الفيزياء والفلك > علم الفلك

سلسلة مراحل حياة النجوم. 5- نهاية حياة النجوم.

كما رأينا في المقال السابق هنا فإن النجوم تتحول في مراحلها الأخيرة إلى عمالقة، إما زرقاء أو حمراء، فماذا بعد ذلك ؟ يلي ذلك دخول النجم في مرحلة الأقزام، كالأقزام البيضاء.

عند دخول النجم في هذه المرحلة من حياته، تتوقف التفاعلات النووية بداخله، و عندها يقوم النجم بإلقاء معظم مواده خارجاً ما يؤدي إلى نشوء سديم كوكبي حول القزم الأبيض. يستمر النجم بالتخلي عن مواده حتى تبقى نواة النجم لوحدها، و بالتالي تصبح حرارة النواة هي الحرارة السطحية للنجم، وبما أن حرارة النواة تكون عادة أكبر من حرارة السطح الخارجي، فإن حرارة السطح الخارجي للقزم الأبيض تكون مرتفعة جداً، قد تصل إلى مايقارب 100،000 كلفن (99726 درجة مئوية). تنخفض حرارة القزم الأبيض بعد مرور ملايين السنين.

تتنوع أحجام الأقزام البيضاء و غالباً ما تكون أكبر أو أصغر قليلاً من حجم الكرة الأرضية، لكنها تتمتع بكثافة عالية، فهي على عكس النجوم الأخرى، تزداد كتلتها بنقصان نصف قطرها، أي ان كثافتها بازدياد دائم. أحد الأمثلة على ذلك، القزم الأبيض Sirius B، والذي اكتشف لأول مرة في عام 1915، يتمتع القزم بنصف قطر أصغر من نصف قطر الأرض، إلا أن كتلته تساوي كتلة الشمس، و هذا يعني أن كثافته عالية جداً، ما يقارب أربعمئة ألف ضعف كثافة الأرض ( تبلغ كثافة الأرض 5400 كغ لكل متر مكعب).

لا تمتلك الأقزام البيضاء ضغطاً داخلياً، بسبب توقف التفاعلات في نواتها، لذا تبدأ نواة النجم بالتصرف كأنها نقطة جذب، فتقوم بجذب ما تبقى من النجم نحو المركز، بما في ذلك الإلكترونات، وكما نعلم فإن لكل إلكترون في أية ذرة أربعة أرقام كمية، تلك الأرقام هي العدد الكمي الرئيسي والعدد الكمي المغناطيسي والعدد الكمي الفرعي وعزم اللف الذاتي(السبين Spin). وفقا لمبدأ الاستبعاد لباولي لا يمكن أن تتماثل الأرقام الكمية الأربعة جميعها لإلكترونين في ذرة واحدة، فلو كان لدى إلكترونين السبين ذاته والعدد المغناطيسي ذاته، فإنهما يتجهان أثناء الانجذاب نحو المركز، أي نحو سوية طاقية واحدة، وبالتالي ستتساوى الأعداد الأربعة، وهذا مخالف لقوانين الفيزياء، و عند حدوث ذلك يتشكل ما يُعرف باسم "الغاز المتحلل" الذي يخضع لقوانين الكم (أي عدم إمكانية تواجد الإلكترونين في سويةٍ طاقيةٍ واحدة) ما يؤدي إلى نشوء ضغط، فتتنافر الذرات من جديد مقاومةً قوى الجذب نحو المركز، وبهذا ينجو النجم.

إن تزايد قوة الجذب، يؤدي إلى زيادة كثافة القزم، أي تقارب الإلكترونات أكثر، وبالتالي ازدياد قوة الضغط، حتى يصل إلى حد لا تستطيع بعده الإلكترونات مواصلة التقارب، يعرف هذا الحد باسم حد شاندراسكر "Chandrasekhar limit" ، وهو يعادل 1،4 من كتلة الشمس، لذا لا وجود لقزم تتعدى كتلته الرقم المذكور آنفاً.

ذكرنا أن للأقزام كثافة عالية، وبالتالي تكون قوى الجاذبية على سطحها كبيرة جداً، ما يقارب 100،000 ضعف الجاذبية على سطح الأرض، لذا فإن الجذب المطبق على الذرات الثقيلة يكون كبيراً ما يسبب وجودها قريبة من السطح، و ترتفع بالمقابل الذرات الأخف في جو النجم، كالهيليوم أو الهيدروجين، لذا نجد أن بعض الأٌقزام يتكون جوها من الهيليوم أو الهيدروجين فقط.

- موت النجم

يحدث أحيانا اشتعال بسيط بين ذرات الهيدروجين في نوى النجوم أو حتى الأقزام البيضاء ، مما يؤدي إلى استعار النجم في انفجار يُعرف باسم المستعر ( Nova ). يشع النجم أثناء هذا الاستعار كمية هائلة من الطاقة، ما يؤدي إلى زيادة لمعانه بمئات أو آلاف المرات لفترة زمنية قصيرة. و لكن هل هناك نوع آخر للاستعار ؟

نعم، النوع الآخر للاستعار يُدعى باسم المستعر الأعظم أو السوبرنوفا ( Supernova )، إن حدوث المستعر الأعظم يعني نهاية حياة القزم الأبيض. يحدث الاستعار بإحدى طريقتين، أولهما كما ذكرنا مسبقاً، نتيجة تقارب الإلكترونات من بعضها جداً في المركز، ينشأ بينها ضغط يقاوم قوة الجاذبية، ولكن إذا كان ذلك الضغط لا يكفي للتغلب على قوى الجذب، فإن الإلكترونات والمواد سوف تستمر بالتهاوي نحو المركز، ما يؤدي إلى زيادة الكتلة بشكل هائل لا يمكن للنجم تحمله، فينهي النجم حياته بانفجار كبير هو المستعر الأعظم.

أما الطريقة الثانية تحدث عندما يكون القزم الأبيض في منظومة ثنائية، وكما ذكرنا فإن قوى الجاذبية في الأقزام البيضاء كبيرة جداً لدرجة أنها تقوم بجذب المواد من النجم المرافق باتجاه القزم الأبيض، مواد كالهيليوم والهيدروجين أو ما قد يحويه النجم المرافق، و عند استمرار ذلك الجذب، تزداد كتله القزم إلى حد كبير، ومع ازدياد كتلته تزداد قوى الجاذبية، حتى تصل إلى حد لا يمكن للنجم أن يقاومه، فيستعر النجم استعاراً أعظمياً معلناً نهاية حياته.

هنالك حد يجب على القزم تجاوزه لحدوث الاستعار، ألا و هو حد "شاندراسكر" آنف الذكر، يستعر النجم بعد تجاوزه مؤديا لظهور أجرام أخرى سنتحدث عنها في مقالنا التالي والأخير.

المصادر:

هنا

هنا

المراجع:

للمصطلحات: هنا

لصحة المعلومات: Fundamental Astronomy 5th ed - H. Karttunen، et al.، (Springer، 2007) WW (1)