرسل وفقا لحاجة المريض.

تم تصنيع أول جهاز قابل للزرع حيث يقوم بتسجيل إشارات الدماغ وإرسال التحفيز الكهربائي العميق للدماغ على حد سواء، وبعد إجراء الدراسات الأولية انتقل الباحثون الآن إلى أولى التجارب على الإنسان. حيث قام أشخاص عدة من الذين يعانون مرض باركنسون بزراعة جهاز ميدترونيك على أمل أن يبصر الجهاز الضوء.

فيديو يوضح تأثير استخدام الجهاز على المرضى:

هل سنأمل أن تقود هذه التقنية لعلاج دائم لمرضى باكنسون أم أن التقنيات الحديثة ستكشف لنا النقاب عن أجهزة جديدة قد تكون أقل إيّلاماً وأكثر راحة للمريض وإلى أي مدى سيرغب المرضى بتجربة هذه التقنية والقيام بعمل جراحي لتركيبها داخل أجسامهم؟؟

#تكنولوجيا_طبية #باركنسون #DBS #التحفيز_العميق_للدماغ

المصادر:

هنا