علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

مُتلازمة رأس اللسان

على رأس لساني: "أحببتُ ذلك الفيلم حقا، كانت فيه تلك الممثلة ما إسمها، ذات الشعر البنيّ الطويل، تلك التي لعبت دور مغنيةٍ في إحدى الأفلام، انتظر قليلا إسمها على رأس لساني....." معظمنا حدثت معه هذه الحالة، متلازمة على رأس لساني كما يطلق عليها البعض Tip of the Tongueوهي شائعة كثيرا وتُختصر بحالة TOT، وتفسيرها أنَّ أجزاءً من الفص الصدغي الأيسر والفص الجبهي الأمامي في الدماغ تفشل في التنسيق فيما بينها في بعض الأحيان، لاسترجاع الكلمات أو الأسماء المخزنة في الذاكرة، أو المعلومات الأُخرى كما يحدُث معنا عندما ننسى أين وضعنا مفاتيحنا.

وتلعب عدة عوامل دوراً في زيادة احتمال حدوث هذه الظاهرة كالتعب والقيام بعدة أعمال في آنٍ معاً وكذلك التقدُّم في العمر وعوامل أُخرى عديدة، إلَّا أنَّ بعض الأبحاث تنصح بالقيام بخدعة بسيطة لها تأثيرٌ كبيرٌ على إسترجاع الذّكريات و المعلومات حتى تحت الضغط والتوتر.

تُشير نتائج بحث تم نشره في مجلة PLOS ONE إلى أنَّ إغلاق قبضة اليد اليُمنى يؤدي إلى ولوج أفضل إلى الذَّاكرة، فقد طلب فريق البحث التَابع لجامعة مونتكلير الأميركية في ولاية نيوجيرسي من مجموعة من الأشخاص-وهم من مستخدمي اليد اليُمنى- إغلاق قبضة اليد اليُمنى أو اليُسرى عند محاولتهم حفظ قائمة من الكلمات وإعادة الفعل عند محاولة تذكُّرها. أظهرت المجموعة التي أغلقت القبضة اليُمنى أثناء حفظ القائمة والقبضة اليسرى عند محاولة تذكُّرها أظهرت نجاحا في كِلا الفعلين أكثر من الأفراد الذين قاموا بترتيب آخر أو من اللذين لم يغلقوها أساسا. بناءً على ذلك أوضحت رئيسة الفريق المسؤول عن إجراء الاختبار Ruth Popper أنَّ القيام ببعض الحركات البسيطة له دور مؤقت في تغيير التواصل بين مناطق الدماغ المُختلفة وبالتالي تحسين هذا التواصل فيما بينها والنتيجة ذاكرة أفضل، كما أشارت إلى أنَّ إغلاق قبضة اليد يُفعّل مناطق مخصصة في الِدماغ مرتبطة بشكل كبير مع تشكيل الذاكرة وآلية استرجاعها، وستكون هناك دراسات لاحقة فيما إذا كان لمثل هذه الأفعال دورٌ في تحسين الوظائف الإدراكية الأُخرى كمهارات التواصل اللفظي و مهارات الحس المكاني أي بمعنى آخر تذكُر أين وضعت مفاتيح سيارتك.

عندما تصبح الأمور عالقة: تُصيب حالة الـ TOT الأشخاص البالغين وسطيا مرة في الأسبوع، بينما تُصبح أكثر تواتراً مع التقدم في العمر، ومن الضروري معرفة أنَّ وجودها لا يعني تراجُعاً أو ضعفاً في الوظائف الإدراكية للدماغ، بل هي دليلٌ على وجود المعلومات أو الكلمات في الذَّاكرة، و إمكانيَة إسترجاعها لاحقاً حتى لو تطلَّب ذلك الكثير من الوقت. تقول Caroline Racine المُتخصصة في جراحة الأعصاب وعلاج الأورام بالأشعة أنَّ البيانات كالعناوين وتواريخ الميلاد وبعض الأحداث الرياضية قد تكون "عصية" على التذكُر لكن ليس بقدر الأسماء، فالأسماء من أصعب البيانات تذكُراً نظرا لوجودها في أماكن غير محددة في الدماغ، قد تأتينا هذه الحالة أيضاً أثناء كتابة رسالة أو إيميل أو حتى شيك، وتُضيف أن الأشخاص الصم يُصادفون هذه الحادثة أيضا عند محاولتهم الإيماء بأسماء لا يستطيعون تذكُرها جيدا.

كيف نتخلص من مشكلة احتباس الكلام غالبا ما نكون قادرين على تذكُر الحرف الأول من الكلمة، الإسم أو حتى الجملة التي نُحاول قولها، ونكون متأكدين أنَّ أول حرف من هذا الإسم حرف الميم مثلا، أو أنَّ لون شعر الفتاة بني وترتدي عادةً معطفاً أسود، لكننا عاجزين تماما عن تذكُر الإسم، إلاَّ أنَّ المعلومات التي نستطيع تذكُرها تُساهم في كشف الإسم الذي نبحث عنه في ذاكرتنا، فالدماغ يربط عادةَ الكلمات المتعلقة بموضوع واحد، ويُفعّل الخلايا العصبية (العصبونات) في الدماغ ليكون لكلمة واحدة الدور في تفعيل مجموعة من الكلمات الأُخرى المتعلقة بالمعلومة نفسها، وهذا ما تُسميه Racine بالمواربة أي الدوران حول المعنى، والذي من شأنه تفعيل شبكة البيانات المخزنة وإزالة حالة احتباس الكلمة.

أيضا ذِكر الكلمات التي نعتقد أن لها لفظاً مقارباً للكلمة التي نبحث عنها مثل هواء، ماء، ضِياء يُساعد أيضا في تذكر الكلمة لأن الكلمات المتشابهة ترتبط سويةً بطريقة اللفظ، مما يُسهِِّل الوصول للكلمة عند ذكر مشابهاتها. كذلك عند محاولة تذكُر إسم يتهيىء لنا أنَ بدايته هي حرف الميم، نذكر الأسماء التي تبدأ بنفس الحرف مثل محمد، مهند، ماجد....بصوت مسموع، ويحلُّ ذلك مشكلتنا أخيراً. يقول طبيب الأعصاب Alan Shepard: أما إذا كنا عاجزين عن تذكُر إسم أحد زملائنا القدماء، يجب أن نذكر أسماء بعض الأشخاص الذين كانوا معنا في نفس الوقت، وعند عجزنا عن تذكُر فيلم أو أغنية، فالأبطال الموجودون في هذا الفيلم أو لحن الأغنية يقودنا إلى الإسم الذي نريده.

لا تُلقِ لها بالاً: أهم ما ينصح به المختصون بالنسبة لهذه الحالة، هو عدم الذُعر أو الخوف من حدوثها، فالقلق والتوتر قد يزيد الأمر سوءاً حيث أن هذه المشاعر قد تضع الدماغ في حالة المواجهة أو الهروب وتتركه دون القدرة على التركيز على الكلمة العالقة على رأس لسانك.

واحدة من الطرق الناجعة في تذكُر المعلومات هي إخراج الموضوع من تفكيرك. يقول Shepard : التَركيز على حقيقة عدم تذكُر الكلمات تضع الدماغ في حالة من التشتُت، وتمنع المناطق الدماغية من العودة للعمل بشكل طبيعي مرةً أُخرى، عند نسياننا لمشكلة عدم تذكُر الكلمة وانشغالُنا بشيءٍ آخر، سنرى أنَّ الكلمة المطلوبة ستقفز إلى ذهننا بشكل عفوي ودون عناء يُذكَر.

المصدر:

هنا

مصدر الصورة:

هنا