التاريخ وعلم الآثار > التاريخ

الميثولوجيا الإغريقية .. أمجاد اليونان و ملاحم الآلهة ... الجزء الخامس

وصلنا معكم إلى الأسبوع الأخير من سلسلة المثيولوجيا الإغريقية، سنحاول أن نختتم هذه السلسلة الرائعة بمعلومات وتحليلات استنتاجية عن كل ما قدمناه في الأجزاء السابقة حول ما يتعلق بشخصيات الآلهة والأبطال، في هذا الجزء سنقدم لكم نظرة الباحثين للسياق التاريخي لهذا الجانب المميز من تاريخ الإغريق، نتمنى لكم قراءة ممتعة.

ولمن فاتته الأجزاء الأربعة الأولى:

الجزء الأول:

هنا

الجزء الثاني:

هنا

الجزء الثالث:

هنا

الجزء الرابع:

هنا

- التوفيق بين الميثولوجيا اليونانية والرومانية:

في الميثولوجيا الرومانية، جُمعت عبادة أبولو مع عبادة سول إنفكتوس. وكانت عبادة الشمس كحامية للإمبراطورية الديانة الرئيسية للإمبراطورية حتى حلت محلها المسيحية.

في أيام روما القديمة، ولدت ميثولوجيا رومانية جديدة من خلال شبه نقل للميثولوجيا الإغريقية مع تغيير للأسماء. هذا نتيجة لصغر الميثولوجيا الخاصة بهم، مما أدى إلى تبني الآلهة الرومانية الكبرى خصائص ما يوازيها من الآلهة الإغريقية . مثال على ذلك : الإلهان زيوس وجوبيتر . إضافة إلى التوفيق بين هاتين الديانتين، أدى اتصال الرومان بالديانات الشرقية إلى مزيد من التوفيق . مثلاً ، دخلت عبادة الشمس إلى روما بعد حملات أورليان الناجحة في سوريا . دمجت الآلهة الآسيوية الميثرانية (الشمس) وبعل مع أبولو وهليوس في سول إنفكتوس، مع طقوس وسمات الديانات المختلفة مجتمعة معاً. قد يتم تعريف أبولو أحياناً على أنه هليوس أو ديونيسوس ، لكن نادراً ما عكست النصوص الميثولوجية هذه التغيرات. فكانت الميثولوجيا الأدبية تزداد انفصالاً عن الممارسات الدينية الأساسية.

ألهمت نظريات العقلانية والتوفيق بين الأديان الترانيم الأورفكرية والساتورناليا لماكروبيوس . كانت الترانيم الأورفكرية مجموعة من القصائد من ما قبل الحقبة الكلاسيكية تعزى إلى أورفيوس. ألف هذه الترانيم عدة شعراء في الغالب، وتحوي مجموعة من الأدلة على الميثولوجيا في أوروبا قبل التاريخية . كان الغرض من ساتورناليا نقل الحضارة الهلنستية المستمدة من قراءته ، مع أن معالجته للآلهة مستلهمة من الميثولوجيا والإلهيات المصرية والشمال إفريقية.

- التحليل النفسي للأساطير و مقارنة المعتقدات:

تطورت المقارنات بين الأديان في القرن التاسع عشر ، جنباً إلى جنب مع الاكتشافات الإثنولوجية في القرن العشرين ، مما أدى إلى تأسيس علم الميثولوجيا . منذ عهد الرومان ، كانت كل دراسات الميثولوجيا هي عن مقارناتها، فسخر العلماء منهج المقارنات لجمع وتصنيف موضوعات الفولكلور والميثولوجيا . في 1871، أصدر إدوارد بيرنت تايلور كتابه الثقافة البدائية ، حيث طبق منهج المقارنة وحاول أن يفسر أصل وتطور الدين. فجمع تايلور ثقافات وطقوس وأساطير من حضارات منفصلة عن بعضها ، مما ألهم كل من كارل يونج وجوزيف كامبل. طبق ماكس مولر علم مقارنة الميثولوجيا على دراستها ، حيث اكتشف بقايا مشوهة من عبادة الآريون للطبيعة . أكد برونسيلاف مالينوفسكي على الطرق التي لبت فيها الميثولوجيا الوظائف الاجتماعية المشتركة . قارن كلود ليفي ستروس وبنيويون آخرون أنماط والعلاقات الرسمية بين الميثولوجيات حول العالم.

قدم سيغموند فرويد تصوراً تاريخياً و بيولوجياً للرجل والميثولوجيا كونها تعبير عن أفكار مكبوتة. من خلال القصص الميثولوجية مثل أوديب ، وضع فرويد مفاهيم مبتكرة عن العقل البشري، واضعاً نظريات مختلفة مثل عقدة أوديب، وفكرة العقل الباطن. ساهم هذا في التقارب بين النهج البنيوية والتحليلية النفسية للميثولوجيا في فكر فرويد . وسع كارل يونج النهج التاريخية والنفسية بنظرية العقل الباطن الجماعي والأمثلة (التي ورثت أنماط العصر القديم) المشفرة في كثير من الأحيان في الميثولوجيا، التي نشأت منها.

وفقاً ليونج، على العناصر التي تبني الميثولوجيا أن تكون حاضرة في العقل الباطني . بعد المقارنة بين منهجية يونج ونظرية جوزيف كامبل ، استخلص روبرت سيغال أن "لتفسير ميثولوجيا، يعرف كامبل الأمثلة فيها بكل بساطة. على سبيل المثال ، تفسير الأوديسة ، يري كيفية تحول حياة أوديسيوس إلى نمط بطولي.

- التفسيرات الحديثة:

يعد ماكس مولر كواحد من مؤسسي مقارنة الديانات ، الذي حلل التشابه "المثير للقلق" لميثولوجيات "الأعراق المتوحشة" التي تحدث عنها أوائل الأوروبيين.

يعتبر بعض الباحثين بداية الفهم للميثولوجيا الإغريقية ردة فعل في نهاية القرن الثامن عشر على "الموقف العدائي المسيحي" ، الذي اعتبر الميثولوجيا "كذب" أو "حكاية رمزية". في ألمانيا وبحلول عام 1795، ازداد الاهتمام بهوميروس وبالميثولوجيا الإغريقية بشكل عام . في جوتنجن ، بدأ يوهان ماتثياس جيزنير بإعادة إحياء الدراسات الإغريقية ، بينما عمل كريستيان غوتلوب هايني مع يوهان يواكيم وينكلمان، ووضع أسس الأبحاث الميثولوجية في ألمانيا وغيرها.

وختاماً: لا يمكننا الا أن نقف في ذهول أمام هذا فكر هذا الشعب الذي ما أسس الكثير من الفنون المسرحية و الدرامية التي نتابعها اليوم و الذي حبك كل هذه لملاحم و القصص في تاريخه و في أفكاره الباطنية لينتج قاعدة فكرية بنيت عليها تقريباً كل اوروبا الحديثة ..

لقد خلد الإغريق أنفسهم من خلال فلاسفتهم و أدبائهم و علمائهم الى آلاف السنين القادمة في التماثيل و في السطور و في الفنون الحديثة و في قلوب كل قارئ للتاريخ في العالم .

فهرس الصور :

تمثال زيوس كبير آلهة الإغريق

بوسايدون كبير آلهة البحار

هرقل ( هيراكليس ) يصارع الأسد أثناء خوضه في مهماته البطولية

مشهد يمثل حصار طروادة و الحرب التي تلت الحصار

العملة الطروادية

المصادر:

سليمان، مظهر (2000) أساطير من الغرب. القاهرة: دار الشروق.

سلامة، أمين (1988) الأساطير الرومانية و اليونانية. القاهرة: مؤسسة العروبة للطباع.

زياد، سلهب . رحاب ابو عباس (1998) آثار العصور الكلاسيكية الإغريقية. دمشق: جامعة دمشق.

صليبا، جميل (1994) المعجم الفلسفي. بيروت، القاهرة: دار الكتب اللبناني، دار الكتاب المصري. ج2

كوليت، استييه . عودة، زياد (1989) اسطورة أوديب. دمشق: الهيئة العامة السورية للكتاب.

زكريا، فؤاد (1968) أفلاطون: الجمهورية. بيروت: دار الكتاب العربي للطباعة والنشر.