علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث

العناق: طريقك لصحة أفضل!

كلنا يعرف القول الشهير: تفاحة كل يوم تغنيك عن الطبيب دوم! لكننا سنقول: عناق كل يوم يُغنيك عن الطبيب دوم!

قد يعتقد البعض بأن معانقة الآخرين قد تُعرضنا للجراثيم وبالتالي قد تُسبب لنا العديد من الأمراض، إلا أنّ دراسة حديثة تُفيد بأن العناق بالإضافة لدوره في تعزيز شعور التواصل بين البشر هو وسيلة فعالة للوقاية من الأمراض. فحسب دراسة لجامعة 'Carnegie Mellon'، فإن شعور التواصل مع الآخرين وخاصة من خلال التلامس الجسدي قد يحمينا من الأمراض الناجمة عن التوتر، وهذه الدراسة تضُاف إلى الكمّ الهائل من الأدلة التي تُثبت أنّ للدعم الاجتماعي تأثيراً إيجابياً على الصحة، والدعم الاجتماعي كما نعلم هو التفاعل الذي يحدث في العلاقات الاجتماعية الحقيقية أي العميقة التي تعمل كمصدر دعم نفسي خلال الأزمات التي قد تواجه الإنسان. 

 
لإثبات صحة هذه المعلومة قام الباحثون بدراسة على مجموعة من المشاركين لقياس مدى الدعم الاجتماعي الذي يتلقاه هؤلاء، وتم الاعتماد في ذلك على استطلاعات للرأي ومقابلات شخصية يومية على مدار أسبوعين تم من خلالها معرفة لأي درجة يمكن أن يتعرض المشاركون لمشاحنات مع الآخرين ولأي درجة يتلقى هؤلاء دعماً عاطفياً كالعناق والتلامس الجسدي، أخيرا قام الباحثون بحقن المشاركين بفيروس الرشح وتم مراقبة ما قد يحصل. من أهم النتائج التي قدمتها التجربة ملاحظة ما يُسمى "بالتأثير العازل للتوتر" للعناق، فالمشاحنات الاجتماعية قد تُسبب الكثير من التوتر وبالتالي تؤدي لإضعاف مناعة الجسم لكن بغض النظر عن كمية المشاحنات والتوتر التي كان على المشاركين تحملها وجود دعم اجتماعي حقيقي من تلامس جسدي وعناق قد ساهم بجعلهم أقل عرضة لنزلات البرد (الرشح) مقارنة بمجموعة ثانية من الوحيدين الذين بالكاد كانوا ينعمون بشبكة علاقات اجتماعية داعمة، بمعنى آخر إن كلاًّ من الدعم الاجتماعي والعناق يقي من الأمراض.

دراسة أخرى في السويد وجدت أن العلاقة الوثيقة بين التوتر الذي قد يسببه جو العمل وبين خطر الوفاة قد تلاشت تماماً بين الرجال الذين يعيشون في وسط اجتماعي إيجابي، ووفقا لدراسة تجمع بيانات لأكثر من 300،000 شخص وجدت أن مستويات الدعم الاجتماعي المنخفض قد تزيد من خطر الوفاة المبكر وهي ذات تأثير سلبي أكبر من تأثيرات العادات السلبية الأُخرى كالتدخين و استهلاك الكحول، والمثير للاهتمام أن للدعم العاطفي والاجتماعي آثاراً إيجابية لكل من المانح (من يمنح الدعم) والمتلقي (من يتلقي هذا الدعم) على حد سواء.

وفي دراسة أُُخرى وُجدَ أن مرضى الشريان التاجي المعزولين اجتماعياً لديهم معدلات شفاء أقل من المرضى المتصلين بشبكة علاقات اجتماعية وذلك بعد مقارنة ديموغرافية ومقارنة لحدة المرض والمشاكل النفسية، فواحد من كل ثلاثة أشخاص يعاني من وحدة مزمنة، مما يجعله عرضة بشكل مضاعف للأصابة بالأمراض و يُعتبر هذا الأمر مخيف مع تزايد أعداد الناس التي لا تملك أشخاصاُ تعتبرهم محل ثقة.

بناء على ذلك علينا أن نُعطي الأولوية للوقت الذي نمضيه مع المقربين تماما كما نُولي للرياضة والغذاء أهمية كبيرة، وكما نحاول تجنب العادات الغير صحية كالتدخين علينا أيضا تجنب العزلة والحرمان الاجتماعي، حتى ولو كنت لا تحبذ احتضان مئات الغرباء لا تستخف بقوة التلامس الجسدي مع من تحب فقد يكون ذلك سببا في الراحة والشفاء لكليكما.

المصادر:
هنا
هنا
هنا

مصدر الصورة:
هنا